Thursday 27/03/2014 Issue 15155 الخميس 26 جمادى الأول 1435 العدد
27-03-2014

التعليم والتوظيف وخريجو التعليم العالي

نشرت إحدى وسائل الإعلام المحلية تقريراً يوم الاثنين الماضي يشير إلى أن عدد المتقدمين للبحث عن وظائف من حملة الماجستير والدكتوراه عبر بوابة طاقات للتوظيف التي أطلقتها وزارة العمل مؤخراً بلغ 5.522 خريجا وخريجة من مختلف التخصصات،

وفي الأسبوع الماضي أيضاً كشف سعادة الدكتور عبد الله دحلان رئيس مجلس أمناء جامعة الأعمال والتكنولوجيا في إحدى جلسات منتدى جدة الاقتصادي أن 44% من العاطلين في السعودية حاصلين على مؤهلات عليا، واستعرض نتائج دراسة حديثة أجراها بالتعاون مع مجموعة من الخبراء في جامعة الأعمال والتكنولوجيا، مشيراً إلى أن عدد المتعطلين عن العمل وصل إلى 2.5 مليون شخص وأشار إلى أن «68% من العاطلين حصلوا على شهادات في تخصصات نظرية، بينما 32% منهم حصلوا على شهادات علمية، وفي العام الماضي نشر موقع العربية نتائج إحصائيات عن البطالة أوضحت أن أعلى نسبة للعاطلين السعوديين من الجنسين هم من الحاصلين على الشهادة الجامعية «البكالوريوس» بنسبة 46.2%، تمثل الإناث منهم 70.6%، يليهم الحاصلون على الشهادة الثانوية أو ما يعادلها بنسبة 34.9%. فيما أثبتت النتائج عدم وجود بطالة بين الحاملين شهادة الدكتوراه من الجنسين.

وهناك العديد والعديد من الإحصائيات التي يتفق بعضها مع ما ورد أعلاه وقد يختلف بعضها عن ذلك، لكن المقام هنا ليس مقام الخوض في تلك الأرقام، لكن من الواضح أن هناك خللا كبيرا بل هناك جريمة ترتكب في حق الشباب والشابات، فكيف يمكن أن يكون لدينا أصحاب مؤهلات عليا عاطلين عن العمل في الوقت الذي يوجد فيه أكثر من 8 ملايين وافد يعملون؟ وكيف يمكن أن نقدم أجورا مرتفعة للوافدين للعمل في حين نبخل بالوظائف على أبناء الوطن؟ وكيف يمكن أن نصرف مئات المليارات في إنشاء الجامعات والمعاهد العليا ونبتعث عشرات الآلاف من أبناء الوطن للخارج ثم نجد أن هناك بطالة ضمن أولئك الخريجين الذين صرفت عليهم الدولة كل تلك الأموال، فإن لم يكن التعليم من أجل فرصة عمل كريمة فهل كان التعليم من أجل العلم فقط..

الدولة لم تقصر في توفير كل الإمكانات والسبل لتعليم الشباب والشابات، والشباب والشابات بدورهم يبذلون الجهد ويقضون زهرة شبابهم في التعلم والمثابرة والاجتهاد للتحصيل العلمي لنيل شهادة تساعدهم في الحصول على عمل مميز ولكن في نهاية المطاف لا يوجد عمل، فمن يتحمل ذنب هذه الجريمة؟ هل هم الشباب ؟ أم الجهات التعليمية؟ أم وزارة العمل؟ ما ذنب الذين أخلصوا في دراستهم واجتهدوا ونالوا أعلى الدرجات أن يكون مصير كل تلك السنين هو الدخول في متاهة البحث عن عمل؟ أي جريمة ترتكب بحق هؤلاء؟ ومن المسؤول عنها؟

أحد الشباب المتخرجين من الثانوية العامة كانت رغبته في أن يبحث عن عمل وعندما نصحته أن يواصل تعليمه، خصوصاً أن نسبته في الثانوية العامة ممتازة قال لي ولماذا أتعب نفسي وأضيع 4 أو 5 سنوات من الدراسة والنتيجة في نهاية المطاف واحدة، وهي أنني لن أجد عملا فعلى أقل تقدير يمكنني أن أبدأ من الآن وما سأقوم بجنيه من مال خلال السنوات القادمة سيكون أفضل من الشهادة خصوصاً أن مستوى رواتب حملة المؤهلات العليا إن وجدوا وظائف لا يزيد كثيراً على حملة الثانوية العامة.

هذا تفكير الكثير من حملة الثانوية العامة اليوم، فأين التخطيط؟ وأين الاستثمار في العنصر البشري؟ وأين جودة التعليم التي نسعى لأن تراعي حاجة سوق العمل؟ هل كل ذلك شعارات لا مكان لها على أرض الواقع؟ أم أن الجميع يتبرأ من تلك الجريمة فالتعليم العالي يؤكد أن التوظيف ليس من شأنه، ووزارة العمل تؤكد أن مخرجات التعليم لا تلتقي مع ما يحتاجه القطاع الخاص، وجهات أخرى ملتزمة الصمت طوال تلك السنين وكأن الأمر لا يعنيها، حتى أصبح لدينا ما هو أشبه بالمصنع الذي يقدم منتجات لا يحتاجها السوق فيكون مصيرها إما التخزين أو التقادم أو التلف.

لقد ركزنا في تعليمنا على الكم دون أن نراعي النوعية والمجالات وركزنا على الحصول على الشهادات دون أن نتأكد من أن هذه الشهادات ستسهم في تهيئة الشاب لسوق العمل مما جعلنا نضطر اليوم إلى إيجاد برامج لإعادة تأهيل الشباب لسوق العمل.

إنها مأساة يجب أن نسعى وبشكل عاجل لمعالجتها وأن لا نقبل أن تستمر هذه الجريمة في حق أبنائنا وبناتنا الذين ما إن نفرح بتخرجهم حتى نحبط بعدم توافر فرص عمل لهم في ظل وجود ملايين الوافدين للعمل وملايين التأشيرات للاستقدام.

مقالات أخرى للكاتب