Wednesday 29/01/2014 Issue 15098 الاربعاء 28 ربيع الأول 1435 العدد

جنيف 2 والأخير!!

عماد أحمد العالم

على الرغم من كل ما قيل وما رأيناه وما شاهده العالم أجمع من وحشية النظام السوري، وعلى الرغم من تقرير منظمة العفو الدولية الأخير، الذي وثق بالصور، الآلاف منها، والمهربة عبر منشقٍ عن النظام، لضحايا التعذيب البربري في السجون السورية ولمعارضي الأسد، وعلى الرغم من إجماع من لا يملك حتى البصيرة أن بشار وزمرته قتلة من الدرجة الأولى مع سبق الإصرار والترصد والاستمرار في جرائمهم الوحشية بحق الشعب السوري؛ إلا أننا نجد العديد من القوميين العرب واليساريين والبعثيين ومرددي شعارات الإمبريالية ما زالوا على غيهم السابق ودعمهم للنظام، وادعاؤهم أن ما يحدث في سورية هو مؤامرة كونية تقف خلفها أمريكا وأوروبا والمملكة العربية السعودية، التي أظهرت موقفها الواضح والصريح منذ البداية بدعم الشعب السوري وكفاحه لنيل حريته، وتخلت عن مقعدها في مجلس الأمن رسمياً كاحتجاجٍ منها على ازدواجية المعايير الدولية، وصمتها على أكثر من ثلاث سنوات من المجازر، حولت سورية لدولة أشباح وشردت الملايين من شعبها وقتلت مئات الآلاف.

في أول أيام مؤتمر جنيف 2, أعلنها وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل صراحةً أن الرؤية السعودية والعربية والإسلامية والعالمية لسورية هي أن تكون دولة حرة ومدنيةً، يحكمها من يرتضيه السوريون لحكمهم عبر الآليات الديمقراطية المتعارف عليها دولياً.

مؤتمر جنيف 2 جاء مع آمالٍ بأن يكون دوره الأساسي هو تنفيذ قرارات جنيف 1 التي بقيت حبراً على ورق بسبب الدور الإيراني، الذي أسهم في بقاء النظام، وساهم في تنعته، ودخل إلى جانبه بقوات الحرس الجمهوري، وميليشيات حزب الله, لذا كان من الصائب جداً سحب الأمم المتحدة دعوتها لها، واستثنائها من الحضور لكونها طرفا في الخصومة ومحاربا إلى جانب الأسد، هذا إن لم تكن فعلياً المتصرف والمحتل للأرض السورية. كما من الجلي أنه سيكون لها دور سلبي وستسهم في تعقيد الأزمة بدلاً من حلها، هذا إلى جانب تسهيلها دخول حزب الله ومقاتلته إلى جانب النظام، وخلق أجواء طائفية استقطبت المُغرر بهم من الشيعة لحماية ما سمته المقدسات، وهو ما أثبتت الأحداث زيفه وكذبه.

لن تقبل الشعوب أن يكون مؤتمر جنيف الحالي ممهداً لجنيف ثالث أو رابع، بل تأمل أن يخرج هذه المرة بقراراتٍ ملزمة تنتهي إلى تشكيل حكومةٍ انتقاليةٍ وعزلٍ لنظام الأسد ومحاسبته على كل المجازر التي ارتكبها، لا أن تكون ساحات نقاشه واجتماعاته مهرجاناً خطابياً للمعلم وزير خارجية الأسد، ليمطرنا فيها بنظرياته عن الإرهاب والوهابية فيما هو ومن يمثلهم رأس الإرهاب وحربته!.