Monday 17/03/2014 Issue 15145 الأثنين 16 جمادى الأول 1435 العدد
17-03-2014

المدارس الحكومية .. هل أصبحت مضرب مثل للفشل؟!

قبل أيام حدثتني قريبتي ذات السبعة عشر عاما عن حادثة بدت غريبة وغير مؤلوفة بالنسبة لها، موقف بدأ حينما أبدت هي ومجوعة من الطالبات في إحدى المدارس الأهلية المعروفة في العاصمة تذمرهم المستمر من ضعف الأنشطة وملل المناهج وأساليب التدريس المحشوة بكل شيء عدا المتعة والفرح، فقررت مديرة المرحلة تنظيم رحلة إلى إحدى المدارس الحكومية في أحد أحياء الرياض القديمة، تضم تلك المجموعة «المتذمرة» من الطالبات علّ ما يشاهدونه يغير نظرتهم القاسية إلى مدارسهم ويدعوهم إلى إعادة النظر في تلك الشكاوى التي تراكمت على مكتب وظهر المديرة، وفعلا، توجهوا ذات صباح بصحبة المديرة إلى الوجهة المقصودة وحينما اقتربوا من المدرسة أطلقت المسؤولة تحذيرا بعدم مشاركة طالبات المدرسة سبب الزيارة الفعلي بل اقترحت ان يكون حول كتابة تقرير عن أساليب التدريس وبيئة الدراسة لديهم.. وفعلا ً، دخلوا إلى المدرسة وكان الذهول والاستعجاب سيد الموقف من الدقيقة الأولى وحتى الدقيقة الأخيرة، حيث شاركتني قريبتي ردة فعل الطالبات الزائرات قائلة: لم نصدق ما رأينا شعرت بأن تصميم المدرسة أشبه بالسجن بساحة مركزية هلكتها أشعة شمس الحارقة ما دفع الطالبات إلى الهروب إلى المصلى الصغير والمزدحم حد الاختناق بحثا ًعن نسمات تكييف باردة تقيهم حر الرياض الحارق! كما وصفت طبيعة التكييف «بالمراوح» والذي جعل الطالبات في حالة حر «وتعرق» دائم ما منعهم من التركيز الدراسي فما بالكم بالاستمتاع بالتجربة الدراسية! ولم تخفي استغرابها من حالة دورات المياة المزرية بصغر حجمها وبدائية خدماتها وسط لذة الانتصار التي انتابت المديرة بعد نجاح خطتها.

تفاصيل كثيرة مؤلمة وحزينة شاركتني بها، طرحت في عقلي أسئلة ملحّة ومؤلمة عن وضع المباني الدراسية والبيئة المدرسية في إحدى أغنى دول العالم، والتي مازالت على الرغم من الخطط الخمسية والعشرية، والوعود بالإصلاح القريب والعاجل، وعقود الترميم والبناء بأرقامها الفلكية مع شركات صينية أو كورية تشكل نقطة سوداء في جبين وزارة التربية والتعليم التي لا ننكر جهودها الحثيثة في التطوير والتحسين ولكن لن يرتاح لنا بال، ولن يهدأ لنا قلم نحن معشر الكتاب حتى تصبح مدارسنا الحكومية بمستوى نظيرتها الأهلية بل تنافسها بجودة المباني وتطور الملاعب والمختبرات والمسارح وخطط السلامة بمخارج الطوارئ ما يجعلها تتواءم مع تلك الميزانيات المليارية التي ترصد لها كل عام وتغطيها الصحف بنشوة اليوم التالي!.

تساءلت بحرقة عن شعور طالبات تلك المدرسة المتهالكة حينما يعلمون أن سبب زيارة طالبات المدرسة الأهلية لهم هو للوقوف على واقعهم التعليمي التعيس ومعايشتهم لتلك الظروف الصعبة ومن ثم «تحمّد الله على النعمة».. أتقبل ذلك حينما نكون دولة فقيرة تتلقى مساعدات خارجية للنهوض بمرافقها المختلفة، واتفهمه، حينما تشتكي وزارة التعليم من قصر في التمويل والدعم المالي، أما حينما يسبح وطننا فوق بحيرات النفط وما تجلبه من خير كثير وحين ترصد ربع ميزانية الدولة كل عام للتعليم.. فعار أن تكون مدارسنا بهذا الشكل الذي لا يسر طالب فيها أو في غيرها..

أخيراً.. عادت من روت لي الحادثة إلى مدرستها فرحة وسعيدة وممتنة.. وعادوا طالبات الحكومية بحزن وألم إلى واقعهم التعيس بلا حول ولا قوة.. يتساءلون ونتساءل معهم.. إلى متى؟ آملين بفرج قريب.

Twitter:@lubnaalkhamis

مقالات أخرى للكاتب