Saturday 15/03/2014 Issue 15143 السبت 14 جمادى الأول 1435 العدد
15-03-2014

فلافل معرض الكتاب

كأي مواطن صالح، صحوت من النوم. استحممت ثم لبست ثيابي وتعطّرت. صليّت صلاة الضحى، ودعوت الله أن يفتحها في وجهي.

توجهت بسيارتي لمعرض الكتاب، لأن هذا الوقت لن يشهد زحاماً، ولن تكون النفوس في رؤوس الخشوم كالعادة. قبل أن أصل للبوابة، كنت مضطراً أن أصطف مع السيارات الأخرى في زحام التحويلة، التي أصر المسؤولون عن الرياض أن يستقبلوك بها استقبالاً حافلاً، وكأن آليات السفلتة الضخمة، هي موسوعات ثقافية لجناح معرض وزارة النقل أو أمانة منطقة الرياض، ولكن في الهواء الطلق!

قبل أن أعبر البوابة الداخلية، أفرغت لرجل الأمن كل ما في جيوبي من مفاتيح وفواتير وقائمة مقاضي وموبايل ومحفظة تبرز من أحشائها بعض العشرات والخمسات. تلوت دعاء دخول السوق، لكي أحصن نفسي من شر من به شر. توجهت لجهاز البحث الآلي، فوجدت أمامه مجموعة من الشباب، فانتظرت دوري، لكنهم فيما يبدو «راعين طويلة»، كل واحد منهم يمسك بورقة مملوءة بقوائم من الكتب التراثية. جاء دوري، فكتبت اسم الشاعر الذي أرغب اقتناء كتبه. سجلت اسم دار النشر ورقمها، ومضيت أبحث عنها. وبعد أن وصلت لها، وجدت رجلاً ملأ الشيب شعر رأسه.

سألته عن كتب لهذا المؤلف، فأجابني وكأنه يعرفه:

-هذا ما إِلو إلاّ ديوان واحد عنوانه البهجة أبصر أيش.

-أبصر أيش؟ كيف أبصر أيش؟!

-شو بيعرفني يا زلمة؟! هذا الديوان نشرناه زمان، من إشي قرن!

-قرن؟! هذا شاعر حديث يا أبو الزلمات، والجهاز يقول أنتم الذين نشرتموه.

-نشرنا اللي أبصر شو اسمه، الثاني ما نشرناه.

-يعني لو نشرتوه، ما كان ابصر شو اسمه، وكانت الفواتير رايحة جاية؟!

لم أحببْ أن أكمل الحوار معه، فلقد شعرت أنني أمام محل فلافل، وليس أمام جناح دار نشر. وبمناسبة الفلافل، فلقد تذكرت أنني لم أفطر حتى الآن.

مقالات أخرى للكاتب