Saturday 22/02/2014 Issue 15122 السبت 22 ربيع الثاني 1435 العدد
22-02-2014

حادثوا أطفالكم وقرّبوهم!

علينا أن ندرك جيداً المخاطر التي يواجهها الأطفال في هذا العصر الرقمي، خاصة مع تنامي أعدادهم بشكل مهول، وانخفاض السن الأدنى من تسع إلى ست سنوات، ولعل كتاب «هل طفلك آمن إلكترونياً» للصحفية الباحثة البريطانية باميلا ويتبي يشير إلى خطورة الوضع على الأطفال في الغرب، ومن باب أولى أن يكون الوضع أكثر خطورة في الدول النامية، وبالذات الدول العربية.

فإذا كان هناك طفل من كل أربعة أطفال يعرف الإنترنت أكثر من والديه في بريطانيا، فمن باب أولى أن يكون ثلاثة أطفال من أربعة يعرفون الإنترنت أكثر من والديهم في دول العالم العربي، ومن بينها المملكة، خاصة فيما يتعلق الدخول لكافة المواقع والمنتديات والتواصل الاجتماعي، إلى درجة ارتفاع مستوى إتقان اللغة الإنجليزية لدى هؤلاء الأطفال بشكل أكبر من والديهم من الجيل السابق.

وقد قامت جريدة عكاظ بطرح سؤال في موقعها عما إذا كان الوالدان أو أحدهما يراقب أطفاله، فكانت النتيجة أن من يراقب أطفاله لا يتجاوز نسبة 25% من عينة البحث في المملكة، رغم اعتراف النسبة الباقية بأهمية مراقبة حسابات هؤلاء الأطفال، في مواقع تويتر وفيس بوك وإنستغرام، لكنهم لا يفعلون ذلك لأسباب مختلفة.

السؤال المهم هل يعرف هؤلاء الآباء والأمهات أن أطفالهم قد يتعرضون إلى التحرش الجنسي، أو الاستغلال الجنسي، أو ما يسمى التنمر الإلكتروني، حتى وإن كان جريمة إلكترونية يعاقب عليها القانون الدولي؟ هل يعرف هؤلاء أن مختلف تطبيقات أجهزة الهواتف الذكية قد تورط أطفالهم في قضايا أخلاقية لا ينفع الندم بعدها؟ وهل يعرف هؤلاء أن برامج التواصل الاجتماعي في الأجهزة الذكية جعلت أطفالهم أقل ذكاءً؟ وذلك في الدراسات الإحصائية.

هناك انفلات أخلاقي مخيف في مواقع التواصل الاجتماعي، يخالف حتى تشريعات الغرب التي تعتبر تعرض الأطفال تحت سن معينة إلى علاقات أو التمهيد لعلاقات جنسية هو من الجرائم التي يعاقب عليها القانون، لكنها مع انفتاح الفضاء، وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت خطرا يصعب التحكم به، حتى مع رقابة حسابات الأطفال في تويتر أو فيس بوك أو إنستغرام، لأنهم قادرون على الدخول بأسماء وهمية وسرية لا يعرف عنها الوالدان شيئاً.

لذلك يجب على الوالدين أن يجددا باستمرار علاقتهما بالتقنية، وأن يعرفا كل التطورات في البرامج والتطبيقات، وألا يراقبا طفلهما بطريقة مباشرة، بل بشكل غير مباشر، وحتى لو اكتشف أحد الوالدين وقوع طفلهما في الخطأ، عليه التعامل معه بشكل واعٍ، وإقناعه بأن طريق العودة مفتوح، والكف عن الخطأ مقبول، وباب التوبة مفتوح دائماً، حتى يعود الطفل في كل الحالات إلى والديه، ويصارحهما بكل وضوح، ويطلب نصحهما والوقوف بجواره. كما يجب انتشال أطفال العصر الرقمي من عزلتهم، وإدمانهم ارتياد مواقع التواصل الاجتماعي، والتحاور المستمر معهم، والتفكير بطريقتهم، حتى لا يبحثوا عن بديل الوالدين المحاورين في هذه المواقع، ممن قد يكون مدمنا على استدراج الأطفال، والعبث بعقولهم، والتحرش بهم، واستغلالهم جنسياً، وغير ذلك من طرق الاستغلال والابتزاز التي قد تؤدي أحياناً إلى ارتكاب جرائم، أو الانتحار، نتيجة الخوف والقلق واليأس من هذا العالم الشرس!

مقالات أخرى للكاتب