Monday 24/02/2014 Issue 15124 الأثنين 24 ربيع الثاني 1435 العدد
24-02-2014

ربيع العرب بدأ في العراق في 2003

قبل حوالي سنتين، كتبت بهذه الصحيفة الموقرة مقالا بعنوان «ماذا قال هذا الجنرال»، وقلت إن ما سمي بربيع العرب، لم يبدأ منذ العام 2011، كما يتوهم البعض، وإنما بدأ فعليا في اللحظة التي سقطت فيها بغداد في 2003، وقد استشهدت بالمحادثة الموجزة، والتاريخية، والتي لم يلتفت لها أحد، ناهيك عن أن يعلق عليها، والتي جرت في شهر مارس من عام 2003، بين السيد ريك اتكنسون، الصحافي بالواشنطن بوست، والجنرال، ديفيد بترايوس، قائد القوات الأمريكية التي احتلت العراق، وهي المحادثة التي أشار إليها الكاتب الأمريكي الشهير، جورج ويل ، في مقالة شهيرة، نشرت في جريدة الواشنطن بوست في 9 فبراير، 2011م.

يقول السيد ويل إن اتكنسون سأل بترايوس قائلا: «إلى أين سينتهي هذا كله؟»، يقصد غزو العراق، فأجابه بترايوس بأربع كلمات لا أكثر، ولكنها كلمات خطرة، إذ قال: «ثماني سنوات وثمانية تقسيمات!»، وقلت حينها إنه على الرغم من مضي ثماني سنوات، منذ تلك المحادثة دون أن ينتهي الأمر، عدا تقسيم واحد، في السودان، إلا أن علينا ألا نتوقف عند العبارة بنصها الحرفي، بل بمدلولاتها الواضحة، كما بينت بأن قائل تلك العبارة - التي أرجو ألا ننساها - هو الجنرال ديفيد باتريوس، الذي تم تعيينه رئيسا للاستخبارات الأمريكية (سي.آي.إيه)، بعد نجاحه في تثبيت احتلال العراق، ثم أطاحت به، وبتاريخه العريق فضيحة جنسية هزت واشنطن قبل فترة غير طويلة.

لننظر ماذا جرى بعد احتلال العراق، فليس صحيحا أن أمريكا فشلت، وسلمت العراق لإيران على طبق من ذهب، كما يذهب البعض، فلا يعقل أن أكبر إمبراطورية على وجه الأرض، وأعتاها ستقع في مثل هذه الغلطة الساذجة، والصواب، ربما، هو أن الهدف لم يكن نشر الحرية، والديمقراطية، بل زرع الفوضى الخلاقة، والتي ستفضي إلى التقسيم حتما، ولا ندري حتى الآن من ستكون الدولة التالية في التقسيم، بعد السودان، فإلى جانب العراق، هناك سوريا، وهناك اليمن، وربما لولا لطف الله بأهل الكنانة، وثورتهم التصحيحية الثانية على التنظيم الدولي للإخوان، لكانت مصر على القائمة التي ذكرها الجنرال باتريوس قبل أكثر من عشر سنوات !!، وخلاصة الحديث، هي أن الوضع في بعض البلاد العربية وصل من السوء درجة لا تكاد توصف. هذا، ولكن من لا زال يؤمن بأن العالم الغربي سيساعد العرب في التمتع بقيم الحرية، والعدالة، والديمقراطية، هو مثل من ينتظر من بنيامين نتنياهو أن يتكفل ببناء منزل لأسرة فلسطينية مكلومة !!، فهل تصحون من سباتكم يرحمكم أرحم الراحمين.

ahmad.alfarraj@hotmail.com

تويتر @alfarraj2

مقالات أخرى للكاتب