Saturday 22/02/2014 Issue 15122 السبت 22 ربيع الثاني 1435 العدد
22-02-2014

إعادة البراءة لوجوه أطفال سورية

كعادته في تقديم المبادرات الإنسانية الخلاَّقة، وجَّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بإطلاق يوم للتضامن مع الأطفال السوريين.

مبادرة كانت منتظرة من أب رؤوف يرى أولاد العرب والمسلمين في سورية يتساقطون ضحايا الإجرام المتواصل لنظام بشار الأسد وحلفائه والمليشيات الإرهابية، فالأطفال السوريون هم الحلقة الأضعف في الصراع السوري، أبرياء لا يعرفون الذنب الذي اقترفوه حتى يُقتلوا أو يُصابوا بعاهات ستلازمهم طول حياتهم، فضلاً عن فقدانهم لآبائهم وأمهاتهم وذويهم، مشردين بلا منازل ولا مدارس.

في دول الجوار كما في مدنهم يعيش أطفال سورية حالة مأساوية تدمي القلوب وتدمع العيون، فتراهم في شوارع لبنان والأردن وتركيا يبيعون المناديل، وقد هجروا مقاعد الدراسة لسبب بسيط أنهم لا يجدون تلك المقاعد، وحتى إن وُجدت (بسط وحصير) يتلقى منه الطفل السوري تعليمه (جذواً على الركب) لا يستطيع الذهاب إلى ذلك الفصل الدراسي المتواضع لأنه مشغول في تأمين طعام لإخوته الصغار وأبيه العاجز وأمه المريضة.

أطفال عمرهم كعمر الزهور يزاحمون الكبار في تأدية أعمال تتطلب قوة وجلداً، إلا أن أطفال سورية ينخرطون في تأديتها من أجل توفير (دريهمات وليرات) قليلة لسد جوع من يتكفلون بإعالتهم، فقد تحملوا المسؤولية وهم في عمر يتطلب من الآخرين أن يتحملوا مسؤولية إطعامهم وتعليمهم وكسوتهم.

أطفال سورية الذين نسوا مقاعد المدارس، وملاعب الكرة، بل حتى البراءة غادرت وجوههم بعد أن شاهدوا ما يفقد المرء والإنسان البالغ عقله، شاهدوا البراميل المتفجرة تدمر منازلهم وتدك فصولهم الدراسية وتهدم مدنهم، فهاموا على وجوههم في المدن الأخرى مهجرين، وصبحوا عمالاً وهم غير مخيرين، بل مجبرين لأن الجوع يجبرهم على تأدية أعمال لا يستطيع الاستمرار في أدائها حتى الكبار.

ربع أطفال سورية ذهبوا ضحايا القتال، والباقون إما فقدوا آباءهم وأمهاتهم، أو اضطروا للعمل وهم صغار لمساعدة أهلهم في البقاء على قيد الحياة.

أطفال سورية هم أحق من الجميع في تقديم العون لهم والمساعدة في لَمّ أسرهم، وإعادة بناء مدارسهم، ورسم البراءة على وجوههم من جديد.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب