Friday 21/02/2014 Issue 15121 الجمعة 21 ربيع الثاني 1435 العدد

عمَّتي ودموع مشعل

أخذ الموت المرأة الطيبة.. المرأة الصالحة.. المرأة الكريمة.. المرأة التي فتحت عيني على الدنيا وإذا بها رمزاً ونموذجاً وعلامة بارزة للخير والمعروف.. رحم الله عمتي وأسكنها فسيح جناته.. كنت أعرف أنها إنسانة مختلفة في كل شيء.. كنت أعرف أنها تملك ما لا يملكه غيرها من قلب كبير يتسع لنا جميعاً حتى أصبح بيتها مفتوحاً للجميع.. كنت أعرف أنها تحاصر كل من حولها بالحب والصدق والابتسامة والحنان حتى أصبحت أمّاً للجميع.. ليترك رحيلها أثراً كبيراً في نفوس القريب وحتى البعيد.

في المقبرة حيث الوداع الأخير شاهدت شيخاً يواسي نفسه على غيابها إلى الأبد عن هذه الدنيا.. شاهدت شاباً يحبس أحزانه داخل قلبه.. شاهدت طفلاً يذرف دموعه باكياً ومتحسراً على فقيدة كانت بالنسبة له الكل في الكل.. رجل فاضل بقامة الدكتور محمد الصالح تكلم عند قبرها بعد أن واريناها الثرى بلحظات كلاماً خرج من القلب فأدمع كل القلوب الحضارة.. قال عنها ما يعرفه الجميع لكنه قاله بطريقة لمست جراحاً لن تندمل بوفاتها.

حفيدها مشعل حاله حال بقية أحفادها لم يحتمل أجواء الفقد.. بكى وأبكى كل من رأى دموعه.. دموعه كانت تقول وبكل وضوح أن جدتي ستترك في حياتي مكاناً لا يستحقه غيرها عمتي الراحلة إلى الجنة بإذن الله تعالى ووالدتي الثانية حصة بنت حمد العبدالمحسن التويجري لديها سبعة من الأبناء وأبنة وحيدة (طيبة) ستكون أكثر من يفقدها لأنها عاشت معها ومن أجلها.. رافقتها وعرفتها في كل مكان وزمان فلعل الله يصبرها ويرزقها الصبر والسلوان.. رحمك الله يا عمتي الغالية التي عرفتها وأحببتها وعرفها عن قرب أخي الأكبر وشقيقي (عبدالله) والذي عاش معها تحت سقف واحد لمدة 6 سنوات متواصلة فربته وتعاملت معه على أنه أبنها الثامن تقدم له كل ما يقدمه لأبنائها من حوائج الدنيا ولم تبخل عليه بأي شيء حتى حضنها الدافئ هي وزوجها الأديب الراحل الشيخ عبدالمحسن محمد التويجري -رحمهم الله جميعاً وجمعنا وإياهم بالفردوس الأعلى-، ولا أنسي أيضاً ماذا كانت تمثل هذه المرأة الرمز في أسرة التويجري من مكانة وقيمة في قلب شقيقتي الغالية (بدرية) والتي كانت بالنسبة لها أمّاً حنوناً وقفت معها وساندتها في الكثير من أزمات هذه الحياة أخيراً، وليس آخراً لا يستطيع أي إنسان يعرف هذه المرأة الرمز أن يختصر صفاتها في كلمات ولعل القصيدة التي كتبها ابنها جمال قبل وفاتها واستكملها بعد رحيلها جسدت بعض ما يحمله هؤلاء الأبناء السبعة ومعهم شقيقتهم وأبناؤهم وبناتهم من مكانة كبيرة غرستها بنفوس الجميع.. ولا نقول إلا لله ما أخذ ولله ما أعطي إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ . وعزائي لأحبابي وإخواني: حمد, جمال, خالد, وليد, باسل, ياسر, مازن وطيبة وأبنائهم وبناتهم.

- ماجد التويجري