Monday 06/01/2014 Issue 15075 الأثنين 05 ربيع الأول 1435 العدد
06-01-2014

الأمير نواف بن فيصل عندما ينحاز

«أرجوكم يا جمهور، اهتموا بأبنائكم، أنتم طالبوا، فالإعلام سيتبع ما يطلبه الجمهور» نداء رفعه الأمير نواف بن فيصل بعد أن أدلى بتصريح للوسائل الإعلامية بأنه سيكون هناك تطوير لعمل الاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة لأن يكون لجنة «بارا أولمبية» تضم جميع الجهات ذات العلاقة, ويكون لها مخصصات تليق بهم وجمعية عمومية تضم كل المختصين في هذا المجال، وذلك بعد رعايته لماراثون ملتقى الرواد الثالث الذي تقيمه الجمعية السعودية للمعاقين بالتعاون مع الاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة الذي استضافته جامعة الملك سعود بالرياض يوم الخميس الماضي الموافق 27 ديسمبر 2013م. هذا النداء الذي تم تداوله من خلال «الواتس آب» ووصلني من عدة أصدقاء والذي قال فيه: والله إني أستاء عندما تكون كرة القدم هي محور كل موضوع و أعطوا مجالا للألعاب الأخرى و كل ما أطلب من الإعلام مع الأسف خذلوني لأنهم ما يهتمون إلا بكرة القدم». هو ليس النداء الأول ولا الثاني بل سبقته نداءات كثيرة من الرئيس العام لرعاية الشباب آخرها عندما قال للاعلاميين: اذهبوا لأحمد عيد فهو رئيس اتحاد كرة القدم ولا تشغلوني بكرة القدم، وذلك بعد رعايته لحفل توقيع اتفاقيات شراكة بين المشروع الوطني لتطوير الألعاب المائية وبعض الأندية الرياضية وتجوله بالمعرض المصغر لمنتجات المشروع. إذا كان الرجل الأول المسؤول عن رعاية الشباب والرياضة في بلادنا يشتكي بهذه الطريقة أكثر من مرة، ويطالب الوسائل الإعلامية بمنح الألعاب الرياضية الأخرى حقها من التغطيات الإعلامية وفي مناسباتها الخاصة على الأقل فانني أجزم بأننا أمام مشكلة كبيرة وتحتاج لدراسة تحليلية تحدد ملامحها وأسبابها وكيفية معالجتها بشكل علمي ومنطقي. إن عدم دراسة مشكلة هيمنة كرة القدم وتفاصيلها على الإعلام الرياضي السعودي وعدم تحليلها ومعالجتها سريعاً سوف يترك ألعاب (27) اتحاداً رياضياً دون رعاية إعلامية تقوم بالتوعية وتغطي وتحفز وتضغط وتبرز النجوم وتثني على المنجزين وتنتقد المقصرين، وهو ما يعني أن كل لعبة غير كرة القدم تعاني من ضعف في جناحها الإعلامي ما يجعلها غير قادرة على الطيران وتحقيق مهمتها كبديل رياضي للشباب للاستمتاع بأوقاتهم وإطلاق طاقاتهم من جهة والمشاركة الفاعلة في البطولات الدولية لتحقيق الميداليات من جهة أخرى. نعم، فحتى الآن لا يوجد إعلام رياضي يهتم بالمعنى الحقيقي بكفة الألعاب ويعمل على متابعتها ونشر أخبارها والمطالبة بتطويرها، ومن موقع الممارس أعلم أن أخبار كرة القدم وأحداثها المثيرة تأتي على حساب أخبار وأحداث أي لعبة أخرى وتبعدها من الصفحة الرياضية وإن تم تصميمها وتجهيزها للنشر فالسيادة والأولوية لأخبار كرة القدم، والأسئلة المثيرة التي توجه للمسؤولين وعلى رأسهم الأمير نواف بن فيصل هي أسئلة تتمحور حول كرة القدم وأحداثها ومشاكلها وتطوراتها، ولذلك لا تجد لدى الجمهور الحماسة لمتابعة أي لعبة وأي إنجاز لأي اتحاد رياضي وإن كان عالمياً بموازاة اهتمامه بأي إنجاز كروي محلي لفريقه المفضل . تُرى ماذا يترتب على تركيز اهتمام الإعلام الرياضي السعودي على كرة القدم و عدم اهتمامه ببقية الألعاب ؟ ، رغم أنه ينشر عشرات الصفحات يوميا ويبث عشرات الساعات أيضا فضلاً عما تنشره وتبثه الصحف الإلكترونية؟ يبدو لي أن الآثار السلبية لذلك تتجاوز بكثير قوة مستوى بطولات هذه الألعاب المحلية وقدرتها على تحقيق بطولات دولية وأولمبية، حيث يصل الأثر لعزوف الأطفال والشباب عن الانخراط في هذه الألعاب القادرة على استيعاب الملايين منهم لقضاء أوقاتهم بما هو مفيد وممتع وذو أثر كبير على صحتهم وقيمهم ومفاهيمهم تجاه الحياة والآخرين. هذا العزوف يؤدي لمتوالية الكسل لكل لعبة، فلا منشآت ولا أطقم فنية وإدارية ولا مناهج تدريب أو تعليم تتطور ولا علاقات مع اتحادات دولية تؤسس وتتطور، بل إن بعض اتحاداتنا لم تجد أعضاء لمجالسها، وبالتالي نكون أمام عناصر منظومة متهالكة لكل لعبة لا تقوى على المساهمة في رعاية الشباب بتمكينهم من استثمار أوقات فراغهم التي قد يستثمرها آخرون يستهدفون الشباب لمآربهم التي تضر بشبابنا وبلادنا، كما أنها لا تقوى على إيجاد اللاعبين الموهوبين وتأهيلهم للمشاركة في البطولات الدولية. إن الرئاسة العامة لرعاية الشباب أمام مهمة جسيمة لرعاية ملايين الشباب رياضياً وما يتبع ذلك من رعاية تربوية وصحية وأمنية، والإعلام الرياضي أيضاً يشارك الرئاسة بهذه المهمة الجسيمة، ويبدو لي أن الرئاسة تتطلع وتعمل على النهوض بمهامها بتطوير كافة الألعاب ولكنها تعاني من العوائق لأن الإعلام الرياضي لا يدعمها في هذه المهمة لأنها لازالت ألعاباً غير جماهيرية ونحن لا قد لا نلوم الإعلام لأنه يستجيب لما يطلبه الجمهور لكن الواعز والحافز الوطني قد يوجب ويفرض على الإعلام الإلتفات للألعابالأولمبية التي تدر الذهب وتنمية الإهتمام بها لدى الجمهور من خلال تخصيص صفحات أسبوعية وإبراز لاعبي هذه الألعاب لتتوسع قاعدة الاهتمام بها وذلك جنباً الى جنب مع ضرورة التفات المدارس إلى هذه الجزئية والاهتمام بهذه الألعاب وتقدير المبرزين فيها وهكذا نجعل الإعلام والتعليم يساهم في مسيرة تنمية كافة الألعاب وكافة اتحاداتها لتوفير بدائل متعددة لأطفالنا وشبابنا لقضاء أوقات فراغهم باللعبة التي تلائمهم، وتوسيع قاعدة كافة الألعاب وتطوير منشآتها ومناهجها وفق معايير الاتحادات الدولية وتطوير كوادرها الفنية والإدارية؟ إذا تعالوا بنا ننحاز مثل الأمير نواف بن فيصل لألعاب الذهب التي تعاني في بلادنا فقراً بالاهتمام وبالتالي فقراً بالإنجاز .

مقالات أخرى للكاتب