Monday 03/03/2014 Issue 15131 الأثنين 02 جمادى الأول 1435 العدد

في كلمة ألقاها أمير منطقة مكة المكرمة خلال افتتاحه المؤتمر العالمي الثاني:

خادم الحرمين الشريفين: التضامن الإسلامي تتحدَّد قيمته بالأهداف ومن أهمها جمع الكلمة وتوحيد الصف

مكة المكرمة - واس:

نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- افتتح صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة أمس، المؤتمر العالمي الثاني: (العالم الإسلامي.. المشكلات والحلول)، الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي في مقرها بمكة المكرمة.

وبدأت أعمال المؤتمر بالقرآن الكريم، عقب ذلك ألقيت كلمة المشاركين في المؤتمر، ألقاها بالنيابة عنهم رئيس مجمع الفقه الإسلامي بالسودان الدكتور عصام الدين بن أحمد البشير رفع فيها الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي عهده الأمين ولسمو النائب الثاني -حفظهم الله- على جهودهم في خدمة الإسلام والمسلمين.

وقال الدكتور البشير: «في هذا المؤتمر الجامع، الذي هو ثمرة لمؤتمر القمة الإسلاميَّة للتضامن برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- في بلاد لها في عنق كل مسلم يد سلفت ودين مستحق، ويأتي هذا المؤتمر في رحاب رابطة العالم الإسلامي التي ما زالت بفضل الله، ثمَّ بفضل جهود معالي أمينها العام تحث الخطى نحو غايات كريمة سامية، ومبادرات بناءة نافعة، تعالج من خلالها هموم أمتنا، ومشكلات واقعنا، وتفتح الباب واسعًا رحيبًا لعلماء الأمة وأهل الرأي فيها ليشخّصوا العلل والأدواء، ويقدَّموا العلاج النّاجع المستمد من نظم الإسلام الصالحة ومنابعه التي لا تكدرها الدلاء».

بعد ذلك ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن عبدالمحسن التركي كلمة رفع فيها الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- على رعايته المؤتمر، ولمختلف مناسبات الرابطة التي تحظى بدعم متواصل منه ومن سمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني -حفظهما الله- حرصًا منهم على خدمة الإسلام والدفاع عنه.

إثر ذلك ألقى سماحة مفتي عام المملكة، رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ كلمة قال فيها: «إن من فضل الله على المسلمين أن أوجد بينهم رابطة وأمرهم بالاعتصام بحبله وعدم التفرَّق ونهاهم عن الفرقة، مبينًا أن الإيمان هو الرابطة بين جميع المسلمين، مؤكدًا أهمية التضامن الذي يجب أن يكون على الدعوة إلى الله والتمسُّك بدينه وعبادته سبحانه وهو أعظم المطالب، مشيرًا إلى أن التضامن الإسلامي يتَضمَّن التعاون في تحكيم الشرع الإسلامي والدفاع عن العقيدة وعن أمة المسلمين.

عقب ذلك ألقيت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- ألقاها نيابة عنه صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة قال فيها: «أصحاب المعالي والفضيلة والسعادة السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد شرفني سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- بنقل تحياته الكريمة لكم، وترحيبه بكم في بلدكم الثاني المملكة العربيَّة السعوديَّة، وافتتاح هذا المؤتمر نيابة عن مقامه الكريم وإلقاء كلمته التالية -حفظه الله-: «أصحاب المعالي والفضيلة والسعادة أشكر رابطة العالم الإسلامي والمسؤولين فيها على عقد هذا المؤتمر مؤتمر العالم الإسلامي الثاني بعنوان (العالم الإسلامي المشكلات والحلول) واختيار التضامن الإسلامي موضوعًا لأبحاثه ومناقشاته، فبالتضامن تتوافق جهودكم على المستويات الشعبية مع جهود القادة على المستويات الرسمية وتلتقي على خدمة أمتنا الإسلاميَّة التي تعيش اليوم حالة حرجة من الفتن والصراع المرير، حتَّى أصبح إزهاق الأرواح من كثرته وتكراره أمرًا مألوفًا لا يثير هولاً ولا استفظاعًا ناهيك عمَّا تخلفه تلك الفتن والصراعات من هدم العمران وتردي الاقتصاد وتخلفه، وتعرض الأفراد والأسر لما لا يخفى عليكم من العناء والمآسي وما يحل بالشعب السوري الشقيق منذ ثلاث سنين ما هو إلا مثال شاهد على ذلك». «إن هذه الحالة العصيبة التي أقلقت العديد من الأوطان الإسلاميَّة وزعزعت أمنها واستقرارها، وأضعفت التواصل بين دول العالم الإسلامي وشعوبه تستوجب ضرورة تكثيف بذل الجهود من المخلصين لنشر ثقافة التصالح والتسامح والاعتدال، ودعم جهود التضامن لرأب الصدع، الذي أصاب الصف الإسلامي، والوقوف في وجه كل من يحاول المساس بديننا ووحدتنا امتثالاً لقول رسولنا صلَّى الله عليه وسلَّم: (إن الله يرضى لكم ثلاثًا أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم)، والمؤمل ـ بعد الله عزَّ وجلَّ ـ فيكم أيها العلماء والدعاة وأصحاب التأثير الفكري والتَّوجيه الاجتماعي أن تكونوا على قدر ما أتاكم الله من نعمة العلم والفهم والدراية بعلل الأمة وأدويتها وأن تسهموا بما تستطيعون في لمِّ شملها ورأب صدعها ونشر ثقافة التصالح والحوار والوسطية بين مختلف فئاتها وأن تحذروا شبابها من النزلاق في مسارب الغلو والعصبية للآراء أو الأحزاب أو الطوائف أو الانتماءات الخاصَّة».

أيها الإخوة: «إن حرص المملكة العربيَّة السعوديَّة على تحقيق التضامن بين المسلمين أمر مستقر لا تتزحزح عنه ولا تتهاون فيه لأنّه التزام ناشئ من الأسس التي قامت عليها، فرعاية وحدة الأمة وتحقيق تضامنها أصل من أصول الكتاب والسنَّة اللذين هما دستور المملكة والأساس لأنظمتها كافة، ومن المعلوم أن الانتساب لهذه الأمة يقتضي واجبات من العمل على إصلاح أحوالها والحفاظ على دينها، ووحدة كلمتها والذب عنها، ولا يمكن أن يحفظ لها دينها من دون سياج من اللحمة والتعاضد بين شعوبها وحكوماتها ودولها قال جلّ من قائل: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}»، وروى النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قوله: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).

«لقد أعطت المملكة اهتمامًا عمليًا للتضامن المنشود وعملت له في الماضي والحاضر من خلال الأطر التي تربطها بالدول والشعوب الإسلاميَّة، وما دعوتنا الأخيرة إلى مؤتمر القمة الاستثنائي الرابع الذي كان موضوعه التضامن الإسلامي، الذي عقد في رمضان من العام 1433هـ، بجوار بيت الله الحرام قبلة الإسلام ومهوى أفئدة المسلمين إلا رعاية لهذا المبدأ والأصل المتين، وقد كان الهدف من عقده بجوار بيت الله الحرام أملاً في أن يكون المكان الطاهر، مذكرًا بأهمية الوحدة والتعاون بين أبناء الأمة، الذين يولون وجوهم شطره كل يوم ويتبعون الرسالة التي انطلقت منه يتبعون رسالة الحق والعدل والتوحيد والإنسانيَّة رسالة الرحمة والخير للبشرية جمعاء». «ولا يفوتنا في هذا المقام أن ننوّه بأن رؤية المملكة تقوم على الشمولية في المسؤولية نحو تحقيق التضامن فلا تناط هذه المهمة بالحكومات والقادة السياسيين وحدهم، بل لا بُدَّ من تعاون المنظمات والهيئات غير الحكوميَّة وكذلك العلماء ورجال الفكر والدعوة والإعلام وكل ذي تأثير في الرأي العام وأن الأمر يحتاج إلى إخلاص النيات وتنسيق الجهود في إعداد البرامج والمشروعات المناسبة وتهيئة الشعوب إعلاميًّا وثقافيًا».

«وترى المملكة أن التضامن الإسلامي تتحدد قيمته بالأهداف المتوخاة منه ومن أهمها جمع الكلمة، وتوحيد الصف، وإخماد بؤر الصراع وأسباب الفتن وتجميع قدرات الأمة على ما يصلح حالها ويبعد عنها الشرور ويرفعها إلى مستوى المشاركة العالميَّة في خدمة القضايا الإنسانيَّة».

«ولا ريب أن العوائق كثيرة ولكنها تهون ـ بإذن الله ـ متى ما توافرت الاستعانة بالله، والثقة بوعده بالعون والتوفيق، وقد لا تؤتي المحاولة الأولى ثمارها من النجاح لكن ينبغي ألا يثنينا ذلك عن إعادة الكره وتكرار المحاولة، فقد رأينا في سنن الله التي أجراها في خلقه، وأن الصبر مطية النجاح وأن طريقه محفوف بالمشقة والمكاره، وأن صدق النية وقوة العزيمة جناحان يبلغ بهما صاحبهما مبتغاه ويحقِّق مرامه».

«والأمل في الخالق سبحانه وتعالى بأن يحقِّق لنا مرادنا، ثمَّ في الرابطة وأمثالها من الهيئات والمنظمات الشعبية أن تقوم بجهود التوعية بأهمية التضامن الإسلامي وضرورته لإصلاح أحوال الأمة والنهوض بها».

«وفي الختام أشكر رابطة العالم الإسلامي بقيادة رئيس مجلسها الأعلى وأمينها العام، على ما تسهم به من جهود متميزة في توعية الأمة بواجباتها نحو دينها وأوطانها وقضاياها ورد الشُّبهات والأباطيل الموجهة ضد الإسلام وحضارته ورموزه ومقدساته».

سائلاً الله تعالى أن يكلل أعمالكم بالنجاح والتوفيق لما فيه الخير للأمَّة الإسلاميَّة جمعاء. والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بعد ذلك قدم معالي الأمين العام للرابطة هدية تذكارية لسمو أمير منطقة مكة المكرمة بهذه المناسبة.