Saturday 18/01/2014 Issue 15087 السبت 17 ربيع الأول 1435 العدد
18-01-2014

قيادة الدمج أم قيادة الانقسام!!

تحتاج منظمات عصرنا الحاضر إلى قيادة الدمج؛ ليتمكنوا من الاستجابة للتغيير بمرونة وتكيف أكثر.

عادة ما يشعر المديرون بالإحباط، وبالفشل غالبًا، عند محاولتهم الترويج للتغيير، وينطبق ذلك بصفة خاصة عندما تفشَل العديد من الجهود في إحداث تغيير. هذه الإخفاقات تتضمن محاولات (لإعادة البناء، وإعادة الهيكلة، وتطوير الجودة، والتقنية، والتعزيز، ونظام الحوافز، والتقليص). كثيرًا ما فشِلت هذه الحملات؛ لأنها كانت معتمدة على استخدام (الأنظمة الموضوعية والمنطقية للتغيير).

وقد ينبع الفشل أيضًا من إجراء تغيير (بأسلوب نحن وهم)، مع القادة والمديرين الذين يوجهون عملية التغيير، ويتوقعون التغيير من العاملين، ولحدوث تغيير حقيقي، يجب على المديرين والتنفيذيين الاندماج مع الآخرين في المنظمة.

إنَّ من ميزات قيادة الدمج اجتذابها لتوق الموظفين العميق للقيام بعمل ذي معنى؛ إذ يرغب الأشخاص في تطوير قدراتهم الإبداعية والإسهام الحقيقي في المنظمة. هذا الأسلوب يعطي الأشخاص فرصة للتعبير عن القدرات البارعة الأكثر عمقًا التي تعزز التطور الذاتي.

يقول ريتشارد دافت في كتاب بعنوان (قيادة الدمج): أسلوب قيادة الدمج هو عكس أسلوب قيادة الانقسام. إن أسلوب الانقسام يطابق طريقة انفجار القنبلة الذرية عن طريق انقسام ذراتها. إدارة الانقسام تعتمد على نظام القيادة الرسمي الذي يقسم الموظفين، ويفصل بشدة الأفراد والوحدات داخل المنظمة، وتؤكد على المنظمة التي تدار كآلة؛ حيث تلعب العاطفة دورًا ضئيلاً.

وعلى النقيض من ذلك، تعتمد قيادة الدمج على مبادئ الاندماج النووي؛ حيث تتحد نواة الذرات معًا؛ مما يؤدي إلى طاقة أقوى بخمس مرات من حدوث الانشطار، ويمكن إطلاق هذه الطاقة في منظمة ما عندما تستخدم أسلوب دمج الإدارة.

إذ تجمع إدارة الدمج الأشخاص سوية لتحقق (الاتصالات والمشاركات)؛ حيث تربطهم ليتشاركوا في المعلومات والمسؤوليات لمواجهة الانقسامات التنظيمية، فيشعر الناس أنهم جزء من الكل، عوضًا عن شعورهم بأنهم منفصلون بواسطة حدود الوحدات، والأقسام والمستويات التنظيمية. إن الأشخاص الموحدين أكثر حماسًا للعمل سوية ودعم المنظمة، وهم أقل عرضة لمقاومة التغيير التنظيمي؛ لذا يحتاج قائد الدمج ليوازن بين القوى الثابتة للمنظمة وتحقيق نتائج مادية، والتعامل مع الميزانية، وإدارة طاقم العاملين، وبين القوى الخفية الذاتية.

هذه القوى الذاتية موجودة داخل كل فرد في المنظمة.

هذه القوى تشتمل على صفات مرتبطة بالعاطفة، والهوية الذاتية، والإرادة؛ مثل: الشغف، والحماس، والقِيَم، وعادة ما تتجاهل المنظمة التقليدية، أو تقلل من شأن القوى الخفية لخلق منظمة أكثر توازنًا.

هذه القوى الست الخفية الأساسية التي تعكس القدرات الإنسانية، هي:

1- الوعي: التفكير بطريقة استقلالية وإبداعية، وامتلاك عقل متفتح.

2- الرؤية: هي «الغرض الأسمى» التي تلهم وتحفز الأشخاص؛ ليعملوا معًا من أجل الهدف.

3- الإحساس: الرعاية، والعطف، وكذلك عواطف إنسانية إيجابية أخرى تربط الأشخاص بالعلاقات.

4- الاتصال: وهي الطريقة التي تستخدم بها الكلمات والأمثال للتأثير على الآخرين، وكيف تنصت وتولي الاهتمام لما يفكرون فيه ويشعرون به.

5- الشجاعة: كونك مستعدا لأن تكون مغامرًا، وتقود، وتقوم بالمجازفة، وتدافع عن ما تؤمن به، وترتكب الأخطاء كما تتعلم.

6- النزاهة: أن تلتزم بكونك نزيه، وجدير بالثقة، وفي خدمة الآخرين، فتركيزك يكون على المنح للمنظمة، بدلاً من التفكير في نفسك.

لتكون قائد الدمج، تحتاج لتطوير القدرات الخفية لديك ولدى الآخرين كذلك، وإلى تقوية الصلة بين الفرد والمنظمة، ولتفعل ذلك استخلِص القوى الفردية الخفية من الوعي، والرؤية، والإحساس، والتواصل، والشجاعة، والنزاهة. وهذا قد يثير الإبداع الذاتي، والعزيمة، والحماس، والثقة والالتزام بخدمة الآخرين، وبما أنهم استلهموا هذه السمات الذاتية، فهم يجذبون الناس معًا إلى ثقافة تنظيمية أكثر إيجابية؛ حيث (اندمجت قلوب وعقول الأفراد مع الاحتياجات الحقيقية للمنظمة والبيئة).

ولترقى عملية الدمج يجب أن تصبح قائدًا تغييريًّا، بدلاً من كونك قائدًا إجرائيًّا؛ إذ يناسب أسلوب القيادة الإجرائية نموذج الانقسام القديم؛ حيث يستخدم المدير الإجرائي أسلوب المنطق والعقلانية؛ ليحكم علاقاته بالموظفين، كما تعتمد القيادة الإجرائية على امتلاك معرفة مسهبة عن عمليات العمل والإدارة المفصلة.

وعلى النقيض من ذلك، فإنك كقائد التغيير، لا تحتاج أن تشغل نفسك بالسيطرة وتحليل تصرفات موظفيك المحددة، بدلاً من ذلك، تعطيهم (النظرة الشاملة)، تجذبهم معًا وتمدهم (بالمصلحة المشتركة، والرؤية، ومعنى أوسع). بعد ذلك سيتصرف الموظفون أنفسهم؛ ليساعدوا المنظمة في تحقيق (النظرة الشاملة).

إذًا لتصبح قائد دمج، يجب عليك:

أولاً أن تطور القوى الخفية الست لديك.

ثانيًا: اربط هذه القوى بالسمات الأكثر عقلانية والمتعلقة بالإدارة التقليدية، وبهذه الطريقة ستضم كل السمات الإنسانية - الجسدية، والعقلية، والعاطفية، والروحانية - لتصبح قائدًا أكثر تكاملاً وفعالية.

ولتبدأ عملية التغيير، تخلَّ عن حاجتك لأن تصبح المدير المتحكم المنطقي. عليك الوصول للداخل للاستفادة من هذه (المصادر الأعمق) لديك ولدى الآخرين في منظمتك، وبينما تفعل ذلك، ستحتاج إلى نوعين من المعرفة؛ الأول: وهي داخلية؛ لتستفيد من رؤيتك لنفسك أو منظمتك، الثاني: وهي خارجية، لتتعلم أكثر عن كيفية اعتبار العالم الخارجي لهذه القوى الخفية.

zrommany3@gmail.com

- المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

مقالات أخرى للكاتب