Sunday 16/03/2014 Issue 15144 الأحد 15 جمادى الأول 1435 العدد

ورحلت بهدوء يا والدي..

اللهم أفرغ علينا صبرا..

اللهم هب لنا من اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا..

اللهم ارزقنا الصبر على فراقك يا والدي، فوفاتك فجيعة حلت في سويداء فؤادي وأفقدتني صوابي إلا من يقيني بقضاء ربي وحكمته ورحمته التي وسعت كل شيء.

فبعد صلاة الفجر من يوم الأربعاء تلقيت خبر وفاة والدي الغالي عبدالله بن سليمان اليحيى، والدي الحبيب عاطر الذكر محمود السيرة سمح السجايا، والدي الذي أثنى عليه الأقارب والأباعد والأصدقاء والجيران، فليس بينه وبين أحد من الخلق شحناء أو بغضاء ،بل كان سليم الصدر حسن الظن.

فقدتك ففقدت الأمان بفقدك يا أغلى الناس، الأمان الذي لم أعي تمتعي فيه إلا بعد فراقك، أي حزن وأي مرارة هدت كياني وجعلتني تائهة مضطربة الفؤاد ولم أسكن إلا بعد أن سلمت عليك ولثمت رأسك وشممتك من هامتك إلى أخمص قدميك وددت أن كان الوقت أطول لأشبع من رائحة جسدك الزكية واستسلم لمشاعر الامتنان العظيمة التي ملأت جنبات كياني حين رأيتك ،فجزاك ربي عنا خير الجزاء.

والدي الحبيب.. مضت سبع ليال على وفاتك كأنها شهر، اشتاقت نفسي إليك منذ أن افتقدتك، اشتقت لزيارتك التي كنت أنا و أخياتي نتناوب عليك بها، وتسمعنا حينها طيب الكلام ورقيق الدعوات والوصايا القريبة إلى قلوبنا قبل أسماعنا.

أتعلم يا أبي! كلما خرجت من عندك بعد صلاة العشاء استشعر عظيم منة ربي وفضله أن هيأ لنا بركة برك الذي قسمته بين أبنائك ليحظوا به جميعا.

ليتك نظرت إلى أحفادك كيف بكوك وكيف أبكوا من حولهم، أي جد طيب القلب سليم الصدر قريب لمن يجالسه مثلك؟

كنت مدرسة لنا في حسن الخلق وحسن الظن بأجمل صوره وأبهاها، تعلمنا الزهد فيما عند الناس والقناعة، تعلمنا الاحترام والتقدير للصغير والكبير، علمتنا الحب وعلمتنا كيف نُحِب ولماذا نُحَب، اييييه يا والدي كل شيء بعدك بكاك ونعاك، زوايا غرفتك الآمنة وسريرك الذي تحرص على تنظيمه ضمن فقرات يومك المسائية رغم ترتيبه المسبق منا، فتقف متكئا تملي علينا إعادة ترتيبه وتعيد وضع مخداتك التي ألفتك وألفت لمساتك الحانية كل مساء. افتقدك المذياع تتلى منه آيات القرآن وبقي إلى صبيحة اليوم التالي لوفاتك لم يشأ أن نغلقه.

أحببناك يا والدي حبا غلبه خوف فقدك في كثير من الأحيان، فلازالت غصة أليمة في حلوقنا ومرارة نتجرعها عند كل ذكرى لك.

يذكرنا المطر بك فقد كان أجمل الأخبار التي نسوقها إليك، وبعد وفاتك بيوم أمطرت السماء فإذا بخادمتنا « نور « تبكيك وتدعوا لك ،وبقيت تذكرنا بجميل خصالك وتلمسك لحاجاتها وزوجها وتقديم راتبهما قبل تمام الشهر حتى تتمكن من إرسال المال لأبنائها وقبل أن تغلق البنوك أبوابها لنهاية الأسبوع.

ورغم هذه الجلبة منا لفقدك وعظيم المصاب حزنا عليك؛ فقد رحلت كالنسمة العاطرة تسللت من هذه الدنيا الفانية بهدوء دون ضجيج.

أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل ما أصابك تكفير، وأن يغفر لك ويسكنك فسيح جنانه ويفسح لك في قبرك ويجعله روضة من رياض الجنة ويجمعنا بك في جنات النعيم، وأن يحفظ والدتي ويمتعها بالصحة والعافية.

طبت يا والدي حيا وميتا كما طابت سيرتك ونقت سريرتك.

- ابنتك المحبة/ آمال اليحيى