Monday 06/01/2014 Issue 15075 الأثنين 05 ربيع الأول 1435 العدد
06-01-2014

يا وزير التخطيط .. الإسكان مسكوت عنه

الحكايات التي يرويها الأجداد للأبناء هي رسائل مضغوطة، أو هي (نتف) من سجل الماضي تم تناقلها عبر السنين حتى انتهت إلى قول أو حكاية قصيرة مؤثرة, بقيت مع الأجيال كجزء من الخبرات التراكمية غير المدونة.

وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر في حديثه الأسبوع الماضي في (لقاء المعرفة) الذي تنظمه وزارة الخارجية ذكرني بقول متداول بطريقة (القوليات): (قال وراك ما تطلب من عمك ملابس، قال عمي يشوفي). ومثل آخر: (قال ما خسرت، قال لا، قال أجل ما دخلت السوق). فقد قال الوزير الجاسر: (إن زيادة معدل تملك المواطنين للمساكن تعتبر أفضل وسيلة لرفع دخولهم). نشرتها جريدة الجزيرة يوم الجمعة الماضي.

هذه الحقيقة والمعادلة نعرفها جيدا منذ أول تطبيق للخطة الخمسية الأولى عام 1394 - 1395هـ. منتصف السبعينات الميلادية وتعرفها كل دول العالم التي تسعى فيه الحكومات إلى إنشاء المساكن أو مساعدة المواطن على تملك المسكن.

مشروعات الإسكان التي نفذتها المملكة في التسعينات الهجرية وقبل ذلك التاريخ في الستينات الميلادية والمشروعات التي نفذت في أواخر الثمانينات الميلادية دليل على أن تملك المسكن هو محور التنمية، والعبارات التي كنا نسمعها في زمن الطفرة الاقتصادية الأولى: رفاهية المواطن وتعزيز دخل الفرد والاستقرار الأسري والتوطين والاستيطان الجديد، ونشر التنمية ما زال رنينها يسمع.

وزير التخطيط وصل إلى حقيقة : تمليك المواطنين للمساكن أفضل وسيلة لرفع دخولهم. أي أن الخيارات تتجه إلى تمكين المواطن من تملك الإسكان، وهذا أفضل من زيادة الرواتب.

نحن يا معالي الوزير لا نعترض على تمليك المواطنين، ولسنا حريصين على زيادة الرواتب، لكن ونحن في (مداخيل) خطة التنمية العاشرة ومنذ الخطة الأولى 94 - 95هـ والمجتمع يعي هذه الحقيقة، لكن ليس هناك خطوات جادة لتنفيذ هذه المعادلة الاقتصادية، بل إن وزارة مثل أهمية الإسكان تم إلغاؤها عبر مشاورات طويلة وأعيدت مرة ثانية وهي كما هي لم تتغير, فجميع قطاعات الدولة حلت مشكلاتها باستثناء الإسكان، فالكهرباء التي وصلنا في الماضي إلى مولدات منزلية من كثرة الانقطاع والسرج والإضاءة البدائية، حلت أمرها وأصبحنا بحمد الله بلا انقطاعات طويلة، والمياه التي كنا نعتمد على صهاريج (وايتات) الآبار الارتوازية السطحية ذات الوفرة والطعم : الهماج والعفيف والرسيس والقويطير أصبحنا نتقاسم أيام مياه تحليه البحر بلا أزمات. ويمكن القياس على ذلك التعليم والمطارات والنقل والقطارات، والاتصالات الهاتفية فكل شيء تغير للأفضل إلا الإسكان الذي مازالت ملفاته مغلقة في رفوف وزير الإسكان ووزارتكم الكريمة المعنية بالاقتصاد والتخطيط، اقتصاد الدولة واقتصاد الأفراد، والتخطيط للدولة والمجتمع والأفراد، فأنت يا معالي الوزير ترى وتسمع وتشعر ولا تحتاج إلى مزيد من الآراء وتفكيك وفلسفة النظريات الاقتصادية وتجميل عبارات التخطيط. فالمسكن أولا ثم يأتي ما طرحته من خطة استراتيجية: تحويل المجتمع السعودي إلى مجتمع معرفة في جميع المجالات، والتركيز على تحقيق مجتمع منتج في جميع المجالات باعتباره المؤشر الأكبر في موضوع التنافسية التي ستسهم في تحقيق التنويع الاقتصادي المنشود بالمملكة كما طرحته في خطة التنمية العاشرة لبلادنا، إذن الإسكان يجب أن يكون من أهم الأولويات.

مقالات أخرى للكاتب