Saturday 12/04/2014 Issue 15171 السبت 12 جمادى الآخرة 1435 العدد

الأحياء القديمة والمهجورة... الواقع والمأمول

مشاعل مندل القباع

بفضل من الله تعالى ثم الجهود الجبارة التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - على إقرار أضخم ميزانية للدولة وهذا ليس بمستغرب على سياسة حكيمة يقودها الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وليس بجديد فنحن كنا ولا زلنا نعيش في أمن غذائي منذ توحيد هذا الكيان على يد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - حتى وقتنا هذا، ولازلنا في تقدم ملحوظ، إلا أن من يتجول في أنحاء العاصمة الرياض وينظر للإمكانات المتاحة يرى قصورا كبيرا في بعض الخدمات من تعبيد الطرق والإنارة وتسرب مياه الصرف الصحي، وحتى لا نسلط الضوء على جهة حكومية بعينها فنحن نرى ضخا كبيرا في ميزانية الدولة للقطاعات الحكومية وتخصيص مبالغ وأرقام طائلة قد نصل بها لأوائل الدول المتقدمة في الشرق الأوسط.

ونرى أن الوزراء يعملون في مكاتبهم منذ الثامنة صباحاً وحتى الثالثة عصراً علاوة على جهود هيئة الرقابة والتحقيق في إلزام موظفي الدولة في الحضور والانصراف في الوقت المحدد وهيئة مكافحة الفساد تسعى جاهدة لمراقبة صرف الأموال على المشاريع الحكومية وتنفيذها؛ فلماذا نحن لازلنا نعاني من تأخر؟!

فلو رسمنا خطة سير للتجول في مدينة الرياض من غربها إلى جنوبها والعكس فإنه من المستغرب هل هذه بالفعل عاصمة للبلاد النفطية والأمر ليس شكليا فقط به هو أكبر وأعمق..

البيوت قديمة.. الشوارع ضيقة، أرصفتها مكسرة، النفايات منتشرة العمائر قديمة ومنها مهجورة، لا نعلم ما تحتويه تلك الغرف والشقق من عمالة سائبة وإن كانت حملة الجوازات بذلت جهودا مثمرة وملحوظة تشكر عليها في تقليص هذه العمالة.

لن أقول الحل في ترميم الشوارع وأرصفتها، ومنع تسرب مياه الصرف فيها ولا في التفتيش في تلك العمائر المهجورة ومراقبة ساكنيها بل الحل أكبر والإمكانيات المتاحة أقدر عليه.

الحل لابد أن يكون جذريا وذلك بردمها (نعم) لا نطلب إنشاء مدينة أفلاطون الفاضلة بل مدينة حديثها مثلها مثل عواصم العالم المتقدمة والمتحضرة، لا نريد أحياء بها مساكن قديمة من عشرات السنين يقطنها أهلها وما زالوا ساكنيها، أين وزارة الإسكان في وضع الأولوية لهم في إتاحة السكن لهم ثم ردم تلك البيوت القديمة.

فلماذا لا يتحول بعض الأحياء القديمة بعد إزالتها إلى مدينة رياضية للشباب والشابات قسم مستقل للإناث وقسم مستقل للبنين بعيد كل البعد عن بعضها البعض؟ ما الذي يحرم لعب المرأة لكرة الطائرة والسلة وكرة اليد والسباحة طالما أن هناك إشرافا نسائيا على هذه الأنشطة، فمثل تلك الأنشطة الحركية لها أثر في تنشئة جيل محافظ على صحته بعيداً عن أمراض السمنة. ومشكلات أوقات الفراغ.

أين الرئاسة العامة لرعاية الشباب لم تمنح وقتها وجهودها للفتيات فكلمة الشباب شاملة للجنسين ومشاكل الفتيات لا تقل حدة عن مشاكل الشباب في شغل وقت الفراغ للجنسين.

أيضاً.. أين نحن عن تأمين سكن للمطلقات والأرامل في السعودية بدلاً من تلك البيوت القديمة، من يحمي المطلقة في بيتها وحدها مع أبنائها دون رجل يحمل عنها هم خوفها على نفسها وأطفالها. ومن يحفظ للأرملة أمنها في بيتها وكبيرة السن كذلك.

لن نفصل في هذا كثيراً، ولكن: أليس من حق ابنتنا المطلقة أن تنعم بسكن مع أبنائها! وأليس من حق الأرملة معدومة الدخل أن تحمل عنها الدولة هم السكن، لماذا لا يتم إنشاء مساكن للمطلقات والأرامل على هيئة أبراج سكنية بمستوى رائع وهندسة معمارية جميلة يتم تأجيرها بأسعار رمزية على الأسرة، يتم فيها صيانة الوحدات السكنية وتوفير العمالة منها، مع توفير الخدمات الأمنية لهن على أن يكون الدخول والخروج لذلك السكن وفق ضوابط أمنية للزوار مع إتاحة بعض الخدمات (التعليمية، الصحية، الترفيهية) مع توفير باصات تعمل بأسعار رمزية لتوصيل السيدات لقضاء حوائجهن خارج أسوار المدينة السكنية على أن يكون نظام السكن مرتبطا إلكترونياً بالأحوال المدنية بحيث يتم إحلال مطلقة محل مطلقة أخرى في السكن في حال زواجها وكذلك الأرملة.

كذلك أذهلتني مدينة تاننهوف للمعاقين التي تقع في مدينة (أولم) جنوب ألمانيا، والتي جعلتني أفكر كثيراً في الخدمات التي تقدم للمعاقين لدينا، نعم، المعاقون بحاجة لإعادة نظر للخدمات التعليمية والتأهيلية التي يتلقاها المعاقون في السعودية.

فالمواطن المعاق يواجه عوائق من مجتمعنا علاوة على إعاقته أو بتفصيل أكثر دقة، صفة المعاق لا تحصر على المشلول المعاق أو المتخلف عقلياً كما هي ثقافتنا القديمة فهو المعاق التوحدي والمنغولي ومريض الفشل الكلوي، مرضى التصلب اللويحي، مرضى السرطان. والمشلولين، والإعاقات الفكرية، الصم، البكم والمكفوفين.

لماذا لا يتم دمج مراكز التأهيل الشامل وأعني (ذكوراً وإناثاً) ومراكز التأهيل الاجتماعي ومراكز الرعاية النهارية للمعاقين من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية لتحل محل تلك الأحياء القديمة على أن يحتوي على جميع الخدمات التعليمية والسكنية والمعيشية والصحية والترفيهية والتأهيلية لإعادة تأهيلهم وعلاجهم، أوالتخفيف من حدة الإعاقة.

لماذا لا يعاد النظر في تلك الأحياء السكنية الطينية القديمة وإحلال المساكن والخدمات السالف ذكرها، فنحن لا نوجه أصابع التقصير لقطاع حكومي بعينه ولكن أين الحكومة المسئولة المشتركة الواحدة التي تعمل بروح الفريق بأهداف موحدة؛ فهذا يتوجب جهودا من قبل الوزارات المعنية التي ذكرناها والتي لها علاقة بمصلحة المواطن في دخله ومعاشه وسكنه وإعاقته وقضاء وقت فراغه بما يحقق مصلحة الوطن والمواطن في ظل توجيهات قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين، متعه الله بالصحة والعافية.