Monday 03/03/2014 Issue 15131 الأثنين 02 جمادى الأول 1435 العدد
03-03-2014

مهام رعاية المعاق

رعاية المعاق في العصر الحديث باتت أشد ضرورة، وأكثر إلحاحًا في حياة المجتمع، وتتطلب جهدًا أكبر من الأسرة والمجتمع والعالم من حوله، فالتحدِّيات المعاصرة حول مهام رعاية المعاق نشأت بسبب تعدد المصطلحات، وتباين الرؤى في مسألة رعايته وتقديم العون له ودمجه بالمجتمع العادي، أضف إلى ذلك أن الكثير من المجتمعات تعاني بالأصل من مشكلات اقتصاديَّة وحياتية خانقة تجعل أمامها الكثير من الواجبات، ومن ضمنها المعاق، أو ذوي الاحتياجات الخاصَّة.

فالإعاقة في السابق في الكثير من المجتمعات المدنية والريفية كانت تميل إلى دمج هذه الفئة بمن حولها بأسلوب عفوي وبمساعدة مألوفة للمعاقين، على العكس من هذه الأيام التي تشهد تنظيرًا كثيرًا، وتعريفات مختلفة، وفصلاً مفاهيميًّا واضحًا بين المعاق ومجتمعه، فلم توفق هذه الرؤى والتفاعلات في تسهيل حياة المعاق بل جعلته بحاجة إلى مزيد من الجهود الإنسانيَّة والتنظيميَّة لكي لا يكون عبئًا على المجتمع، لذلك عادة المناشدات أخيرًا إلى دمجه بالمجتمع، وانصهاره مع من حوله.

فمشروع دمج فئة ذوي الاحتياجات الخاصَّة أو المعاقين لا يزال يحتاج إلى جهد تنظيمي ومالي يحقِّق لهم المنافع المرجوة، ويسهم في بناء جسر من التواصل مع المجتمع.. فالدمج أمر في غاية الأَهمِّيّة ويتطلب من الجميع التعاون وتذليل كافة الصعوبات، ولا سيما البيئة المدرسية بأن تكون مؤهلة لتقبل هؤلاء المعاقين من حيث التجهيزات المدرسية، والمرافق، ويسبقها الاستعداد المعنوي والنفسي وتدريب الطلاب الأسوياء وتهيئتهم على التعامل مع من حولهم بكلِّ أريحية واهتمام.

وكذلك على الأسرة والمجتمع من حوله أن تعي حقيقة هذه الفئة وأن تسهم في التعريف بمنجزهم الإنساني وفق معطيات سليمة، فقد كانت تمارس في السابق بشكل سلس ومميز، حتَّى إن اللغة أو الإشارة إليهم كانت هينة ولينة، فيذكر أن من يفقد أحد عينية لا يقال عنه أيّ وصف مؤذٍ إنما يقال: إنه (كريم عين) وهي كناية عن رفع المعنويات، وعدم وصفه بأي شيء ينتقص من قيمه، ومكوناته.

ما يميز تجربة المعاقين في السابق أنها كانت تميل غالبًا إلى العصامية وقلّة اليأس، والتسلح بالإيمان والعزيمة، بل إن من هؤلاء المعاقين من تفوق على الأصحاء والأسوياء في الاختراعات والمنجزات العلميَّة، والتاريخ يزخر بالكثير من القصص والمواقف التي تؤكد قوة عزيمة هذه الفئة وتفاعلهم الإيجابيّ مع الحياة والناس من حولهم.

إلا أن الأبرز هذه الأيام في هذه العلاقة هي النَّشء والأطفال الذين يعانون من الإعاقة بمختلف أنواعها، فهو يحتاجون بالفعل إلى نقلات نوعية لبناء قاعدة معنوية قوية من أجل أن ينطلقوا إلى عالم الأسوياء، وعوالم العطاء والتَّميز والإبداع، ليكون خير نموذج في حياتنا الإنسانيَّة المعاصرة.

ورعاية المعاق لا تتوقف عند حد معين، أو تكون مسؤولية جهة معينة، إنما مشروع إنساني للجميع، ويجدر بنا التحرك نحو أهداف سامية في هذا الموضوع الحيوي دون تحميل أيّ طرف تكاليف أو خطط أو إستراتيجيات مستقبلية قد لا تحقق بسهولة، ولكن الأولى والأهم هو خدمة هؤلاء المعاقين وفق ما متوفر في أيّ مجال من مجالات الحياة، ليشعروا بأن الدنيا لا تزال بخير.

hrbda2000@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب