Wednesday 26/02/2014 Issue 15126 الاربعاء 26 ربيع الثاني 1435 العدد
26-02-2014

«لا للتهور»

الجهاد له أصوله وقواعده التي حددها شرعنا وشريعتنا الإسلامية ولم يترك مجالاً للتأويل أو التحريف إلا من أراد أن يمتطي صهوة العناد والمخالفة لما أمر به الله أن يكون.. نعلم أن الجهاد ذروة الإسلام وسنامه ولكن ليس بالطريقة التي أهلكت شبابنا وجرتهم إلى مستنقعات الغدر والخديعة فتحولوا إلى أدوات يستخدمها أعداء هذا البلد ضد وطنهم وضد أنفسهم وأهلهم وأسرهم.. وحان الوقت لإيقاف هذا العبث إن صح التعبير لأن إزهاق الأرواح ورميها في المهالك بدون تروي ولا رويه ولا حق يصبح عبثا وانحرافا واضحا وصريحا، لذلك أتى أمر الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز ليريح الآباء والأمهات من معاناة طالت في تهور بعض الأبناء وانحرافهم عن الطريق الصحيح والأسلوب الأمثل للتعامل مع الواقع، وقد ثمنت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء هذه الخطوة الموفقة حيث قال الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد: إن الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء إذ تنوه وتثمن هذا الأمر الملكي الكريم لتؤكد أنه يأتي في سياق السياسة الشرعية المناطة بولي الأمر والمؤسسة على النصوص الشرعية، والقواعد المرعية التي تقوم على أن تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة، ومن ذلك قرار السلم والحرب المناط بولي الأمر ابتداءً وانتهاء، فقد قرر العلماء في مجاميعهم أن أمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده، ويلزم الرعية طاعته في ذلك.. وهذا ما يجب أن يكون إما أن يترك الأمر كما كان سابقًا التحاق بمنظمات إرهابية وارتماء في أحضان التطرف والمتطرفين والقيام بأعمال تتنافى مع شريعتنا وعقيدتنا السمحة هذه ليست الطريقة السليمة لأي إنسان يملك فكرا وعقلا سليما.. وقد رأينا وشاهدنا وسمعنا في السنوات الماضية ما يكفي من الأدلة والقرائن التي اتضح من خلالها أن شبابنا الذين خرجوا عن طوع أهلهم وولي أمرهم لم يحصدوا إلا الخيبة والدمار بل استخدموا كوسائل للتفجير والتقتيل والعبث الإنساني وحملوا أهلهم تبعة ما لحق بهم فبكت الأمهات وترملت الزوجات وانهار الآباء وأغلبهم لم يخرج تدينًا ولكن من أجل نزوات عنترية ألحقت الضرر بهم وببلادهم وأسرهم لذلك آن الأوان أن يوقف هذا المد غير المبارك ونعيد الأمور إلى نصابها.. وقد أكد خطأ هؤلاء كل الأئمة الشرعيين المعروفين واعتبروا القيام بالجهاد بشكل فردي عبث وجنون.. ولا يقره الشرع وقد أكد ذلك العلامة الشيخ عبدالله بن بيه، أستاذ الفقه اإسلامي، ورئيس المركز العالمي للتجديد والترشيد بلندن، وعضو المجامع الفقهية، وأستاذ الدراسات والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبدالعزيز ووزير سابق، بأن كثيرا من فتاوى الشباب قاصرة كونها تعتمد أو تؤسس على الجزئيات وليس على الكليات، ولهذا يجانبها الصواب، جاء ذلك في الحلقة الأولى من سلسلة اللقاءات مع العلامة بن بيه، وأوضح أن بعض الشباب يتمسك بالجزئيات ويقيم عليها فتواه، فرغم أن العلماء ينظرون دائمًا للجزئي من خلال الكلي، وأضاف بأن السبب وراء هذه الاستمساكات ضعف في الوعي الشرعي، وبعض الاستحكامات الأيدلوجية، وحب الظهور والغلبة والاختلاف.. فإذا كان هذا رأي العلماء الأجلاء الذين قضوا حياتهم في البحث والتحقيق والتدقيق في الأوامر والنصوص الشرعية فما بالك بأناس يأخذون الفتوى ممن لا يملكونها وليسوا أهلا لها.. كيف لهم أن يرتادوا دروب المهالك دون وعي أو روية.. كيف يخرجون على ولي الأمر وأوليائهم هكذا طريقة وهكذا أسلوب.. إن ذلك يعد خروجًا عن الواقع المحمود إلى الواقع المذموم والمكروه فحري بشبابنا الذين انساقوا في هذا الطريق أن يعودوا إلى رشدهم وأن يفكروا فيما ينفعهم وينفع أسرهم ويعود على بلدانهم وأهاليهم بالخير لا بالشر والنكبات هذا إذا أرادوا أن يطيعوا الله والرسول صلى الله عليه وسلم ومن لا يعلم فليسأل أهل العلم الثقاة ويبتعد عن مواضع الشبهات أيا كان لونها ودعاة الشر والفتن كما أن اليوم غير الأمس وعلى كل شخص أن يتنبه أن العقاب سيكون بانتظاره لا محالة.. وشكرًا لولي الأمر ولعلمائنا حفظهم الله الذين يحرصون علينا وعلى أبنائنا والله الهادي إلى سواء السبيل..

alfrrajmf@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب