Tuesday 28/01/2014 Issue 15097 الثلاثاء 27 ربيع الأول 1435 العدد
28-01-2014

الدفاع المدني والمتطفلون وأشياء أخرى!

الفيضانات تتزايد حيث تسكب السماء ماءها على أديم الأرض، ويفيض الماء بعد أن لا يجد منفذاً إلى (بطن) الأرض فيهدد الناس وممتلكاتهم ، تغرق المدن في (شبر مويه)! دخل الماء إلى البيوت بعد ان بنى المواطن مسكنه على أرض فأتى الوادي ليستعيدها بعد ان قرر ان يسير في مجراه الطبيعي، لذلك فالعقاريون الذين باعوا أراضي هي في الأصل مجار للأودية ولم يتم تجهيزها لتكون مسكنا آمنا يجب ان يتحملوا مسؤوليتهم ، هم ومن فسح ووافق على ان تكون مجاري السيول أحياء تخبئ تحتها الموت والخراب!.

الفيضانات في ازدياد والتغيرات المناخية تجتاح دولاً أكثر تقدما واستعدادا، لكن الاختلاف ان منسوب الأمطار لدينا هو الأقل ومع ذلك اثارها وما تخلفه من أضرار تكون أكبر، بسبب سوء تنفيذ مشاريع تصريف الأمطار، رغم ان الدولة تصرف الأموال الطائلة ، ولكن نتائج التنفيذ وجودته تبقى سرا دفينا حتى يعلنها المطر على الملأ! وعند حدوث تلك الكوارث تتجه الأنظار إلى الدفاع المدني، وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟.

الدفاع المدني في نظري حمال الاسية دائما ، عمله غالبا يأتي نتيجة اخطاء وتقصير جهات حكومية أخرى تنجو بنفسها ولا تحاسب على تقصيرها! بينما يوضع الدفاع المدني تحت المجهر، رغم حجم الكارثة التي أحيانا تفوق القدرات والامكانيات المتاحة له في بعض المناطق! وعمليات الانقاذ تحتاج إلى ساعات قليلة وربما دقائق، ويكون تحدي الزمن هو أكبر التحديات التي تواجه الدفاع المدني في كل الحوادث، الدفاع المدني لا يجب ان يطالب بأكثر مما يتوفر له من إمكانيات بشرية ومادية وتقنية خاصة وانه يقاوم الطبيعة والبشر المتطفلين! وفي أجواء صعبة وكارثية! ثم ان الدفاع المدني جهة حكومية ماتزال كما اعتقد بحاجة إلى مزيد من الدعم ليواكب هذا التزايد في المخاطر من حرائق وفيضانات وزلازل!.

في دول متقدمة تشاهد سيارات الدفاع وقد افردت لها المسارات الخاصة في الشوارع وعندما يتم استدعاؤها فانها تسير بثقة وسرعة بان لا أحد سوف يتطفل ويلاحقها ويزاحمها او يقطع الاشارات خلفها. وعندما يتطفل أحد ويعطل سيارات الدفاع المدني فانه يعرض نفسه للاعتقال. وكثيرا ما تسوؤني أجواء العمل التي يعمل بها رجال الدفاع المدني، حيث يعيق المتطفلون عملهم. وتضايقني عبارات مثل (تكفون) يالربع (ابعدوا) (يا خوان لو سمحتوا لا تصورون) وغيرها من عبارات (الاستعطاف والرجاء) والتي يستخدمها افراد الدفاع المدني لمن يعيقون عملهم ، ويزاحمونهم من أجل الفرجة والتصوير بالجوالات!.

لابد ان يغير الدفاع المدني من اسلوب تعامله مع التجمهر السلبي، ويسن الاجراءات الكفيلة بإبعاد أسراب وقطعان المتطفلين وهواة الفرجة على مصائب الناس، واتمنى ان تعبر سيارات الدفاع المدني في شوارع المدن ولا تجد ما يعيقها أو يوقف سيرها، وأن يكون لها الاولوية، وان يتم مخالفة كل من يعطل سير تلك السيارات ! فالفكرة الشائعة الان ان الدفاع المدني يتأخر في مباشرة الحوادث، وهذا راجع لاسباب منها ثقافة (الأنانية) المتأصلة لدى السائقين! وإلى تكدس السيارات والزحام في بعض الشوارع، وان لا مسارات خاصة لسيارات الدفاع المدني او غيرها.

الدفاع المدني يؤدي خدمات عظيمة وجليلة لها مساس مباشر بحياة الناس وممتلكاتهم ويفقد الكثير من الشهداء في سبيل انقاذ الناس، وأقترح ان يكون عضوا في مشاريع تصريف السيول لضمان إتقانها كما هو عضو في لجنة منح رخص المصانع والمدارس وغيرها! وسيظل الدفاع المدني يتحمل نتائج اخطاء الاخرين وهذا قدره، وتخرج الامانات والبلديات والعقاريون والمقاولون من الملامة والمسؤولية، لكنه يستطيع ان يواجه قدره بمزيد من القوانين وبمزيد من الامكانيات والتطوير والدعم لهذا الجهاز الذي تتزايد حجم مسؤولياته كل عام، وينتظر منه ان ينشئ قوة ذات كفاءة عالية لمواجهة الكوارث يتم تجهيزها وتدريبها وأن يتولاها رجال ذوو بنية قوية، لكي نطمئن ان الدفاع المدني لديه الاستعداد البشري والتقني والمادي لمواجهة الاخطار المستجدة والتي يصعب التعامل معها بنفس الامكانيات والقدرات المتاحة حاليا, مع كل التقدير للدفاع المدني ورجاله الذين يخاطرون بحياتهم من أجل انقاذ ارواح الناس وممتلكاتهم.

alhoshanei@hotmail.com

@alhoshanei تويتر

مقالات أخرى للكاتب