Wednesday 29/01/2014 Issue 15098 الاربعاء 28 ربيع الأول 1435 العدد
29-01-2014

هل المملكة العربية السعودية داعمة للإرهاب؟

في مؤتمره الصحفي الذي عقده الأخضر الإبراهيمي مندوب الأمم المتحدة والجامعة العربية للتوسط في حل القضية السورية والمقام على جانب مؤتمر جنيف 2 في مساء يوم الجمعة الموافق 24/ 1/ 2014م سألته مندوبة إحدى القنوات الفضائية السورية عن كيف سيتم إيقاف ما سمته دعم السعودية وتركيا للإرهاب في سوريا؟! فما كان من الأخضر الإبراهيمي إلا أن طلب صرف النظر عن الإجابة عن هذا السؤال في الوقت الحاضر!! حقيقة حزَّ في نفسي سكوت المبعوث الأممي والعربي عن قول الحقيقة وكنت أود أن يرد الإبراهيمي وبكل حزم بالنفي عن أي دور للمملكة العربية السعودية في دعم الإرهاب في سوريا أو غيرها كيف لا؟ وهو السياسي المحنك ومندوب عن الجامعة العربية ويعرف بلا شك مواقف المملكة العربية السعودية وسياستها المعتدلة على مر عصورها أنها لم تكن في يوم من الأيام داعمة للإرهاب أو حاضنة له ولم تكن طرفاً في أي نزاع داخل أي دولة أو إقليم غير سعيها الحثيث والدائم في معالجة كل ما يطرأ من مشكلات عالمية أو إقليمية بالطرق السلمية وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى جميع دول العالم وتبذل في سبيل ذلك كل غال ونفيس حتى على المستوى الشعبي من شعبها السعودي الوفي فكانت ولا تزال بفضل الله من أكثر الدول إغاثياً في العالم.. والمملكة كانت من أول الدول التي اكتوت بنيران الإرهاب منذ بدايات هذا القرن ولا تزال وتعرف آثاره السيئة والخطيرة على الأمة فجابهته بكل قوة وتحد وحاربته بشتى الوسائل الممكنة سواء عسكرية كانت أو فكرية ودعت في كثير من المحافل الدولية إلى محاربة الإرهاب بكل أشكاله كما كانت دعوة خادم الحرمين الشريفين إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب وتدعمه مالياً وكذلك طلبها عقد المؤتمرات لمناقشة سبل مكافحته ومحاربته بشتى الوسائل وهذا ما حصل بالفعل.. كان يتوجب على الوسيط الدولي أن يقف بكل حزم في وجه السائلة ويلجمها بجواب الحقيقة أن لا دور للسعودية في دعم الإرهاب في أي مكان من دول العالم وإن وجد من قاتل في الحرب السورية أو غيرها من السعوديين مع الأسف فهو خرج من تلقاء نفسه معتقداً حسب زعمه أنه جهاد فهرب دون علم من السلطات السعودية بتشجيع من فئات إرهابية ودعاة ضلال مدعومين من جهات خارجية غرروا بالشباب السعودي ومن صغار السن على وجه الخصوص على الرغم من تحذير الحكومة السعودية وعلمائها الأفضل، بل عد الإفتاء الشرعي في المملكة أن الخروج إلى مناطق القتتال والفتن في بعض مناطق العالم لا يعتبر جهاداً واعتبره الشرع محرّماً.. نعم إن وقوف حكومة المملكة العربية السعودية إلى جانب الشعب السوري في محنته ومناصرته في المحافل الدولية ودعمه سياسياً ومعنوياً وإغاثة لاجئيه بما يحتاجون إليه من غذاء وكساء ومسكن هو ما تقتضيه الأخوة الإيمانية دون تدخل في اختياراته أو تقرير مصيره وقيادته تاركة ذلك للشعب نفسه فهو من يقرّر ذلك وفي الوقت نفسه تدعو إلى حقن الدماء البريئة ووقف الاقتتال بالطرق السلمية والجلوس إلى طاولة المفاوضات ونزع فتيل الحروب والاقتتال بين الأشقاء فكان اتصال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - وفّقه الله - مباشرة بالنظام السوري خمس مرات حسب ما جاء في خطاب صاحب السمو الملكي وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في مؤتمر جنيف 2 في محاولة لثنيه عن استخدام العنف غير المبرر وحثه على المبادرة السلمية في مواجهة المطالب المحدودة لشعبه كل ذلك من أجل حقن الدماء المعصومة ولم يكن ذلك الاتصال تدخلاً في الشأن السوري، بل من باب قول الله عزَّ وجلَّ: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) وما ذلك كله إلا لأكبر دليل على أن المملكة العربية السعودية تريد إطفاء نار الفتنة والقضاء على الإرهاب بكل أشكاله لا دعمه كما تدّعي السائلة، ولأن خادم الحرمين الشريفين يعلم أن في تلك الحروب خدمة لأعداء الأمة العربية والإسلامية وإضعاف للأمتين وتمزيق لصفوفهما ووحدتهما وصرفهما عن ما هو أكبر وأعظم ألا وهو تحرير المسجد الأقصى الشريف وفلسطين المغتصبة وأيضاً إن في إضعاف الأمة العربية والإسلامية سبب لاستغلال الأعداء خيرات الوطن العربي واستعمار لأراضيه الطاهرة.. غير أن النظام أبى واستكبر وحرص على استخدام العنف وبالقوة العسكرية الرهيبة جواً وبراً وبراجمات الصواريخ وإلقاء براميل متفجرة وبأسلحة أكثر فتكاً وتدميراً، بل قتل شعبه بالكيماوي وبالغازات السامة والمحرّمة دولياً دونما وازع من ضمير أو احترام لقوانين دولية ومع ذلك كله يدّعي هذا النظام الغاشم أنه يحارب الإرهاب؟! وهل يمكن تصوّر أن ما يتجاوز مائة ألف ضحية قتلوا ومثلهم جرحى على يد النظام السوري وملايين اللاجئين والهاربين من جحيم بشار وزمرته أن يكونوا جميعهم إرهابيين؟ وهل يعقل أن ما يقارب من ثلثي سكان الالم الممثلين في مجموعة أصدقاء سوريا بالإضافة إلى الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ودول مجلس التعاون الخليجي كلهم يدعمون الإرهاب؟ كان حرياً بالوسيط الدولي أن يبيِّن حقيقة الموقف السعودي من ذلك السؤال المستفز من تلك السائلة التي اتهمت فيه المملكة العربية السعودية بدعمها للإرهاب والإرهابيين والمملكة حكومةً وشعباً براء من ذلك إلا إذا كانت إغاثتها ودعمها ومساعداتها الإنسانية ومد يد العون لإخواننا اللاجئين من الشعب السوري الأبي في مخيماتهم في الأردن ولبنان وتركيا الذين خرجوا من ديارهم شيوخاً ونساءً وأطفالاً حفاة عراة تحت لهيب شمس حارقة أو زمهرير برد قارص ملتحفين السماء ومفترشين الأرض بلا طعام أو شراب أو حتى بدون علاج لمن يحتاجه من مرضاهم تاركين وراءهم بلادهم ومساكنهم وأهليهم هرباً من جحيم العدوان الصفوي الآثم وزمرته الطاغية مجرمي الحرب على شعب سوريا الأعزل، فإن كانت تلك المساعدات الإغاثية الإنسانية تعتبر في نظر السائلة ومن هم على شاكلتها من المغرضين الحاقدين دعماً للإرهاب فإن المملكة أكبر داعم له!!!! ثم إني لأتساءل ماذا تسمي تلك الصحفية العميلة تدخل سوريا وإيران وحزب الشيطان اللبناني السافر في القتال إلى جانب النظام الظالم في سوريا لقتل الشعب السوري الأعزل وبخاصة السنة منهم وتدمير منشآته وحرق أرضه ومزارعه؟ أليس هو الإرهاب بعينه؟ ثم ماذا تعتبر تلك الصحفية الهوجاء اتصال الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود برئيسها الطاغية بشار لمحاولة إقناعه بالجنوح إلى السلم لإطفاء نار الفتنة والاقتتال على أرض الشام هل هو دعم للإرهاب حسب مفهومها الغاشم؟ لكنه والله الحقد الدفين في صدور الحاقدين على المملكة العربية السعودية قلب العالم العربي والإسلامي وشعبها المسلم {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}. إن أحداث سوريا وما تمخضت عنه من ضحايا بمئات الآلاف وإراقة دماء معصومة وتهجير شعب شبه كامل من أرضه وتحطيم مقدراته ومن من؟ من قيادته التي لا ترعى إلاً ولا ذمة ولا رعاية شرعية فكان هو عدو شعبه الوحيد مع الأسف فذلك والله ليدمي قلوب العرب والمسلمين وفي مقدمتهم الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني ومن ورائهم شعبهم الوفي، ونحن في العام الثالث لأكبر الكوارث في تاريخنا المعاصر فإنه يعصر قلوبنا الألم على إخواننا أبناء الشعب السوري الجريح فماذا يريدشار وزبانيته الذين تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري وقد حوّلهم إلى لاجئين وضحايا ومعاقين وغدت مدنهم أطلالاً وأثراً بعد عين وشوارعهم صارت أشباحاً!! رمّل نساءهم ويتَّم أطفالهم وجلب إليهم أعداء إرهابيين من إيران وغيرها ليقتلوهم ويستبيحوا أرضهم كل ذلك طمعاً في السلطة بقوة الحديد والنار!! فما فعله فرعون هذا العصر طاغية الشام بأمة الشام أعظم مما فعله هولاكو وهتلر ومناحيم بيجن، وما أحدثه من خراب في المدن السورية وقراها أعظم من خراب الحرب العالمية الثانية وحرب سراييفو وكوسوفو والشيشان. إن حرب بشار على شعبه جريمة القرن فهو مجرم العصر فكان أكبر إرهابي في هذا الزمن الذي يجب ألا يفلت من دون عقاب هو وأعوانه الخونة، فلتعلم تلك الصحفية من هو الإرهابي ومن هم الداعمون له.. وختاماً لا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.. حفظ الله المملكة وملكها خادم الحرمين الشريفين الحريص على أمته وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وشعبها الوفي الذي لا يألو جهداً في مساندة إخوانه المستضعفين في الأرض ومناصرة كل مظلوم وكل منكوب على وجه الأرض وإغاثة كل ملهوف، وأصلح حال أمتنا العربية والإسلامية وكفانا شر الأشرار وأعز الإسلام والمسلمين ودمر أعداء الدين إنه ولي ذلك والقادر عليه سبحانه.

مقالات أخرى للكاتب