Monday 06/01/2014 Issue 15075 الأثنين 05 ربيع الأول 1435 العدد
06-01-2014

موسم السياحة الشتوية في السعودية .. هل استُغل؟!

لا يمكن أن تشعر وأنت تراقب السيارات المنثورة علي الكثبان الرملية في صحاري نجد, والعائلات المجتمعة حول البحيرات التي خلفتها أمطار الخير, والخيام الممتدة على المسطحات الرملية, إلا بحجم عطش وحاجة الشعب السعودي - عائلات وأفراداً - إلى فسحة من المرح والمتعة والجو العائلي المفتوح بعيدا عن أعين المتربصين في المدن, وحواجز الفصل داخل المتنزهات والمطاعم.

آلاف الأسر تنتظر هذا الفصل الزاخر بالذكريات التي تنسج حكاياتها خلف (مشب الضو) وأباريق القهوة والحليب المعتق بالزنجبيل, وسواليف من الزمن الجميل, تنتشي من ذاكرة الأب أو الأم وألبوم رحلاتهم القديمة الي البر برفقة فوج من الأسرة والمحبين يجتمعون تحت خيمة مرتجلة وبساط ود وعفوية. ولكن وعلى الرغم من مرور عشرات السنوات على تلك الرحلات, إلا أن شكل وطبيعة المكان لم يتغير كثيرا بالرغم من تطور الإمكانات وأساليب التنظيم البشري, حيث لاتزال العشوائية سيدة الموقف.

فمن خلال زيارة خاطفة لي برفقة أعمامي إلى (روضة التنهات) المستلقية ببهاء في شمال نجد, استطعت أن ألمح عشرات الكيلومترات التي لم تستغل خير استغلال, بل ظلت رهن الطبيعة والظروف, حيث أول ما ستلحظه عينك هو مئات السيارات المنثورة حول بحيرة الروضة أو المسطحات الخضراء من حولها, والتي تمنيت أن تتحول بشكل أو بآخر إلى منتزه بري حقيقي ذي إمكانيات وخدمات على مستوى الإقبال الهائل عليه من قبل العوائل والشباب, مسورة بسياج يمنع دخول السيارات وبوابة تشرف على دخول المتنزهين بأسعار رمزية, وعربات مرخصة تمثل محلات تجارية, تبيع الحطب والبسط ومساند الجلوس, بالإضافة إلى عربات مخصصة لبيع مشروبات وتسالي الشتاء الكلاسيكية مثل السحلب والحليب بالزنجبيل والكستناء والذرة المشوية..الخ, وأخرى تؤجر الشوايات وغيرها من أدوات (الكشتة) الشهيرة.

كما من المهم أن تؤمن الجهة المشرفة والتي أقترح أن تكون الهيئة العليا للسياحة والآثار -التي أثبتت للكتاب والصحفيين على وجه التحديد انها مثل الطالب النجيب في مدرسة المؤسسات الحكومية, يحاول أن يتعلم ويتطور ويحسن من أدائه عبر ادارة علاقات عامة نشطة تقرأ النقد وتستفيد منه بإشراف الأمير الطموح سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز - بعض الخدمات الأساسية مثل دورات للمياه وحاويات موزعة في المنتزه للنفايات ومساحات لألعاب الأطفال وغيرها من الخدمات التي ستجذب كماً هائلاً من العائلات السعودية التي أحجمت عن الخروج والاستمتاع بالموسم الشتوي لغياب التنظيم والاحترافية, وسيادة العشوائية والارتجالية على المشهد.

كما لا ننسى الدور الحيوي والهام الذي يقع على عاتق هيئة حماية الحياة الفطرية في المحافظة على حياة الحيوانات والنباتات حول الرياض, من خلال سن قوانين تمنع او تقنن الرعي الجائر, الذي ساهم في انقراض بعض انواع النباتات وهدد البعض الآخر بالزوال.

البيئة الجغرافية الثرية والمتنوعة في المملكة والحضور الصاخب لبعض فصول العام يشكل تحدي حقيقي أمام الجهات المعنية باستغلاله, وعلى رأسها الهيئة العليا للسياحة والآثار في المملكة, والتي كانت ولازالت تبذل جهودا حثيثة للارتقاء بمستوى السياحة الترفيهية في البلاد, ولكنها ما برحت بالرغم من ضخامة الامكانات المادية والجغرافية والبشرية عاجزة عن صنع مناخ ترفيهي منظم يتلاءم مع متطلبات ورغبات الشارع, وما الموسم الشتوي إلا دليل وبرهان على ذلك.

Twitter:@lubnaalkhamis

مقالات أخرى للكاتب