Tuesday 07/01/2014 Issue 15076 الثلاثاء 06 ربيع الأول 1435 العدد
07-01-2014

متى يدرك الأمريكيون كُنه الصراع..؟!

يختتم الوزير كيري جولته العاشرة في المنطقة، الشرق أوسطية، دون أن يلمس تقدماً فيما يزعم عن عملية السلام، بل في كل جولة من جولاته يرتفع سقف المطالب الإسرائيلية أكثر، بحيث يصبح حلم التوصل إلى تسوية، أكثر بعداً من أي وقت مضى، لأن الإسرائيليين ينطلقون في إعادة صياغة مواقفهم، من واقع التردي العربي الذي لازال يغرق في بحر النتائج الكارثية لما عرف (بالربيع العربي) من جهة، ومن جهة ثانية من تغيب متعمد لحقيقة الصراع، التي تكمن بالعدوان التاريخي والمستمر منهم على الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطينين الذي مضى عليه أكثر من خمسة وستين عاماً، لم يشهد فيها شعب ما، ولم يتعرض لما تعرض له الشعب الفلسطيني بسبب إجراءات الكيان الصهيوني، وبدعم وتواطئ من حلفائه الغربيين، من قتل وتشريد ومعاناة، ومصادرة لحقوقه الوطنية والقومية، في وطنه فلسطين، وقد أثبت الشعب الفلسطيني على مدى تاريخ العدوان والمعاناة التي يتعرض إليهما ولا زال، تمسكه بحقوقه الوطنية وبكرامته، وفي مقدمتها حقه في العودة، وإنهاء الاحتلال، ونيل الاستقلال عن المحتل، تلك الحقائق الموضوعية المغيبة في ذهن الكيان الصهيوني، كما في ذهن الدبلوماسية الأمريكية، التي تدعي البحث عن تسوية تحقق السلام بين الطرفين...، ليحل محلها البحث عن الضمانات التي تكفل وتحقق الأمن للكيان الصهيوني بحده الأقصى، دون مراعاة للسبب الحقيقي للصراع وهو عدوانه المستمر، والمتواصل، على الشعب الفلسطيني، إن هذه المرتكزات والمنطلقات التي ينطلق منها الكيان الصهيوني، في إعلاء سقف مطالبه السياسية، وتنطلق منها الدبلوماسية الأمريكية، ما هي إلا تصورات ساذجة وغاية في الوقاحة، لفرض تسوية مذلة على الفلسطينيين ومعهم العرب، لتفوز إسرائيل بالأمن وبالأرض معاً، وجعل الفلسطينيين غرباء أذلاء في وطنهم التاريخي، وفيما تبقى من بقايا وطنهم، وتجري مساومتهم عليها اليوم لاقتطاع أجزاء مهمة منها، تبقى مرتعاً للاستيطان الصهيوني وقواته، وتحول دون تحقيق الحد الأدنى من الحقوق، المشروعة للشعب الفلسطيني، وكأن حرية الشعب الفلسطيني وكرامته، تهددان أمن الكيان الصهيوني، فلا بد من استمرار مصادرتهما في أية تسوية منشودة حتى يتحقق السلام المنشود بين الطرفين...!

على هذه القاعدة يبني الكيان الصهيوني مطالبه واشتراطاته، والمتمثلة في انتزاع اعتراف الفلسطينيين بيهودية كيانه، وإسقاط المطالبة بحق العودة، وبقاء الكتل الاستيطانية التي عمل على بنائها وتوسيعها في الأراضي المحتلة للعام 1967م، واقتطاع الغور الفلسطيني، وإبقاء قوات الاحتلال فيه، والتنازل عن حق السيادة على القدس لصالح بقاء القدس عاصمة موحدة لكيانه، ومن ثم إقامة دولة فلسطينية مسخ، على أجزاء وبقايا متناثرة من أراضي الضفة الفلسطينية، منزوعة السلاح، ومنزوعة السيادة، ومنزوع الدسم... كل ذلك من أجل ضمان أمن الكيان الصهيوني وأمن مستوطنيه...!

إن هذه الذهنية التي تبنى على أساسها مواقف الكيان الصهيوني، وتجد تفهماً لدى الدبلوماسية الأمريكية ورئيسها السيد كيري، لا يمكن لها أن تبني تسوية ولا سلاماً، وإنما تؤسس إلى إشعال الصراع من جديد، ليدخل أطرافه في دوامة من العنف، وإنها رسالة واضحة للفلسطينيين كي يسقطوا حلم انتزاع حقوقهم بواسطة المفاوضات، وتدفعهم للبحث عن وسائل أخرى لانتزاع حقوقهم، واسترداد كرامتهم وإنهاء الاحتلال، وتنفيذ الشرعية الدولية كما أقرها ميثاق الأمم المتحدة، وأكدت عليها القرارات الدولية الأممية الخاصة بالصراع العربي الإسرائيلي وبالقضية الفلسطينية.

فمتى يدرك الكيان الصهيوني، أن مطالبه هذه غير قابلة للتنفيذ؟ ومتى تدرك معه الدبلوماسية الأمريكية أن هذه المطالب وهذه الرؤى لا يمكن أن يبنى على أساسها تسوية أو سلاماً كما يدعون؟ إن تجاهل الحقوق المشروعة لشعب الفلسطيني، لحساب تحقيق أقصى درجة ممكنة لأمن الكيان الصهيوني لن تحقق التسوية، ولن تحقق السلام بين الطرفين، فعلى الأمريكيين أن يدركوا كنه الصراع، قبل أن يفكروا بإبداع الحلول، حتى يتمكنوا من النجاح في قيادة المفاوضات الهادفة إلى تسوية أو سلام بين الطرفين، يبعد شبح العنف والإرهاب عن المنطقة.

فمتى يدرك الأمريكيون كنه الصراع...، ويدرك الإسرائيليون ثمن الأمن والسلام؟؟

أظن أن ذلك لا زال بعيداً عن العقلية الصهيوأمريكية المزدوجة، المبنية على فلسفة أن الأمن لإسرائيل وحدها والأرض لإسرائيل وحدها...!

E-mail:pcommety@hotmail.com

عضو المجلس الوطني الفلسطيني - المدير العام لمكاتب اللجنة الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني بالمملكة - الرياض

مقالات أخرى للكاتب