Wednesday 29/01/2014 Issue 15098 الاربعاء 28 ربيع الأول 1435 العدد
29-01-2014

عضوات الكونجرس .. ما هن أوادم !

مقزز ما سمعت ورأيت في أحد البرامج الرياضية، التي كانت تُعلق على حضور عضوات من الكونجرس الأمريكي لمباراة النصر والشباب، التي أقيمت على ستاد الملك فهد بالرياض، يوم الثلاثاء الفائت. هذا الرجل الذي كان معترضًا على حضور النساء وجلوسهن في مدرجات الملعب، لم يتمكن من نقل وجهة نظره بأدب وذوق واحترام، وعندما سأله المذيع لماذا ترفض حضور عضوات الكونجرس الأمريكي للمباراة ألسن أوادم؟ أجاب بكل صفاقة: «لا الحريم ما هن أوادم..!».. هو بهذه الجملة لم يسيء إلى عضوات الكونجرس فحسب، بل هو أساء لكل امرأة بما فيهن والدته وزوجته وأخته وابنته!

إن وجود مثل أصحاب هذا الفكر، هو ما يحتم عدم التأخر في إيجاد قوانين ضد العنصرية بشكل عام، وتتضمن بنودها قوانين تُجرم العنصرية ضد المرأة، سواء كانت قولاً أو فعلاً أو تنظيمًا، فاستهجان مثل هذه الأفعال ووعي المجتمع ورفضها لا تعتبر أموراً كافية لمحاربة هذه التصرفات، بل القوانين وحدها هي الكفيلة بإيقافها تمامًا، وأعود بذاكرتي هنا، إلى ما قبل عدة سنوات في حديث دار بيني وبين صحافية أميركية تعمل في FOX NEWS كنت وإياها نتناقش عن نظرة الرجل الدونية للمرأة، عندها أخذت تتحدث لي عند وجود هذه النظرة السلبية ضد المرأة لديهم من قِبل بعض الذكور، وإن كانت حالات نادرة لا تقارن بالحالات الموجودة في مجتمعنا، إلا أن القوانين الأميريكية التي تُجرّم العنصرية ضد المرأة، لا تجعل هؤلاء الذكور قادرون على ممارستها أو إعلانها، لأنهم يعلمون جيدًا أن هناك مُحاسبة ولن يفلتوا حينها من قبضة العدالة.

ما أردت قوله، أنني وغيري لسنا معنيين بالنظرة القاصرة تجاه المرأة من قِبل هذا وأمثاله ممن لا يعتبرون المرأة كائن كامل الإنسانية، لكنني معنية بمحاصرة أفكاره والمطالبة بقوانين تردعه هو وكل من تسوّل له نفسه التقليل من شأن المرأة، واعتبارها أقل درجة إنسانية من الرجل، واقتصار نظرتهم لها على أنها كائن بيولوجي فقط يعيش ضمن آلية يحددها هذا الذكر -الناقص- ولا يريدها أن تخرج عن هذا السياق.

في الواقع لن ألوم ذلك الذكر الذي نطق بتلك الجملة السفيهة تجاه عضوات الكونجرس وطعن في إنسانية كل النساء، فهو واقع ثقافي نعيشه كل يوم نتيجة العزل شبه التام بين الجنسين، مما أفقد المجتمع العلاقة الإنسانية -السوية- بين المرأة والرجل، وجعل العلاقة تبدو (جسدية - استهلاكية) فالمرأة تنظر للرجل أنه وحش يريد افتراسها، والرجل ينظر للمرأة أنها وعاء متعة ومخلوق لهذا الغرض.. هذا ما أفقد الحالة الإنسانية في مجتمعنا الشيء الكثير، وكذلك أوجد كثرة الأخطاء حتى في سياق العلاقة من خلال التعامل اليومي العادي، وأثّر على مؤسسة الزواج واختصرها في الشكل الخارجي والجسد، ما جعلنا نرى ما بين وقت وآخر أرقام وإحصائيات مرتفعة لحالات الطلاق تؤكد على وجود خلل وفشل في هذه العلاقة.

المرأة يجب أن تكون إنسانا في الصف الأول، بفعل القانون واستنباطه من الإسلام الحقيقي الذي كرّم المرأة ورفعها عن براثن ودونية الجاهلية، وبلا قانون، ها نحن نرى هذا وذاك ممن يتطاولون على المرأة ولا رادع يحدّهم، ولا تشريع يخيفهم!

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب