Sunday 26/01/2014 Issue 15095 الأحد 25 ربيع الأول 1435 العدد
26-01-2014

الأطباء من يدفع تكاليف مؤتمراتهم؟

أصدرت منظمة التعليم الطبي الأمريكية توصياتها ضمن تقرير مجلس الشؤون الأخلاقية والقضائية فيما له علاقة بالتعليم المستمر للأطباء في عام 1993م وكررت توصياتها في تقرير 1996م وراجعتها وأكدتها مرة أخرى صيف العام الماضي 2013م. المقصود بالتعليم المستمر الدورات والمؤتمرات والندوات والكورسات والملتقيات العلمية التي يحضرها الطبيب وهو على رأس العمل.

جاء في التوصيات « يجب أن يبذل الطبيب جهده لمزيد من التعلم في مجاله الطبي طيلة ممارسته المهنية - وليس فقط أثناء الدراسة الأكاديمية - وذلك للتأكد من خدمة المرضى بالشكل الأفضل وللاستمرار في الممارسة المتميزة وفق أفضل المعايير المهنية المتميزة.

المشاركة في أنشطة التعليم الطبي المستمر المعتمدة يعتبر أمراً حاسماً وحيوياً لتحقيق الالتزام المهني بمبدأ التعلم مدى الحياة. ولتحقيق ذلك يتوجب على الطبيب القيام بما يلي:-

1 - اختيار الأنشطة ذات الجودة العالية والمناسبة للاحتياجات التعليمية للطبيب.

2 - اختيار الأنشطة التي يتم تنفيذها وفق المبادئ الأخلاقية والمعايير المهنية المعمول بها.

3 - المطالبة فقط بتدوين النشاطات التي تمت المشاركة فيها في سجل الطبيب المهني والأكاديمي. اي عدم تسجيل حضور نشاطات وهمية أو غير معترف بها.

4 - رفض أي دعم يتلقاه الطبيب من قبل اي كيان تجاري آخر - كالشركات الطبية وشركات الأدوية مثلاً- غير صاحب/ جهة العمل المعنية بتعويض الطبيب عن الوقت الذي يقضيه أو عن نفقات المشاركة في أي من نشاطات التعليم الطبي المستمر.

انتهت توصيات الجمعية الأمريكية وأعود للواقع المحلي بالتركيز على النقطة الأخيرة المتمثلة في دعم المؤسسات التجارية كشركات الأدوية والأجهزة الطبية والمحاليل الطبية وغيرها للأطباء لحضور نشاطات التعليم المستمر. أعتقد بأن الأمر منتشر بشكل كبير في أوساط الأطباء لدينا حيث إن كثيراً منهم يحضر نشاطات التعليم المستمر المحلية والدولية على حساب شركات الأدوية والشركات الطبية وغير الطبية ذات العلاقة بعمله، مع ما في ذلك من تعارض صارخ في المصالح. التعارض يكمن ببساطة في كون تلك الشركات لا تدعم الطبيب لأجل عيونه أو صدقةً وتبرعاً، وإنما هي تهدف إلى استمالة ذلك الطبيب - إن لم تشترط ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة- إلى تجاوز المعايير المهنية باستخدام منتجها سواء كان جهازاً أو دواء أو مشروعاً صحياً.

هيئة التخصصات الصحية والقطاعات الصحية والجامعات لم تضع تشريعات قوية في هذا الشأن وكأن مسؤوليها يشجعون الظاهرة، ربما لأنهم أطباء ممارسون يستفيدون أو استفادوا منها. بل إنني أجزم أن بعض الجهات تعلنها بصراحة لمنسوبيها بأن عليهم تدبير أنفسهم والتصرف بطريقتهم لحضور المؤتمرات والندوات، ومعنى «دبر نفسك» في عرفنا يعني افعل ما شئت للحصول على ما تريد، فليس لنا علاقة بذلك.

أختم بالإشارة إلى دراسة علمية أجريت على 601 مشارك بنشاطات التعليم الطبي المستمر بالمملكة وتنشرها المجلة العلمية للتخصصات الصحية هذا الشهر، حوالي 33% منهم فقط أشاروا إلى أن جهات عملهم تولت تكاليف حضورهم لتلك النشاطات وحوالي 20% رفضوا الإفصاح عن مصادر تمويلهم لتلك النشاطات. الذين لم تدعمهم جهات عملهم - 67% - لحضور نشاطات التعليم المستمر، من يا ترى دعمهم؟ هل لدى مرجعياتهم آلية للتأكد من عدم تعارض ذلك مع أخلاقيات الممارسة الصحية؟ أم أنها تغمض العيون عن الممارسات غير المهنية لافتقادها الأنظمة المناسبة والعادلة في معاملة جميع الممارسين الصحيين في هذا الشأن؟

نكتب عن الأطباء والممارسين الصحيين هنا كحالة، لكن الوضع يفترض أن يطبق على كافة المهن التي يتعرض ممارسوها لضغوطات جهات تجارية تستخدم معهم ممارسات ظاهرها الدعم وباطنها شراء الذمم.

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب