Monday 03/02/2014 Issue 15103 الأثنين 03 ربيع الثاني 1435 العدد
03-02-2014

وداعاً جامعات كندا

بعض المشاعر لا يمكن اصطيادها والظفر بها، فتسميتها اللحظة الذهبية، تمر ثواني وقد تمتد لأكثر, ترسم المشاعر الصادقة والحقيقية وتغادر سريعا.

في حفل كندا 2014م الذي أقامته وزارة التعليم العالي والسفارة السعودية لطلابها المبتعثين وفي مسيرة التخرج جاء صوت الأوبريت بعبارة أكد عليها الكاتب والمؤدي والكورال: وداعاً كندا .. باي باي كندا. كانت مؤثرة على وجوه الخريجين والمرافقين من أهاليهم، لأن لحظات الوداع وان لم يكن الوداع الأخير مؤثرة وعزيزة لطلاب ومبتعثين قضوا سنوات الدراسة في الجامعات والكليات والمستشفيات والمعامل والمعاهد الأكاديمية, قضوا أجمل سنوات العمر التي لا تنسى خاصة درجة البكالوريوس لأنها الركيزة الأساسية للعلوم، هذه السنوات الأولى الجامعية لا يمكن نسيانها تبقى عالقة في ذهن الطالب وهي من يشكله علميا تكاد تكون أغزر المعلومات والتجارب.

كندا بالنسبة لنا ونحن في أقصى صحراء اليابسة بالمملكة العربية السعودية آخر بقاع الأرض الرطبة والثلجية في أدنى المحيط القطبي الشمالي, نحن على أطراف الربع الخالي بحر من الرمال، وكندا على أطراف القطب المتجمد بحر من الجليد، وعلى الرغم من هذا التباين البيئي فطلابنا أحبوا كندا وأحبوا جدية تعليمها وانضباط جامعاتها الحكومية.

طلابنا المبتعثون في ليلة حفل عرسهم كندا 2014م ذرفوا دموعهم سرا وعلانية مبتهجين بحصولهم على الدرجة العلمية من أفضل جامعات كندا وعودتهم لأرض وطنهم لمواصلة المشوار أطباء ومهندسين وإداريين وقانونيين، فكان وداعهم مرا على جامعات ومجتمع كندا وبيئة بلاد الثلج وإدارة الابتعاث التي تعاملت معهم برفق ووعي، لطلابنا ذكريات في كندا مثقلة بالحنين ودفء المشاعر، على الرغم من رياحها الباردة وعلى الرغم من الثلج وبياض الأرض وساعات الطيران عبر محيط سموه بعض العرب بحر الظلمات، لأن المحيط الأطلسي وبلاد الثلج كانت مجهولة وعصية على البحارة والمكتشفين الأوائل والمهاجرين حتى تم اكتشاف أمريكا.

طلابنا - بإذن الله - غنموا علوما قد لا تكون متوافرة في جامعات الداخل، وعاشوا تجربة علمية وتعليمية في بيئة مختلفة متميزة أكاديميا، وهذه هي الفائدة التي حققها برنامج الملك عبد الله للابتعاث، التنوع وأخذ العلوم من مصادرها الأصلية، وأن يعيش الطالب المناخ العلمي في بيئة المعرفة في موقعها الأم .

كان الوداع مرا ونحن في قاعة الحفل لطلاب وطالبات غادروا مقاعد الدراسة وغادروا كندا وهم يحملون أجمل الذكريات وأغلى المعارف، مشاعر لا يمكن وصفها إلا لمن عاش لحظة الوداع داخل القاعة, حيث التقى الطلاب والمبتعثون مع أهاليهم في الساحات والممرات وعند مداخل الأبواب تسبقهم التهاني والتبريكات .

حقق المبتعثون واحدا من أحلامهم، كما حققوا أحد أبرز أهداف بلادهم.

كندا التي بدأت استقبال مبتعثينا منذ عام 1978م أصبحت اليوم الشريك العلمي والثقافي والحضاري الموثوق به, وستبقى تلك العلاقة بين بلدين في طرفي الأرض: السعودية في اليابسة والرمل وكندا في (الرطبة) والثلج، بينهما شراكة وتكامل علمي وثقافي لابد من تمتينه في تبادل الخبرات بين جامعات كندا الجادة وجامعاتنا المتطلعة لتكون بيت خبرة، تستثمر في اقتصاد المعرفة.

مقالات أخرى للكاتب