Tuesday 08/04/2014 Issue 15167 الثلاثاء 08 جمادى الآخرة 1435 العدد
08-04-2014

ثنائية الحب والعنف

حين تزوجته أحبها كثيراً وهام بها عشقاً، وكان في حالة ولع دائم لا يكاد يطيق صبراً على فراقها ولو أثناء ذهابها لعملها أو زيارتها أقاربها، حتى إنه يرافقها بمراجعاتها للمستشفى ويبيت معها في غرفتها خلال ولادتها لأبنائه، ولكنه برغم كل الغرام والشغف بها كان عنيفاً متسلطاً عليها بلسانه ويده، وحولته غيرته عليها لإنسان باطش يحاسبها على كل تصرف برغم عفتها ورزانتها!

وكانت في البداية تبادله الحب، بيدَ أنها ككل حرة أبية لم تستطع تحمل عنفه أو التجاوز عن تعدياته التي تكاثرت وتزايدت لتشكل حاجزاً نفسياً بينهما، ففكرت بالرحيل عنه حفاظاً على كرامتها وحماية لحياتها حين رأت إسفافه بالباطل وتمسكها بالحق. وقد كلفتها فكرة المغادرة الكثير حيث رفض زوجها إفلاتها من قبضته أو الهروب من قسوته، وعندما رأى عزمها ولمس إصرارها بالاتجاه للمحاكم والمطالبة بحريتها ساومها على الأطفال أو دفع الأموال.

وافقت على افتداء نفسها بالمال وتمسكت بحقها في الأطفال الذين نذرت حياتها لهم وهي في ريعان شبابها، وسارت في دروب الحياة ترقب مسيرتهم وتكرس حياتها لتربيتهم وتعليمهم وتوعيتهم برغم قلة حيلتها إلا من عقل يوجهها وحكمة تميزها وعمل يحفظ كرامتها، فلا أب يؤويها ولا أم تحنو عليها، حيث رحلوا من الحياة مبكراً وبقيت وحيدة دون استمتاعها بحدبهم ولذة عطفهم.

وعاشت أجمل الأيام مع أبنائها وأحلى اللحظات بوجودهم معها دون منغص لولا قلة مورد رزق، تحاول إكمال نقصه بحنانها وهي على يقين أن ربها سيعطيها ويعوضها حتى ترضى!

وكانت تتوقع فشل زواج والد أبنائها، فهو رجل قاسٍ متوحش لا تستطيع معه أية زوجة صبراً! ولكن تبين لها خطأ حدسها حين علمت بزواجه من امرأة متواضعة الجمال بسيطة التفكير، حيث عاش معها بهدوء تام، فهو لا يشتم ولا يقسو ولا يضرب! بل إنه يشفق عليها ويرحمها، ولكنه بالمقابل لا يحمل لها أية مشاعر حب، فلا يهيم بها عشقاً ولم يفتن بها غراماً، ولا حتى يفتقدها حين تغيب! بل إنه يؤثر غيابها ويشجعها على زيارة أسرتها والإقامة عندهم أياماً عدة للترويح عن نفسها! ولا يجد في نفسه لهفة بعد عودتها، كما لم يبت معها في المستشفى بعد ولادتها! ولكنه يحيا معها في دعة من العيش وسكون في المعيشة!

عجيب بعض البشر عندما يعشق؛ قد يقسو ويبطش حد البغي! وحينما يكره؛ قد يعدل ويرحم!!

جنبكم الله مآسي العشق ومصائب الغرام!

rogaia143@hotmail.com

Twitter @rogaia_hwoiriny

مقالات أخرى للكاتب