Friday 31/01/2014 Issue 15100 الجمعة 30 ربيع الأول 1435 العدد

فيما أكد مختصون لـ«الجزيرة» أنها ستضع مؤشرا لقياس كفاءة العملية الشرعية لكل منتج مالي

عودة تباين «فتاوى الاكتتابات» .. يجدد المطالب بإيجاد جهة شرعية مستقلة لضبطها

الدمام - عبير الزهراني:

عادت قضية تضارب وتباين الفتاوى حول جواز عمليات الاكتتاب بأسهم الشركات المقرر إدراجها في السوق المالية المحلية مابين محلل ومحرم للظهور على السطح مجددا، نتيجة عدم وجود معايير شرعية موحدة لمرجعية تلك الفتاوى، وهو ما يجدد طرح المطالبة داخل الأوساط المالية بضرورة إيجاد جهة شرعية مستقلة تتولى البت والإيضاح في جواز عملية الاكتتاب أو التداول في الأسهم ووضع الضوابط والمعايير الشرعية للتعاملات المالية والإشراف على اللجان الشرعية.

وطالب عدد من المختصين بضرورة إيجاد هيئة أو جهة شرعية مستقلة كمجمع فقه إسلامي مختص في الفتاوى والأحكام لتكون مرجعيتها دار الإفتاء من أجل ضبط السوق المالية من ناحية المعايير الشرعية الواجبة التطبيق على الجميع من شركات ومؤسسات مالية ومستثمرين، وإجازة المنتجات المحلية التي ستقدمها أي من تلك الجهات، للاطمئنان على سلامة التطبيق ودعم الثقة في أعمال وأنشطة تلك الشركات. فيما ذهب البعض إلى توسيع مهامها لتشمل جميع مجالات الصناعة المالية في البلاد، بحيث تكون متخصصة في حقول الاقتصاد الإسلامي تجمع بين أفضل المؤهلين والمتميزين في العلوم الشرعية والاقتصادية والعلوم ذات الصلة لتحقيق مجالاته وضوابطه وترتكز إلى فتاوى المجامع الفقهية وهيئة كبار العلماء، بهدف ربط جميع المواد والأدوات المالية للاستثمار وتعاملاتها بمعايير وضوابط شرعية لتكون خالية من الفوائد والتعاملات الربوية والعقود الفاسدة.

وقال تركي فهد الدهمش مسئول عمليات التمويل في أحد البنوك بأن من أهم الآثار الإيجابية من وجود هيئة شرعية مستقلة هو توحيد الفتاوى بالإضافة إلى تنوير القاعدة من خلال الاكتتاب أو التداول في الأسهم وأيضاً سيساهم ويشجع الشركات ذات الأسهم المختلطة أو التي لم تجاز من مجمع الفقه بالالتزام والتقيد بالضوابط الشرعية وتحويل نشاط الشركة إلى الأمور المباحة. وأضاف الدهمش: يوجد تضارب في الفتاوى الخاصة بالاكتتابات بحكم اجتهادات المشايخ ورجال العلم لذلك من الضروري أن تكون هناك مرجعية لهم لكن من الصعوبة أن يكون هناك هيئة شرعية موحدة في هيئة سوق المال لكي لا يكون هناك أي تمييز لذلك من الأفضل أن تكون جهة مستقلة كما تم المطالبة بها سابقاً وهي مجمع فقه إسلامي مختص في الفتاوى والأحكام.وأضاف: وجود مثل هذه الهيئة لن يحدث ضرراً بالاقتصاد الوطني لكونها ستحدث تميزاً بين الشركات وستوجه الأنظار إلى الأنشطة والاستثمارات المباحة وصرف النظر عن غير المباح، وأيضاً سيكون هناك تقنين توجه الشركات إلى البنوك الربوية مما سيجعل هذه البنوك تلجأ إلى تطوير وتحويل منتجاتها التمويلية إلى إسلامية ووفق الضوابط الشرعية.

وقال المتخصص في المالية الإسلامية في أحد البنوك ياسر بن عبد العزيز المرشدي: ينبغي ألا نتحسس كثيرا من التنوع في الآراء الشرعية في مثل هذه المعاملات، كما هو الحال في الآراء الاقتصادية وغيرها فيما يتعلق مثلا بجدوى الاكتتاب من الناحية الاستثمارية أو بالمخاطر المتوقعة ونحوه، فهناك من الفقهاء من ينطلق من القول بتحريم الاستثمار والمتاجرة في أي شركة خالطها نشاط أو استثمار محرم مهما كان قدره، وهو ما يمكن أن يطلق عليه: (الشركات الخالية من المحرمات الظاهرة) وهناك من ينطلق من القول بجواز الاستثمار أو المتاجرة في ذلك النوع من الشركات ولو خالطها شيء يسير من المحرم الذي قد لا يمكن التحرز منه وبحسب الضوابط المقررة لذلك مع اتفاقه مع غيره من الفقهاء على أن ذلك الجواز لا يعني تحليل ذلك المحرم، ولا السماح باستمرار وجوده؛ بل يوجب التخلص منه من كل قادر بحسبه، ولا شك أن الاتفاق مع الطرح المتعلق بإيجاد معايير شرعية ومرجعية لهيئة سوق المال يدعم التوجه الذي تقوده حاليا الهيئة مشكورة وجهودها فيه ظاهرة وواضحة، ويمكن البدء بلقاءات تنسيقية بين الفاعلين في السوق من علماء وشركات ومختصين لطرح الآراء والأفكار المتبادلة تحت إشراف الهيئة وبرعايتها. وأضاف المرشدي: جهود الهيئة الواضحة في تطبيق عدالة المنافسة والشفافية يحسن بها أن تمتد إلى كل ما يمس المستثمر والشركات فيما يتعلق بالأدوات الاستثمارية المتاحة ومنها الاستثمار في الأسهم أو الأدوات المالية الأخرى كالصكوك ونحوه ولذا فوجود تنظيم لدى الهيئة أيا كان نوعه للجوانب الشرعية المشتركة بين كل الفاعلين في السوق هو جانب مكمل للجهود التي تقوم بها حاليا وسيؤدي إلى مزيد من الضبط للسوق من ناحية المعايير الشرعية الواجبة التطبيق على الجميع أو على الأقل ستضع مؤشرا لقياس كفاءة العملية الشرعية لكل منتج مطروح في السوق، وهذا بالتأكيد سيزيد من إصرار الشركات جميعا على التحقق من التوافق الشرعي المطلوب ويسهم في تطوير الجوانب الشرعية والاستثمارية ذات الصلة، وبهذا يمكن القول إن الوصول إلى معايير شرعية موحدة إلى حد كبير للسوق السعودي تفتح آفاقا أكبر لإصدار الأدوات الجديدة وتسمح بدخول مستثمرين جدد بلا تردد نتيجة تنوع الآراء وتباين منطلقاتها.وتابع: لا أرى ضررا بالاقتصاد الوطني من خلال هذه الخطوة بالنظر إلى تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا إلى تكوين مثل هذه الهيئات أو عملت علىوحيد معاييرها الشرعية بشكل أو بأخر، بل على العكس تنظيم العمل الشرعي وتأطيره في معاييره السليمة المقبولة على نحو عام وواسع هو من الوسائل التي سترتب جذبا كبيرا لرؤوس الأموال الكبيرة الراغبة في الاستثمار المتوافق مع الأحكام والضوابط الشرعية من الأفراد أو المؤسسات والشركات الداخلية والخارجية، وسيؤدي بالشركات والبنوك ونحوها إلى تبني وسائل وأساليب عديدة وكثيرة للحصول على التوافق الشرعي وهو ما سيوسع دائرة التنافس الحميد ويزيد من القيمة المضافة للسوق السعودي في مختلف مجالاته.

موضوعات أخرى