Saturday 29/03/2014 Issue 15157 السبت 28 جمادى الأول 1435 العدد
29-03-2014

طيب.. ما العمل يا معالي الوزير؟

بعدما أصبح الإعلام أكثر انفتاحاً، وأكثر شفافية، بدأنا نقرأ تصريحات جريئة ولافتة من قِبل العديد من الوزراء. وأكثر التصريحات جرأة وإثارة هو ما يكون مدعماً بالأرقام، التي تمنح هذا التصريح مصداقية أكثر لدى القارئ المواطن.

من أمثلة هذه التصريحات المثيرة ما تناقلته الصحف من تصريح وزير المياه، عقب افتتاحه محطة معالجة مياه الصرف الصحي في حائل، بقوله إن إنتاج لتر من اللبن يستنزف نحو 500 لتر من المياه، بطريقة غير مباشرة. وهو في ذلك يلوم الشركات الزراعية التي أسرفت في استهلاك المخزون الجوفي من المياه على مدى الثلاثين عاماً، أو ربما يلوم شركات الألبان التي تصدِّر منتجاتها إلى الخارج. وكأننا لا نتعلم من أخطائنا، بل نمعن في تكرارها، فكما أخطأنا لعقود من الزمن في إنتاج القمح، وبالغناء آنذاك بأننا سنصدر القمح، ها نحن نوقف زراعة القمح الذي يُزرع لمدة لا تتجاوز أربعة أشهر، ونسمح بزراعة الأعلاف التي يمكن زراعتها طوال العام!

كلنا ندرك أن مسؤولية هدر المياه مسؤولية جماعية، يشترك فيها المواطن العادي في استخدامه اليومي المسرف، والمزارِع في استهلاكه الجائر للمياه الجوفية، خاصة مع نقص معدلات الأمطار خلال السنوات الماضية، وكذلك الشركات الزراعية التي أيضاً تستنزف في شهر واحد من المياه ما يكفي المنطقة طوال عشرين عاماً، حسب تصريح الوزير، وأيضاً شركات المواشي والأنعام؛ إذ حفظنا العبارة والصورة من الإعلام كما كنا نحفظ أناشيد الابتدائية من قبل: كيلو اللحم الصافي يستهلك نحو 25 ألف متر مكعب من المياه! فما الرسالة في هذه العبارات؟ هل مطلوب ألا نشرب لبناً، ولا نأكل لحماً؟

ما العمل إذن يا معالي الوزير؟ كيف نحافظ على مخزوننا المائي، خاصة المياه الجوفية؟ كيف نشجع شركاتنا الوطنية على الاستثمار الزراعي الخارجي في الدول المجاورة التي تتمتع بمناخ ووفر مائي مناسبَين؟ خاصة أن عوائد هذه الشركات الوطنية، التي يمتلكها سعوديون، ستسهم في زيادة الناتج القومي الإجمالي للبلاد.. فالأمر لا يحتاج إلى كل هذه التصريحات وهذه الإثارة التي لا جدوى منها، بل يحتاج إلى العمل بجد وإخلاص للبحث عن حلول، ووضع خارطة طريق، أو خطة استراتيجية وطنية على مستوى جميع وزارات الدولة ذات العلاقة، وتفعيل العمل التكاملي بينها.

أمران في منتهى الأهمية، ليس لدى المملكة وحدها، بل في مختلف دول العالم، هما توفير الطاقة والأمن المائي، وهما مرتبطان بعضهما ببعض، ولا بد من إيجاد حلول مستقبلية لهما، وهذه الحلول تحتاج إلى استراتيجية وطنية بعيدة المدى، يتم العمل بموجب أهدافها، وسياساتها، وآليات تنفيذ هذه السياسات، لحين الوصول إلى تحقيق هذا المخزون أو الاحتياطي من الماء والطاقة.

أما الظهور الإعلامي، وبث المعلومات والأرقام لمواطن بسيط ليس في يده شيء، سوى إطلاق ابتسامة صفراء، وهو يتساءل في داخله: طيب.. وأنا مالي يا معالي الوزير؟

مقالات أخرى للكاتب