Tuesday 14/01/2014 Issue 15083 الثلاثاء 13 ربيع الأول 1435 العدد

الطيور البحرية ... في بحر الوطن (1-2)

مع دخول فصل الشتاء بدأت وتيرة الهجرة للطيور العابرة بالتناقص، وتزيد حركة الطيور الزائرة لبلادنا الحبيبة لتقضي فترة الشتاء في هذه الأرض الطيبة، لكن هناك طيوراً أخرى تغادرنا بعد أن أنهت موسماً حافلاً خلال تكاثرها في فترة الصيف ورعاية صغارها مع أول أشهر الخريف، لتبدأ مرحلة أخرى في حياتها تقضيها متنقلة عبر البحار والمحيطات باحثةً عن الدفء والغذاء لمدة تزيد على ستة إلى سبعة أشهر قبل أن تعود إلى بحر الوطن، لتبدأ في التعشيش ولتنتج أجيالاً تعلمهم عن هذه الهجرة وما علّمهم الله لتحقيق ما أمرهم الله به، وتشعرك وأنت تشاهدها في موسم التكاثر بفرحة العودة لأرض الوطن، فهي تعود إلى ذات المكان التي خرجت فيها لهذه الحياة، وعليه فهي طيور مهاجرة صيفية تأتي للمملكة للتعشيش، وبعد انتهاء الموسم تغادر المنطقة ولا يعود بعضها إلاّ في موسم التكاثر التالي، وتذكّرني مشاهدتها دوماً بشعور الارتياح والشوق بالعودة للبيت بعد رحلة عمل طويلة، إنها الطيور البحرية المعششة في بلادنا، لقدت أشعرتني هذه الطيور بروعة وجمال هذا الوطن وما يحمله من مخزون طبيعي يمكن أن يعطي دروساً وتجارب لأبنائه تزيد في عشقهم لترابه وسماه وما على أرضه وبحره، وقد رغبت أن أبحر بكم للتعرف على هذه النوعية من الطيور، ولنتعرف معاً على ما لدينا من جمال فطري في بلادنا الغالية، ومشاهدة بعض أنواع الطيور البحرية المعششة في بحر الوطن.

محطتنا كانت الجزر البحرية بالشمال الغربي من البحر الأحمر، الوقت هو شهر يوليو من عام 2011م والمعروف بارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، وقد كنت بصحبة د. عبد الهادي العوفي من جامعة تبوك وأربعة من طلاب البكالوريوس والدراسات العليا بجامعة تبوك والطائف والملك سعود، وكانت مدينة الوجه هي محطتنا الأولى لزيارة الجزر، وهي مدينة ساحلية مطلة على البحر الأحمر، تقع في الجزء الشمالي الغربي من مملكتنا الحبيبة، وتتبع إدارياً منطقة تبوك، وتبعد حوالي 325كم جنوب مدينة تبوك. والوجه من الموانئ القديمة على البحر الأحمر، ويشير المؤرِّخون إلى أنّ أول ميناء بها كان خلال العصر الفرعوني عُرف في ذلك الوقت بميناء إرجا، وفي أوائل القرن الماضي استخدمت البحرية العثمانية الوجه كقاعدة لسفنها، والوجه من أوائل المدن بالمملكة التي بدأ فيها التعليم الحديث، حيث عرفت أول مدرسة مع بداية القرن الماضي (1914م) سمِّيت بمدرسة الوجه الخيرية، ويعشق أهل الوجه البحر ويخرج أكثرهم لصيد السمك لكسب الرزق وللمتعة، فمنهم الموظف والتاجر يجمعهم عشقهم للبحر توارثوه جيلاً بعد جيل.

والطيور البحرية هي تلك الطيور التي ترتبط بالبيئة البحرية في معظم شئون حياتها، حتى أنّ بعض علماء الطيور يطلقون عليها الطيور البحرية الحقيقية، ويزيدون على ذلك أنها تلعب دوراً مهماً في النظام البيئي البحري، حيث وضعها العلماء على قائمة الهرم الغذائي في البيئات البحرية، فهي تتغذى على الأسماك الصغيرة والقشريات، وهذه الأخيرة تتغذى على الكائنات الأصغر منها من قشريات وكائنات دقيقة كالبلانكتون والطحالب ونباتات بحرية، مما يجعلها في أعلى الهرم الغذائي، وعليه فقد استخدمت كأداة أو كمؤشر حيوي لمعرفة التغيرات في البيئات البحرية، ويؤكد ذلك نتائج دراسة لباحثين كنديين، حيث تمكنوا من متابعة التغيرات في المعادن الثقيلة بمنطقة ألاسكا لمدة 150 سنة، وذلك عن طريق تحليل بعض أجزاء من بقايا الطيور البحرية الموجودة بالمتاحف.

وتوجد بالبحر الأحمر أنواع من الطيور البحرية المتوطنة (Endemic) وهي أنواع محصورة في مناطق وبيئات معينة ضمن نطاق جغرافي محدد، ولا توجد في مناطق أخرى من العالم إلا في هذه المنطقة. ومن هذه الأنواع المتوطنة: النورس أبيض العين والذي يتواجد ويعشش فقط بالبحر الأحمر وخليج عدن، كذلك الغاق السقطري والذي يعشش فقط بالخليج العربي وخليج عدن، بالإضافة إلى هذين النوعين فهناك سلالات لأنواع أخرى تعتبر متوطنة للمنطقة، منها سلالة الطائر الاستوائي أحمر المنقار وسلالة الأطيش البني، وهناك أيضاً سلالات متوطنة لمنطقة شمال غرب المحيط الهندي والتي تشكّل منطقة البحر الأحمر وخليج عدن الجزء الأكبر لتواجد هذه الطيور، ومنها النورس الأسحم والخرشنة المتوجة الكبيرة، ولا يقتصر أهمية المنطقة للطيور البحرية على هذا فحسب، ولكن هناك أنواع بالرغم من انتشارها في مناطق أخرى من العالم، إلاّ أنّ أعدادها بالبحر الأحمر والخليج العربي عالٍ جداً مقارنة بالمناطق الأخرى، ومن هذه الأنواع الخرشنة بيضاء الخد والخرشنة المتوجة. وقد وضع الاتحاد العالمي لصون الطبيعة (IUCN) عدداً من هذه الأنواع ضمن قائمة الطيور المهددة بالانقراض أو القريبة من مرحلة التهديد بالانقراض على المستوى العالمي، كخرشنة ساندرس الصغيرة والغاق السقطري والنورس أبيض العين.

ويرجع تكاثر هذه الطيور في فترة الصيف إلى وفرة الغذاء في هذه الفترة، حيث تشير عدد من دراسات الطيور إلى أن معظم الطيور تتناسل في الوقت الذي يتوفر فيه الغذاء، وعليه فإنّ الله جعل لهذه الطيور فسيولوجية وعلّمها سلوكيات تساعدها في تخفيف درجات الحرارة العالية، وتختلف الطيور البحرية عن طيور اليابسة في شكلها وخصائص دورة حياتها، فهي تعشش بمستعمرات بأعداد كبيرة وتستخدم نفس الموقع للتعشيش لسنوات عديدة، فهي تتميز بطول أعمار أنواعها وقلة إنتاجها، فأعمارها تصل بين 12-60 سنة، وفترة النضوج الجنسي عندها أكبر من رتب أخرى من الطيور، حيث تبدأ التزاوج وعمرها أكثر ثلاث سنوات، وعدد البيض في معظمها لا يزيد على 1-2 بيضة، وتصل أعمارها إلى من 20-60 سنة تقريباً.

وقد ارتبطت الطيور البحرية بسكان المدن الساحلية والجزر حول العالم، فقد عرفت بأنها ترشد صيادي الأسماك بمواقع صيد الأسماك الجيدة، ففي الخليج العربي عُرف الغاق السقطري بأنه يرشد الصيادين لمناطق الصيد الجيدة، فهي تقوم بالصيد الجماعي مما يمكّن الصيادين من مشاهدتها من مسافات بعيدة خلال غطسها بالماء وخروجها منه، كذلك هناك طيور الخرشنة والتي أشار عدد من صيادي الأسماك بالبحر الأحمر إلى أنها كانت تدلهّم على مواقع صيد الأسماك، فالطيور البحرية تقوم بمتابعة مجموعات الأسماك الصغيرة والتي يصعب على الصيادين التنبؤ بأماكن وجودها، وهذه المجموعات من الأسماك الصغيرة يتبعها أيضاً أسماك كبيرة، لذا فإنّ اكتشاف هذه الطيور لهذه التجمعات للأسماك، يدل الصيادين على مواقع الصيد الجيدة. ليس هذا فحسب، فقد وفرت الطيور البحرية مصدراً من مصادر البروتين خلال مواسم معينة من العام، حيث عُرف تغذي السكان المحليين على بيض وصغار الطيور البحرية. كما أن مخلفات الطيور البحرية استخدمها الإنسان بجنوب البحر الأحمر كسماد للزراعة يُعرف بـ «الجوانو»، وقد عُرف استخدام هذه المادة بشكل أكبر في خليج عدن وبالتحديد على الجزر الصومالية كجزيرة سعد الدين وجزيرة مايت. ولكن للأسف في الآونة الأخيرة ومع استخدام القوارب ذات المحركات القوية وتوفر الأسمدة الصناعية الزهيدة الثمن، زاد استنزاف الصيادين لبيض الطيور، فبدلاً من أن تكون جزءاً من التعايش ضمن تقاليد متوارثة تقودها الحاجة تحت شعار الاستخدام الأمثل لهذا المصدر، أصبحت مباهاة وإبادة، فأصبح سكان بعض الجزر والسواحل يتنقلون بين الجزر بأوقات قياسية ويعملون على جمع أكبر كمية من البيض، وهذا بالطبع أدى إلى تأثر الطيور البحرية ليس على المستوى المحلي، ولكن أيضاً على المستوى العالمي.

مع بزوغ فجر اليوم التالي من وصولنا للوجه، تحركنا لمرسى القوارب لنصل لمرسى القوارب، وكان بانتظارنا كابتن رحلتنا الأستاذ محمد الرشيدي صاحب القارب والمميز بابتسامته وملامح وجهه القمحية والتي ضربتها أشعة الشمس، والدالة على خبرته في البحر بالرغم من صغر سنه. أخذ الكابتن محمد أوراقنا الثبوتية لإنهاء إجراءات الرحلة مع حرس الحدود، وصعدنا نحن للقارب وأصوات الطيور البحرية حولنا تخفف علينا من حرارة الجو المرتفعة والرطوبة العالية، وقد كانت فرصة كبيرة لتعريف الشباب بهذه الطيور البحرية قبل الوصول إلى مناطق تعشيشها، فكان هناك عدد من البلاشين الخضراء الظهر وخمسة من بلاشين الصخور على قوارب الصيادين المنتشرة بالمرسى منها الغارق في سباته وآخرين يصففون ريشهم وقليل منهم يتنقلون بين القوارب بحركات وقفزات بطيئة، عَلّها تجد بعض بقايا من الأسماك والحشرات على القوارب المصطفة بالمرسى، ومن فوقنا كثر هرج ومرج النوارس منها الأسحم وأبيض العين، وكانت فرصة لتوضيح الفرق بين الطائرين وإن كان معظمها طيور يافعة لكن الحجم وسماكة المنقار ولون الأرجل والبياض حول العين، يمكن أن يدلنا على الفرق بين الطائرين. ما هي إلا لحظات حتى عاد الكابتن وبدأ بتشغيل المحركات بالقارب فضاعت أصوات الطيور مع تسارع حركة المحرك لتعلن بداية الرحلة، فأخذ كل منا مقعده بالقارب وبدأنا نستمتع بتيار الهواء البارد على أجسادنا ليخفف عنا الحرارة والرطوبة العاليتين اللتين تشتهر بهما سواحل البحر الأحمر في مثل هذا الوقت من السنة.

تحرك القارب بنا شمالاً لجزيرة النبقية وهي جزيرة رملية صغيرة لا يزيد طولها على 200م، وعرضها 30-40 متراً فقط لكنها وبالرغم صغرها، فإن فيها أنواعاً عدة من الطيور البحرية تعشش وبأعداد كبيرة، وما إن اقتربنا من الجزيرة حتى خف صوت المحرك وتباطأت بعدها حركة القارب حتى توقفت تلك النسمات وبدأنا نشعر بحرارة ورطوبة الجو، والكل يسأل بقرارة نفسه كيف لهذه الطيور تحمل هذه الحرارة والرطوبة المرتفعة خاصة في فترة الظهيرة. ما إن توقف المحرك حتى بدأ صمت رهيب يخيم على المكان فيما عدا أصوات الطيور على الجزيرة وصوت الأمواج المرتطمة بالقارب... وكسر هذا الهدوء صوت سقوط المرساة بالماء وبدأ الكابتن محمد بالعمل لإيقاف القارب بالمنطقة السهلة لخروجنا للجزيرة.

نزل الفريق على أرض الجزيرة بحذر حتى لا تفزع الطيور وتبتعد لفترة طويلة عن أعشاشها، مما يؤدي لفساد البيضة أو موت الفراخ نتيجة لتعرض البيض والفراخ لحرارة الشمس العالية في هذا الوقت من العام، لذا كان علينا الحذر والنظر عن بُعد والابتعاد سريعاً من مواقع البيض حتى لا نؤثر على تعايش هذه الطيور ونكون كما يقول المثل جاء يكحلها... عماها؛ فقد جئنا رغبة في التعرف على هذه الطيور وليس للتأثير عليها.

ما إن توقف القارب حتى ارتفعت أصوات الطيور وبدأت تطير فوق الجزيرة والقارب، وكأنها تحذّر بعضها البعض عن خطر قدومنا، وبدأ الجميع ينظر من خلال مناظيرهم المقربة لهذه الطيور وسلوك الهرج والمرج بالمستعمرة لحظة وصولنا، وبدأت علامات التعجب على وجوه الطلاب من سلوكيات هذه الطيور، وبدأت أعينهم تنظرها من خلال مناظيرهم المقربة تارة وبأعينهم المجردة تارة أخرى، وقبل أن يتفوه أحدهم بأسئلته أشرت عليهم بالهدوء والنظر لأقرب هذه الطيور إلينا، وكانت الخرشنة المقنعة وهي من الطيور البحرية التي تضع بيضها تحت الشجيرات والصخور، وكانت تقف على الشجيرات بالقرب منا، والحقيقة أن كل واحد من هذه الطيور واقف فوق هذه الشجيرات يدل على أن لديه عشاً تحت هذه الشجيرة التي يقف عليها، نزلنا من القارب واقتربنا من تلك الشجيرات وكان منظراً لا يُنسى، فقد كان هناك فرخ يبذل جهده للخروج من البيضة، وقد كان المنظر يشعرك بميلاد حياة جديدة وصراع البقاء، فالجهد الذي يبذله الفرخ المقفل العينين للخروج من البيضة، يجعلك تتسمر أمام هذا المنظر الجميل جعل الجميع يتمتم بصوت خافت ... سبحان الله،

والخرشنة المقنعة تتميز بلونها الأسود المائل للرمادي والجبهة البيضاء والمنقار والأرجل سوداء والذيل شوكي والجزء الخارجي للذيل أبيض، ويعرف أن هذه الطيور تعشش دائماً بالظل على الجزر بالمناطق الرملية ذات الغطاء النباتي الجيد إما تحت الشجيرات أو الصخور، والعجيب في هذه الطيور أنها تعود لنفس منطقة العش ولنفس الشجيرة في كل عام للتعشيش، ويصل عددها أحياناً بالمستعمرة إلى أكثر من 2000 زوج، وتصل أعمارها لأكثر من 17 سنة.

وبينما نحن نصور المنظر نادانا أحد الطلاب وهو ينظر عبر منظاره المقرب... ما هذا الطائر الجارح الذي يحمل بأرجله سمكة؟ فنظرت للمكان الذي يشير إليه فإذا هو العقاب النساري يمسك بمخالبه القوية سمكة متوسطة الحجم، نظرنا إليه وهو يبتعد إلى أن نزل على صخرة على الشاطئ الرملي وبدأ في التغذي على فريسته. والعقاب النساري من أكثر الطيور انتشاراً على مستوى العالم، وبالرغم هذا الانتشار إلا أنه للأسف الشديد بدأت أعداده بالتناقص بشكل كبير وملفت للنظر، حتى أصبح نوعاً توليه عدد من الدول أهمية خاصة، كما قامت دول بإعادة مجموعة منه للبرية بعد أن اختفى منها نتيجة التسميم ونقص الفرائس، ومن مميزاته الشكلية اللون الأبيض المشوب باللبني الخفيف للريش بالمنطقة البطنية، أما الناحية الظهرية فيغطيها ريش ذو لون بني داكن، ويغطي قناع داكن يلتف من قاعدة المنقار ممتداً ليغطي المنطقة حول العينين وجانبي الرقبة، ليتصل مع الريش البني الداكن خلف الرأس. وتحمل القدم ثلاثة أصابع أحدها يتحرك بسهولة للخلف، في نهايتها مخالب طويلة وحادة، حيث تعمل هذه الأصابع الثلاثة كقفل مزدوج قادر على القبض على السمكة والمحافظة عليها من الانزلاق أثناء طيرانه. وتشير الدراسات إلى أن العقاب النساري يوجد بالمملكة في معظم الجزر البعيدة والقريبة من السواحل، وأعشاش هذه الطيور لا يمكن تجاهلها، فهي كبيرة وتصل أحياناً لارتفاع قرابة المترين، يبنيها من أغصان الشجيرات ويزيدها في كل عام عدداً من الأغصان لتصل لهذا الارتفاع، كما يقوم بتبطينها ببعض الطحالب البحرية والحشائش.

بعد أن استمتع الجميع بهذا المنظر، أخذ كل منا قنينة من الماء لنتوغل داخل الجزيرة، وتبدأ عندها طيور الخرشنة بيضاء الخد الطيران فوق رؤوسنا بشكل هجومي، حتى أن أحد الطلبة استأذن للعودة للقارب خوفاً من أن تهاجمه هذه الطيور، خاصة أن أصواتها المميزة يعطيك إحساساً بأنك ارتكبت جرماً في حقها، والحقيقة إن هذا السلوك يدل على قربنا من مستعمرته، وأن لديها بيضاً وفروخاً حديثة الفقس، لذا كان علينا الحذر من أن نطأ بيضها أو فروخها وربما علينا الاكتفاء بمراقبتها عن بُعد، فهي تمتاز عن سابقتها بأنّ اللون الأسود يغطي معظم منطقة الجبهة وأعلى الرأس وجزءاً من الجهة الخلفية للرقبة، بالإضافة للون الأبيض على الخدين والمنقار الأحمر القاتم والذي يغطي السواد على قمة المنقار والأرجل حمراء اللون والجسم يميل للون الرمادي حتى تحت الجناح، ومن المعروف أن هذه الطيور تنتشر بأعداد كبيرة بالبحر الأحمر بشكل كبير جداً، كانت الأعشاش لهذه الطيور متفرقة يبعد الواحد منها بين نصف متر إلى خمسة أمتار، وكان بها من 1-2 بيضة.

بينما كنا ننظر لهذه الطيور عن بُعد، لاحظنا قيامها بسلوكيات جميلة، حيث كان بعضها يذهب للبحر وتقوم بغطس أرجلها وبطنها بماء البحر ومن ثم تعود للعش ليسقط ماء البحر على البيضة وأرضية العش، وهذا يساعد على خفض درجة حرارة البيضة وأرضية العش، لقد كان المنظر جداً رائعاً يشعرك بعظمة الخالق سبحانه، فقد علّم هذه الطيور طرقاً يمكن أن تسهل وتخفف عليها الحرارة الشديدة، فسبحانك ربنا أنت من عَلّمْتَ هذه المخلوقات كيف تقي نفسها وبيضها وفراخها من أشعة الشمس الملهبة، ولك الحمد ربنا على أن بلّغتنا لترى أعيننا عظيم خلقك وجمال هذه الأرض الطيبة ... دام عزّك يا وطن.

د. محمد بن يسلم شبراق - وكيل عمادة البحث العلمي بجامعة الطائف