Monday 14/04/2014 Issue 15173 الأثنين 14 جمادى الآخرة 1435 العدد
14-04-2014

حسن البداوة

* يبدو أن أكثر ما يستفز المرأة أن تنتقص من جمالها، والرجل يشترك معها في الاستفزاز كما هو متعارف عليه حين السؤال عن العمر، أو الرصيد؛ لذلك وحينما لامس أحد الكتّاب الجمال عند المرأة (السعودية) دخل في دوامة عنيفة من الجدل والانتقاد الحاد، رغم أن مدار حديثه عن المبالغة في الأخذ بأسباب الجمال، أو بعبارة أدق (التجمل)، وذكر بكل بساطة أن انتشار المشاغل بهذه الكثرة، وحجم الإنفاق على مستحضرات التجميل، أكبر دليل على البحث عن الجمال المفقود. وقد يكون خطؤه الوحيد هو المقارنة في مواطن الجمال بين بيئة وأخرى، أو بحث البعض عن الزواج من امرأة أجنبية، والتماسه العذر والمبرر لمن يبحث. لكن الجميل في ردة الكثير منهن أن ذلك لم يقتصر على من هن في مرحلة الشباب، بل تعدى ذلك إلى الطاعنات في السن. (وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟) هذا الشطر الشارد من الشعر استغله العطارون وأصحاب المشاغل بعبارات قريبة (وداعاً للشيخوخة)، (حافظي على نقاء بشرتك).. وتقاطر الجميع وتهافت خلف الدعاية، رجالاً ونساء. ليس هذا فحسب، حتى المتعارف عليه من شواهد الشعر كُيِّف على ما تريده المرأة، ولم تعد تؤمن (بالأذن تعشق قبل العين أحياناً)، والصواب في نظر البعض (العين تعشق قبل القلب أحياناً)، والبعض منهن يقول (القلب يعشق قبل العين أحياناً). بين عشية وضحاها، وبسبب تفاوت النظرة، وإذا بالبعض التي لا تحسن الكتابة، وهي على مقاعد الدراسة، ولا تجيد التعبير، أو الإنشاء، ولا طرائق الحديث.. جميعهن يتحولن إلى مجتمع شاعري!!!

وقد يأسر الألباب جرس عبارةٍ

وقد يبدأ الهجران بالكلماتِ

* كل شيء مقبول في الطرح، وفيه شيء من النكتة والظرافة إلا أن يرمى من يلامس هذا الجانب بالحقد والغباء، والشعور بعقدة النقص، وسطحية التفكير والتخلف. مع تلك الثورة العنيفة في وجه الناقد الاجتماعي إلا أنني شديد الإعجاب بتعليق بعضهن، وإن كنّ قلة؛ إذ أشرن إلى أن مكمن جمال (المرأة) السعودية وغيرها، ويبدو في احتشامها، ورزانتها، وطهرها، وعفافها. الإنسان أيًّا كان جنسه جميل بأفعاله، وأقواله، وحركاته، وسكناته، وعلاقته بغيره، بكفه الأذى، بترفعه عن سفاسف الأمور.. وأي جمال محسوس في الإنسان لا يمتزج بتلك الشمائل فهو جمال منبوذ، غير قابل للتعايش والتآلف والتكيُّف والبقاء. الجمال الحقيقي المحسوس لا يمكن أن يستمتع به إنسان على نحو يخوّل له إقامة علاقات جيدة وممتدة ومستديمة مع الآخرين ما لم تخالطه تلك الشمائل والخصال المعنوية المحمودة، ومتى اجتمع هذا وذاك في إنسان، ذكر، أو أنثى ـ وهو من المحال بطبيعة الحال ـ فقد تربع على عرش الكمال، أو ناهز ذلك.

المصيبة إذا افتقد كلا الأمرين.

ولنتأمل في القرآن الكريم، وهو الذي رسم للإنسان منهج حياته، كم أعطى من الوزن للاستماع والتذوق بالجمال المحسوس، وكم أعطى من الوزن للجمال المعنوي.

* المتنبي، شاغل الناس في كل عصر، لم يكترث بالمرأة وجمالها ذلك الاكتراث الذي شغل غيره من المعاصرين له. ومع ذلك، وهو الشاعر الفطن، لم يفت عليه هواجس المرأة، ولا مثار اهتمامها، في كل عصر، وفي كل بيئة، وراح يعقد مقارنة هامزة:

ما أوجه الحضرِ المستحضراتِ بهِ

كأوجه البدويات الرعابيبِ

حسن الحضارة مجلوبٌ بتطريةٍ

وفي البداوة حسنٌ غير مجلوبِ

أين المعيزُ من الآرام ناظرةً؟

وغير ناظرة في الحسن والطيبِ

أفدي ظباء فلاة ما عرفن بها

مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيبِ

* الشيء الوحيد الذي جانب في (المتنبي) الصواب في هذا السياق حينما قال:

فما الحداثة عن حلمٍ بمانعةٍ

قد يوجد الحلم في الشبان والشيبِ

الأغلب لن يتفق معك، الذكر والأنثى، الشباب والشيوخ، الشابات والعجائز؛ الجمال خط أحمر، ويبقى الموضوع أرزاقاً مقسّمة ومكتوبة للعطارين، ومحال الزينة والمشاغل الخاصة. {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ...}؟

dr_alawees@hotmail.com

dr.alawees.m@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب