Wednesday 09/04/2014 Issue 15168 الاربعاء 09 جمادى الآخرة 1435 العدد
09-04-2014

الصمت عندما يكون الفهم مقصلة

قال تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} الأعراف 193

وقال المناوي: (الصمت: فقد الخاطر بوجد حاضر. وقيل: سقوط النطق بظهور الحق. وقيل: انقطاع اللسان عند ظهور العيان)

ويوجد من فرّق بين الصمت والسكوت حيث رأى الصمت: تأمل بذات النفس / وتفكير لا حدود له / يقطع مسافات من الكلام بلا نطق وحديث مع النفس / ممزوج بحالات فزع / خوف / رهبه / ولا تدوم رحلة التأمل, بينما السكوت: عنوان مختلف لخضوع بإستسلام أو لسكوت باقتناع رحلته قريبة لا تمتد إلى البعيد بل إنه يرى الصمت لغة راقيه / والسكوت ربما يكون انكسارا.

بينما أرى أننا نلزم الصمت عندما نشعر أن (الفهم) مقصلة تفصل الجمل المكتوبة عن المعنى المنشود..!!

قد لا نرى دماً مسفوحاً.. أو رقاباً متدليةً..!! لكننا نجد ألماً متربعاً في صميم الوجدان.. خادشاً للحنجرة!!

***

عيب البعض محدودية الفهم..

وعيب البعض الآخر تعمد حدّ الفهم..

وعيب أكثر البشر قولبة الفهم من حسنٍ إلى سيئٍ.. وتنكيس أعلام النقاء.. واستبدالها بأعلام مُزِّقَ قماشها ثم أُعيد حياكته ورقعه بقماشٍ لا يمت إلى أقمشة الأعلام بجزءٍ من جزء الصلة..!!

***

(الصمت حكمة) هكذا قالوا، قديماً.. وهو أيضاً تسليم.. أو قطع لدابر الفتنة.. وربما طمأنة الرأس من صداع هذر الهذّارين بكلام لا يؤسس منهجاً.. ولا يوطن قراراً.

***

- الباب يفتح لنا، ولنا يغلق.. عند الدخول، وحين الخروج..

يفتح بهدوء صامت.. ويغلق كذلك..

كثرة استخدامه.. ينتج عنه صرير مزعج مفزع عند الفتح، والغلق، معاً..!! الصرير يصم الآذان.. يشوش على الدماغ وظيفة التفكير والتأمل والاستذكار..!! وقطرات من زيت سلس في قطن مندوف كفيلة بتحقق وتوفر الهدوء الصامت للباب عند الفتح، وعند الغلق..!!

***

الصوت حسنه، حسن إن لم يحور معنى الكلام الصادر منه، (من الصوت)..!!

وسيئه سيئ إن حور، ولو قليلاً..!!

في حين أن غياب صوت مَنْ نترقب حضورهم ينطق اللغة البديعة.. وأي لغة.

غياب صوتهم (صمتٌ) مطبقٌ.. لا يُطاق.. وقد يحضرون في الحلم..!!

في الرؤى الملتبسة في اللاوعي عندما تزدحم مع الأحلام ناقصة الأحداث، مبتورة الزمن، ضبابية الشخوص في الجمجمة، على المخدة.. استيقاظاً، عرقل ارتفاعها ثقل تلك الرؤى الباهتة الأحلام بعد أن شحنت بترهات الثلث الأخير من الليل وتلاشى الصوت قبل الصورة أو معها..!!

صوت مَنْ نترقب حضورهم في الرؤى والأحلام يختلف عن صوتهم في الواقع.. ولكننا نبحث عنه عند النوم، إذا غاب في اليقظة..!!

فلماذا إذا حملت مخدتي وسرت.. قبل أن أصل، أجد سريري في انتظاري؟؟!

وقبل أن أضع رأسي على المخدة.. تسبقني إليها الأفكار، فكرة، فكرة..!!؟؟

مجرد سؤال..

أو مجرد دوار.. يعترض، بسببه، الغثيان سكة الحناجر.. فتشمئز الأنوف من رائحة الجو الدبق..!!

bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443

Twitter: @HudALMoajil

مقالات أخرى للكاتب