Tuesday 25/03/2014 Issue 15153 الثلاثاء 24 جمادى الأول 1435 العدد

«التمويل الإسلامي» في منطقة «اليورو» ينتظر الخليجيين .. ومخاوف من استخدامه للخروج من «أزمة الديون»

الجزيرة - الرياض:

يكثف مصرفيون وأكاديميون في ايطاليا الجهود لتطوير قطاع التمويل الإسلامي هناك، وقد تستفيد تلك المساعي من العلاقات الاقتصادية المتنامية بين دول الخليج وثالث أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو. ولم يحقق التمويل الإسلامي إلا تقدما محدودا حتى الآن في أوروبا وتركز بشكل خاص في فرنسا وألمانيا. لكن ايطاليا تسعى إلى علاقات تجارية واستثمارية مع دول الخليج الغنية كسبيل للخروج من مشاكل ديونها.

وأعلن صندوق الثروة السيادي الكويتي الشهر الماضي أنه سيستثمر 500 مليون يورو (685 مليون دولار) في شركات ايطالية بالتنسيق مع صندوق الاستثمار الاستراتيجي للحكومة الايطالية. وأبرمت ايطاليا اتفاقا مماثلا مع قطر العام الماضي.

وفي غضون ذلك تزدهر العلاقات التجارية بين ايطاليا والخليج. فالبيانات الحكومية تظهر أن الصادرات إلى الإمارات العربية المتحدة بلغت 5.5 مليار يورو في 2012 بزيادة 16.7 بالمئة عن 2011.

ولا تتجاوز نسبة المسلمين حوالي اثنين بالمئة من عدد سكان ايطاليا البالغ 61 مليون نسمة. لكن من المأمول مع تزايد نشاط الشركات الخليجية والمستثمرين في ايطاليا أن يزدهر التمويل الإسلامي أيضا.

ويمكن على سبيل المثال للشركات الايطالية المقترضة أن تستخدم الهياكل الإسلامية لجذب البنوك الإسلامية الخليجية. وقد تصبح السندات والأسهم الايطالية مغرية للصناديق الإسلامية إذا اعتمدت كأدوات متوافقة مع أحكام الشريعة.

وقال إنريكو جيستنياني المحلل لدى بنكا فينات يوراميركا في روما «أعتقد أن تطوير منتجات متوافقة مع الشريعة ينطوي على فرصة مهمة لايطاليا - قد يكون أحد محركات الخروج من الأزمة الاقتصادية.

«يوجد اهتمام كبير من الصناديق الإسلامية ومن المؤسسات الإسلامية بالاستثمار في ايطاليا وبخاصة في الفترة الحالية التي تشهد طرح شركات عديدة للبيع.»

مؤشر

وقال جيستنياني إن بنكا فينات قطع شوطا بعيدا في هذا الاتجاه بتصميمه مؤشرا افتراضيا للأسهم المتوافقة مع الشريعة يضم بعضا من أشهر شركات المنتجات الفاخرة في ايطاليا. وقال «لا يوجد مؤشر محدد حتى الآن لكن يوجد اهتمام كبير جدا. قطاع المنتجات الفاخرة مرغوب فيه من مستثمري المؤسسات الأجنبية وهو محرك بالغ الأهمية لاقتصادنا.»

ويبدي المستثمرون الخليجيون اهتماما كبيرا بشركات المنتجات الفاخرة الايطالية وفي 2012 اشترت الأسرة الحاكمة في قطر شركة فالنتينو للأزياء. وتعتزم كلية فونداتسيوني استود لإدارة الأعمال ومقرها ميلانو إنشاء قسم للتمويل الإسلامي هذا العام سيهتم بأبحاث القطاع وصياغة التوصيات تقدم لصناع القرار الايطاليين.

وقالت ماريلا كاراماتسا المدير العام للكلية لرويترز إنها ستكون أول محاولة منظمة لتوفير المعلومات عن القطاع والتأثير على عملية سن القوانين. وقالت «لا ريب أن المسؤولين والممارسين يبدون اهتماما عاما بالموضوع في ايطاليا لكن بنهج يميل إلى التحفظ الشديد. «نحاول في هذه المرحلة إشراك أصحاب المصالح وجمع الأموال على مستويات متنوعة كي نبدأ الأنشطة.»

القواعد

وقال حاتم أبو سعيد ممثل مجموعة البركة المصرفية البحرينية في ايطاليا إن تلك الأنشطة ينبغي أن تشمل مراجعة للقواعد القائمة ولاسيما تلك التي تتناول ضرائب التسجيل العقاري. وللقواعد الضريبية أهمية خاصة بالنسبة للتمويل الإسلامي لأن كثيرا من معاملاته المرتكزة على تداول الأصول معرضة للازدواج الضريبي في ظل طرق التدقيق الحسابي التقليدية ومن شأن معالجة تلك العوائق أن يجذب البنوك الإسلامية إلى السوق. لكن فرانشيسكا بريجاندي رئيسة الغرفة التجارية لدول المتوسط والخليج في ايطاليا قالت إن صناع السياسات الايطاليين يجرون مباحثات عامة فحسب ولا يوجد جدول أعمال محدد.

ورغم العقبات السياسية والتشريعية القائمة قال المتحدث باسم البنك المركزي الايطالي إن البنك ليس غريبا على التمويل الإسلامي حيث يراقب القطاع بشكل منتظم لكن بدون تشكيل مجموعة محددة لدراسته.

ويجرى قسم الأبحاث في البنك دراسات رسمية ويعقد ندوات عن التمويل الإسلامي منذ 2009 وفي العام الماضي شارك في استضافة منتدى مع مجلس الخدمات المالية الإسلامية ومقره ماليزيا الذي يعد من هيئات وضع المعيار في القطاع.

وقال روني حموي الرئيس التنفيذي لميديو-فاكتورينج التي مقرها ميلانو وهي وحدة مملوكة بالكامل لبنك انتيسا سان باولو أكبر بنوك التجزئة الايطالية إن شركته وشركات ايطالية أخرى استطلعت خيارات التمويل الإسلامي من قبل لكنها لم تبرم صفقات لأسباب منها غياب الدعم التنظيمي في ايطاليا. لكن حموي قال إن إبرام الصفقات قد يبدأ - ربما بمشاركة شركات ايطالية في الخارج - حتى بدون دعم حكومي في ظل سعي الشركات المتزايد لتو سيع نطاق مصادر التمويل. وقال «مشكلة السيولة تزداد أهمية في أوروبا.»

لوكسمبورج

وفي لوكسمبورج، قال مسؤول لرويترز: إن برلمان لوكسمبورج قد يقر مسودة قانون في غضون شهرين من الآن للتمهيد لأول إصدار صكوك سيادسة غير أن الاقتراع على الميزانية قد يرجئ الموافقة لخمسة أشهر.

وفي الشهر الماضي قدمت الحكومة للبرلمان مشروع قانون للسماح بتوريق الأصول من أجل إصدار صكوك محتمل بقيمة 200 مليون يورو (275 مليون دولار). وقال مارك هانسن عضو المجلس التشريعي في لوكسمبوج إن مثل هذا التشريع يمكن إقراره في فترة من شهرين إلى أربعة أشهر لكن اهتمام المشرعين سينصب الآن على ميزانية 2014 وهو ما قد يغير الجدول الزمني.

وأضاف هانسن وهو رئيس لجنة المالية والميزانية في مجلس النواب «نترقب الميزانية السنوية في مارس آذار وهي في مقدمة الأولويات الآن. المدى الزمني بين شهرين وأربعة أشهر.» وقال إن المشرعين يدرسون حاليا مدى توافق مسودة القانون مع القوانين القائمة في حين ستؤول مسؤولية تحديد الهيكل الفعلي للصكوك إلى وزارة المالية.

وفي أوربا، تسعى الحكومة البريطانية لتعزيز وضعها كمركز للتمويل الإسلامي، وذلك بتمديد خطة «المساعدة في الشراء» وهي برنامج رهن عقاري يتوافق مع الشريعة الإسلامية. وأطلقت الخطة في العام الماضي وتمنح البنوك تأمينا على المخاطر لإقراض مشتري المنازل الذين يعجزون عن سداد دفعة مقدمة كبيرة للحصول على رهن عقاري.

وقالت وزارةالمالية البريطانية إن برامج التمويل العقاري الإسلامية ستلقى نفس المعاملة مثل الرهن العقاري التقليدي.

وأضافت الحكومة أن حجم التمويل الإسلامي في بريطانيا نحو 11 مليار جنيه استرليني (18 مليار دولار) سنويا.

وفي وقت لاحق من العام تعتزم بريطانيا أن تكون أول دولة غربية تصدر صكوكا في محاولة لتعزيز مكانة لندن كمركز رئيسي للتمويل الإسلامي في الغرب. لكن المبلغ الذي تنوي جمعه من الإصدار - 200 مليون استرليني - ضئيل. وفي السابق أبدت الجهة الحكومية المكلفة بإصدار السندات شكوكا تجاه جدوى التمويل الإسلامي وقالت إن الإصدار لن يتكرر على الأرجح.

وقالت الوزارة إن خطة الرهن العقاري ستطبق من خلال البنك الإسلامي البريطاني الذي يملكه مصرف الريان ثاني أكبر بنك في قطر.

وفي آسيا الوسطى، قال مسؤول كبير في بنك أذربيجان الدولي أكبر مصارف البلاد إن البنك يعمل مع السلطات الوطنية على صياغة قانون للمصرفية الإسلامية والذي قد تصل صيغته النهائية للبرلمان هذه السنة.

وتطور التمويل الإسلامي بأناة في الدولة التي تبعت الاتحاد السوفيتي سابقا والتي يدين 93 في المئة من سكانها بالإسلام. لكن قطاع المعاملات الإسلامية بالبنك يشهد نموا قويا الآن يشجع الحكومة على اتخاذ خطوات لدعمه. وقال بهنام قربانزاده رئيس المصرفية الإسلامية بالبنك لرويترز «القانون هدف أساسي. مجلس الوزراء شرع في اعداد مشروع قانون مع وزارة التنمية الاقتصادية والبنك.» وفي ظل هذا الدعم القوي من الدولة قد يتم اعداد مشروع القانون في مايو ايار وتقديم صيغة نهائية للبرلمان نهاية 2014. واضاف «القانون يغطي القطاع المصرفي والضرائب... وبعض المواضيع الخاصة كالقانون المدني»

وأشار قربانزاده إلى أن مصرفه حاليا يقدم منتجات متوافقة مع الشريعة عبر نافذة إسلامية لكن صدور قانون منظم للقطاع سيمهد الطريق أمام إنشاء وحدة مصرفية إسلامية مستقلة. ويستحوذ البنك المملوك بنسبة 50.2 في المئة لوزارة المالية على 40 في المئة من أصول الجهاز المصرفي في بلاده.