Thursday 13/03/2014 Issue 15141 الخميس 12 جمادى الأول 1435 العدد
13-03-2014

داعش والغبراء وخطباء الجمعة!

غـداً الجمعة، وفي كل يوم جمعـة يعتلي منابر الجوامع في كل أنحاء الوطن الغـالــي آلاف الخطباء. وبأيدي هؤلاء جميعــاً أمانة رسالة، لا بد أن يبلغوها للناس، وذلك بالتأكيد عليهم أن ينتهجوا مناهج الإسلام الصحيحة، والبُعد عن كل منهج معوج؛ يؤدي إلى الهلاك؛ كي تستقيم أمور دينهم ودنياهم. كما أن مسؤوليتهم عظيمة في ندب الناس لكل ما يؤدي إلى تلاحم المجتمع وترابطه لقطع الطريق أمام كل محرض على الفُرقة والخروج عن الصف، وأمام كل مجيش لأفراد المجتمع لطحنهم في حروب لا طائل من ورائها. ودور الخطباء بوصفهم إحدى القوى المؤثرة على الناس بليغٌ في دعوة الناس جميعاً للاشتغال بأمور حياتهم وحل مشكلاتهم، وفي أي أمر فيه صلاح للمجتمع، والابتعاد قدر الإمكان عن مَواطن الانغماس في التحزبات المؤدية للفُرقة والتشتت، والسمو عن الانخراط في خدمة توجهات فكرية منحرفة عن المنهج الوسطي القويم، باتت أهدافها مكشوفة لكل ذي لب، يدرك ويعي ما جلبته تلك الجماعات والتحزبات المتدثرة بأثواب الدين للبلاد والعباد من القتل والتدمير وتشويه صورة الدين.

على ضوء ما ذكرتُ، ينتظر الملايين غداً الجمعة إشارات الخطباء لبيان وزارة الداخلية الذي صدر مطلع هذا الأسبوع حول موقف المملكة من بعض الجماعات الإرهابية، وهو البيان الذي أدان جماعات تنظيم القاعدة والنصرة والإخوان وحزب الله السعودي وداعش، و»الغبراء». وبمناسبة الغبراء، فلا توجد جماعة بهذا المسمى، ولكن لأننا نفاجأ كل يوم بجماعات جديدة فلا أستبعد أن تظهر لنا جماعة جديدة بهذا الوصف؛ لتنضم لجماعة داعش تحت عنوان «داعش والغبراء»، وهو بالتأكيد ليس بمسمى الحرب الجاهلية «داحس والغبراء»، وإنما ينتهج طرقها نفسها، وربما أسوأ.

البيان كان صريحاً؛ إذ سمى الأشياء بمسمياتها، وكان واضحاً في كيفية التعامل مع مَن يثبت تورطه مع أي جماعة إرهابية ولو حتى بالتلميح لا التصريح. فهل سنرى من خطبائنا الكرام الذين صموا آذانهم، وأغمضوا عيونهم ردحاً من الزمن - وأنا هنا لا أعمم - ما يشفي صدور العقلاء والمخلصين، وذلك بالتنديد بتلك الجماعات وبأعمالها المشينة، ودعوة الناس للترابط والتلاحم والتكاتف لبناء مجتمع متماسك، يعمل بكل جهد كي تكون هذه البلاد في مقدمة الركب، وبيان عوار كل تلك الأحزاب، مع البُعد عن الانتقائية وفقاً للأهواء؟

أعود مرة أخرى للجماعات التي صنفها البيان على أنها جماعات إرهابية من خلال رصد دقيق لأعمالها، فأجد أن بعض تلك الجماعات حديثة التكوين، مثل داعش والنصرة، بينما بعضها قديم نسبياً مثل القاعدة وحزب الله الشيعي السعودي. أما جماعة الإخوان في السعودية فمعروفة للمتابعين منذ زمن طويل بين كل الأوساط. كان يطلق عليهم من يحس الريبة في أعمالهم وسلوكياتهم مسميات كثيرة، منها مسمى الحزبيين نسبة لتحزبهم ووقوفهم كتلة واحدة في كل دوائر الدولة وجامعاتها ضد أي قرار يرون أنه لا يوافق أهواءهم. ومن التسميات أيضاً «القطبيون» نسبة لسيد قطب أحد منظري الجماعة. ومع هذا لم نسمع يوماً من خطيب جمعة أي إشارة لهم ولانحراف منهجهم.

اليوم بعد أن كشف البيان الأقنعة، وعرى تلك الجماعات، هل سنجد أيضاً من خطبائنا الأفاضل تأصيلاً لتلك الجماعات، يكشف مزيداً من زيفها وانحرافها، وتوجيهاً للناس وفق المنهج الوسطي في الدين الإسلامي؟

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب