Monday 27/01/2014 Issue 15096 الأثنين 26 ربيع الأول 1435 العدد
27-01-2014

وعاد المؤتمرون من جنيف2 بخفي حنين!

كما كتبت في مقالتيَّ السابقتين عن فشل جنيف2 المتوقع؛ كسابقه جنيف1!

فهاهي الدلائل تشير إلى الهوة الواسعة بين الطرفين: حكومة بشار والمعارضة؛ فقد أتى وفد بشار يحمل موضوعات وقضايا هي نتائج وليست سببا؛ كقضية الإرهاب والجماعات الجهادية والتكفيرية، فقبل أن يمارس النظام الإبادة الجماعية وتدمير المدن والحصار والتجويع لم تأت أية جماعة إلى سوريا؛ بل كانت ممرا سهلا للوصول إلى العراق لمقاومة نظام المالكي العميل لإيران، وكان بشار يرحب بمرور أفراد تلك الجماعات لإشغالها بالعراق وصرفها عن نظامه الدكتاتوري الذي يعلم أنه على وشك الانفجار في أية لحظة!

أجندة وليد المعلم وحاشيته إلى جنيف تعمدت مغالطة الحقائق وخلط الأوراق وجعل النتائج أسبابا، والأسباب نتائج؛ لصرف النظر عن مطلب المعارضة الرئيس الذي لن تحيد عنه وتقاتل من أجله؛ وهو: تنحي بشار عن السلطة وإسقاط نظامه ومحاكمته على جرائمه النازية خلال خمسة وأربعين عاما من تاريخ سوريا المرير الذي قاده فيه حزب البعث شكلا والطائفة النصيرية مضمونا!

إن الفشل الذي مني به جنيف2 كسابقه لا يعود إلى عمق الخلاف بين نظام بشار والمعارضة الوطنية السورية فحسب؛ بل إلى الصراع على النفوذ بين المعسكرين الشرقي والغربي؛ بين الكتلة الغربية بقيادة أمريكا والكتلة الشرقية بقيادة روسيا! فالحرب الباردة بين المعسكرين خلال نصف قرن أصبحت ساخنة ومدمرة بعدما تخلصت روسيا من أعباء الدويلات الأوربية الشرقية التي كانت عبئا عليها عام 1991م أو خلصت منها؛ فكأن روسيا تقول: أنا بدون الاتحاد أقوى وأعظم، ولن أتنازل عن دوري في المشاركة في صياغة العالم، ولن أدع الغرب يتفرد بالسيادة، وقد تخلصت من عبء الاتحاد وتبعاته وقلاقله وثورات شعوبه لأعود إلى نفسي وأعيد بناء ذاتي، كما بشر وفعل ميخائيل جورباتشوف في نظرية البيريسترويكا؛ أي إعادة البناء!

الصراع إذاً في سوريا؛ ليس إلا صراعا بين دولتين كبيرتين ومعهما الدول التي تدور في فلكهما أو تتفق معهما في الأيدلوجيات والمقاصد؛ روسيا ومعها: الصين وكوريا الشمالية وإيران، وأمريكا ومعها دول أوربا وعدد من الدول العربية التابعة!

إن الاستقواء الإيراني في سوريا ولبنان لم يحدث لولا أن ثمة اتفاقا وتأييدا من قبل روسيا؛ ولهذا يستمر زحف المقاتلين النظاميين من الحرس الثوري الإيراني وتستمر الطائرات الإيرانية في إنزال حمولاتها الثقيلة من العتاد والمؤن إلى نظام بشار، ويستمر أيضا تدفق المقاتلين من الأحزاب والجماعات الإرهابية المنضوية تحت الأيدلوجيا الإيرانية التي تزعم التشيع كذبا وزورا؛ مثل عصائب الحق وحزب الدعوة العراقيين، وحزب الله اللبناني، والمتطرفين من الطائفة الشيعية في تركيا والبحرين واليمن وكردستان وغيرها.

والتغطرس الذي يظهر به نظام بشار لن يتم لو لم تمنحه روسيا الطمأنينة والثقة والدعم بكل أنواع الأسلحة والخبراء من خلال جسر جوي مباشر من موسكو إلى دمشق!

أما ما حدث ويحدث من تخلق الجماعات القتالية المختلفة الاتجاهات والأيدلوجيات كداعش أو النصرة القاعدية وغيرهما مما يحتج بوجودهما النظام ويدعي محاربتهما على الأرض السورية؛ فإنها تكونت على إثر المجازر الدموية المروعة والتدمير الذي يرتكب جريرته النظام، وبعضها مثل « داعش « اخترقها النظام وساعد على تكوينها لكي يقنع العالم بأنه يحارب القاعدة والتكفير والإرهاب، وقد عمد إلى أن تمارس داعش طوام وجرائم ليقدم ما تفعله إلى العالم دليلا على أنه يحمي الشعب السوري من الجماعات التكفيرية الإرهابية!

لقد انكشفت اللعبة، وتبين أن الصراع في حقيقته وعمقه ليس بين النظام والمعارضة فحسب؛ بل هو واجهة لصراع أعمق وأعنف واشد شراسة بين أمريكا ومن يدور في فلكها وروسيا ومن لف لفها أيضا!

وإذا لم يتفق أوباما وبوتين؛ فلن يتفق النظام والمعارضة إلا بأن يسقط أحدهما الآخر والضحية هو شعب سوريا والعتمة التي تلف المنطقة بكاملها.

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

مقالات أخرى للكاتب