Wednesday 15/01/2014 Issue 15084 الاربعاء 14 ربيع الأول 1435 العدد
15-01-2014

دور التربية تجاه الحراك الإيراني

تجمع الكتابات في مجال التربية أن مؤسسات المجتمع المدني الرسمية هي مؤسسات تربوية؛ لأنها تستهدف تحقيق التنمية و التنشئة والتهذيب والإصلاح والتزكية والتقوية والمحافظة والتعليم والرعاية والتربية.

وهذه الغايات منوطة بمؤسسات تعليمية كالمدرسة وما في حكمها، ومؤسسات دينية كالمسجد والحسبة، ومؤسسات اجتماعية كالأسرة وجماعة الرفاق والصوالين الثقافية والأندية الأدبية، ومؤسسات أمنية كإدارات الشرطة والمرور والسجون، ومؤسسات إعلامية كالتلفزيون والإذاعة والصحافة، وتقنية كوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

وتختلف هذه المؤسسات في رؤيتها ورسائلها وأهدافها وخططها وآلياتها، لكنها تتفق معاً في أهدافها الإستراتيجية العامة وهي خدمة المجتمع وأفراده على حد سواء. وتتطلب هذه الغايات القيام بأدوار منظمة وهادفة. وقد تم في هذا الحيز عرض بعض الأدوار لأهم مؤسسات التربية في الظروف الراهنة ومنها:

الدور الإعلامي

هذا الدور من أهم أدوار مؤسسات التربية الرسمية في المجتمع السعودي الذي تتبناه هذه المقالة. وهو مسؤولية وسائل الإعلام المختلفة وقنوات التواصل الاجتماعي. والحقيقة أنه موجود ولكن على نطاق محدود، ويتمثل في فن من الفنون الإعلامية وهو المقال. إذ توجد بعض الأقلام الوطنية الغيورة، وغير الوطنية التي لديها حس إسلامي صحيح. لكن عيبها الوحيد أنها باللغة العربية، وليست موجودة باللغة الفارسية أي لغة الشارع الإيراني. في حين عندما تتصفح في محرك البحث (Google) تلحظ صحفاً إيرانية إلكترونية موجهة للعرب، ومستخدمة أكثر من فن إعلامي، ومن هذه الصحف: الوفاق، وكيهان، وإيران أربيك راديو، ووكالة أنباء فارس، والمعرفة، وهمشري أون لاين، والجمهورية الإسلامية، وصحفاً أخرى لغير العرب أي الناطقين باللغة الإنجليزية مثل تايمز الطهرانية، وإيران ديلماسي.

بينما التغريدات في (Twitter)، ومقاطع الفيديو في برنامج (Keek)،و(Youtube) و(Facebook) فهي لا تعدو أن تكون سطحية، بمعنى لا تقدم خلفية تستحق الاهتمام، بل وبعضها هجومية، حيث تعطي المتلقي لها أن الإنسان السعودي عدواني وبسيط وهذه تحقق الأغراض الإعلامية التي تخدم الحراك الإيراني.

والهدف من القيام بهذا الدور هو الوصول إلى أماكن تواجد الإيرانيين إلكترونياً فيتم تزويدهم بكافة الفنون الإعلامية عن الحراك السعودي في المنطقة، والتي من شأنها أن تسهم في التشكيل الصحيح لأفكارهم والتوجيه السليم لميولهم وقيمهم وسلوكهم واتجاهاتهم والتصحيح لما هو مشوه من أفكارهم وقيمهم واتجاهاتهم على اختلاف أعمارهم وتعليمهم عن هذا الحراك.

ومن متطلبات القيام بهذا الدور هو الشروع في عمل صحف إلكترونية باللغات المستخدمة في إيران، يقوم عليها إعلاميون وطنيون يحبون هذه البلاد على قدر حبهم لأنفسهم، وأعتقد أنها لا تكلف كثيراً من حيث الإمكانات الفنية والمادية بقدر ما تحتاج إلى معرفة تامة بلغات الشارع الإيراني. والأثر التربوي لهذا الدور تلقي الجمهور المستهدف هنا مادته الإعلامية من مصادر غير إيرانية؛ لأنك عندما تتصفح الصحف الإيرانية الإلكترونية العربية وغير العربية تجد هجوماً شرساً على دول الخليج والسعودية على وجه التحديد، الأمر الذي يشكل معارف واتجاهات سلبية عنها، وهذا ما تريده قيادة النظام الحاكم في إيران، إذ إنه يخدم مصالح الحراك الإيراني غير السلمي.

الدور الدعوي

وهذا الدور على درجة كبيرة من الأهمية على غرار الدور الإعلامي، وقد لا يكون فاعلاً إلا في دول الخليج، ويوجه للطائفة الشيعية، ويتم من خلال أناس كانوا على المذهب الشيعي ثم تحولوا إلى مذهب أهل السنة والجماعة مهما اختلفت مستوياتهم التعليمية والثقافية؛ إذ يتوافر لديهم مهارات التواصل مع أفراد وجماعات طائفتهم السابقة، ويشترك في هذا الدور، ويكون هذا النشاط تحت إشراف دعاة ووعاظ مكلفين من قبل مقام وزارة الشؤون الإسلامية.

والهدف من القيام بهذا الدور هو وجود البعض من الشيعة لديه رغبة أكيدة في معرفة صحة ما هم عليه؛ نظراً لكونه ُمغرراً به في طقوس طائفته، وبعضها الآخر لديها ميل للتعايش السلمي مع الآخرين، وقد لاحظت ذلك من احتكاكي بأكاديميين في المؤتمرات العلمية التي حضرتها، وزمالتي لبعضهم أيام الدراسة داخل السعودية وخارجها، أو زمالتي لهم في العمل.

والجمهور المستهدف هنا يكون من الراشدين وكبار السن؛ نظراً لتأثيرهم السريع على الأطفال والشباب، ويتم في هذا الدور إعطاء أساسيات عن المذهب الشيعي ومذهب أهل السنة والجماعة، وتوضيح حرمات المسلم على المسلم في دمه وماله وعرضه، وضرورة الالتفاف على القيادة انتماءً وولاءً، والاستشهاد بأمثلة من تعامل الفرس مع شيعة العرب. ومن متطلبات القيام بهذا الدور هو الوصول إلى الأفراد الذين تحولوا إلى مذهب أهل السنة، وعمل تهيئة فكرية وعلمية لهم، وتزويدهم بمهارات نشر الفكر الصحيح في ضوء خطة منظمة. ومن الآثار التربوية لهذا الدور هو العمل على تصحيح مفاهيم من لديه الرغبة في معرفة حقيقة المذهب الشيعي فكرياً وسياسياً واجتماعياً، وتعزيز رغبة من لديه ميل للتعايش السلمي مع أهل السنة.

الدور الثقافي

وهذا الدور يكون فاعلاً عندما يتم الاستفادة من تأثير بعض مؤسسات التربية في المجتمع مثل الصوالين الثقافية التي يقيمها أهل الفكر والعلم ووجهاء المجتمع أسبوعياً، ومنها منازل العلماء والخبراء، وقصور القادة من الأمراء والمشايخ، والأندية الأدبية. وجمهور هذه المؤسسات من الشخصيات النافذة لدى الشيعة.

والهدف من القيام بهذا الدور تعرف على تفكيرهم وميولهم وتطلعاتهم، والعمل على وضع خطط لمواجهتها، وامتصاص طاقاتهم المتوقدة وبالتالي توجيهها لما يخدم الإنسان والمجتمع بدلاً من استفادة الخصوم من إمكانات هذا الجمهور. ومن متطلبات هذا الدور رصد هذه الشخصيات، واتباع الآليات التي يستخدمها القائمون على هذه المؤسسات في الدعوة والاستضافة، ويمكن الاستفادة من وجهاء المجتمع في دعوتهم.

الدور الرياضي

وهذا الدور يوجه لفئتي الأطفال والشباب، ويقوم به مدربون من الشباب تحت إشراف مقام الرئاسة العامة لرعاية الشباب؛ نظراً لقرب الاهتمامات معاً. ومن مؤسسات هذا الدور جماعات الرفاق، وأمثلتها: الفرق الرياضية في الأحياء السكنية أو ممن يذهب إلى المعسكرات الصيفية والرحلات العلمية والترفيهية. ومن المؤسسات الأندية الرياضية، وبيوت الشباب.

والهدف من هذا الدور هو احتواء أفراد هاتين الفئتين؛ نظراً لأنهم في طور التشكيل، في مختلف جوانب النمو في شخصياتهم الدينية والخلقية والذهنية والنفسية والاجتماعية والبدنية. حيث إن لهذه المؤسسات دور تربوي يتمثل في تحقيق التنمية الهادفة بالفكر والقيم والاتجاهات والسلوك، وتحسين المعوج فيها. وهي قادرة على ذلك وأكثر لإمكاناتها المتاحة.

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل هذه البلاد آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل جهة، وأن يكشف لقادتها كل متربص في داخلها وخارجها، وأن يضرب الظالمين بالظالمين ويخرجها من بينهم سالمة غانمة. آآمين.

malnooh@ksu.edu.sa

كلية التربية - جامعة الملك سعود

مقالات أخرى للكاتب