Saturday 15/03/2014 Issue 15143 السبت 14 جمادى الأول 1435 العدد
15-03-2014

لعلَّ له عذرا..!!

حين تقصيك وعكة صحية عن عملك ، فأنت مطالب بتقرير طبي كي يصدقك رئيسك..!!

وحين يقصيك المرض ذاته عن مناسبة لصديق، فإن صوتك عبر الهاتف كفيل بأن يمنحك العذر، بل مزيدا من صديقك إغداق قلقه عليك، وأسفه لمرضك، وحسرته لفراغ مقعدك من حضورك..

وحين يعيقك الوضع نفسه عن المشاركة في مناسبة ما..، ولا يكون لديك السبيل لأن توصل عذرك ، فلا تقريرا طبيا عاجلا، أو آجلا، ولا مهاتفة متاحة لها أرقام التواصل..، فأنت حينها في مأزق الوعكة البدنية ..،وفي مأزق الوعكة الذهنية التي تعتريك..، إذ كيف ستخرج من ورطتك داخل سياجات تأويل غيبي عن غيابك..؟

فمن يرى غيابك متعمدا ..، ووراء هذا عشرات التآويل..، ومن يجده استهتارا في حين تكون أنت في لوعة العجز عن الحركة..، وهناك من يظنك متعاليا، وأنت في أضعف لحظات بشريتك..، ومكابدة خيبتك لعدم المثول.....!!

ورطتك مع البشر لا تخرجك منها تقارير طبية ، لأنهم سيكونون قد صنفوك ،ووهبوك من الصفات ،ومنحوك من الأركان ما لا تعلم..، ولن يخرجك منها اتصال ما بعد إن قدرت لك الوسيلة، لأنك في نظرهم ستكون في موقف «الآتي بعد انفضاض الجلسة»، فعذرك «تحصيل حاصل».. فهم قد منحوك ما لا تدري في نفوسهم من الأسباب المفسَّرة ، والمصنَّفة كيفما يريدون..، إلا الأعذار فإنهم لن يخلعوها عليك، ولن يبسطوها بين يدي غيابك...!!

في العمل علاقتك بالموعد علاقة ورقية منزوعة المشاعر..، مغفلة وضع الإنسان في مواقف الفُجاءة..

في الصداقة ،في كل وضع أنت فيه فإنك فوق الشك، وأبعد من الظن..!

وبين عامة الناس الذين يعرفونك وهم لا يعرفونك ، أنت في كل الأحوال معهم تتأرجح بين الشك..، واليقين،.. بين الأبيض والأسود،.. بين وبين..

وغالبا ما تدرك أنك بين فكي بشر، لا قطعتي رحى..!

من هنا بسطت الأعذار حتى بلغت السبعين ونيفا في مدرسة محمد بن جعفر رضي الله عنه: «التمس لأخيك عذرا واحدا إلى سبعين عذرا، فإن أصبته وإلا، فقل لعل له عذرا لا أعرفه» -البيهقي بسنده في شعب الإيمان-

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب