Tuesday 15/04/2014 Issue 15174 الثلاثاء 15 جمادى الآخرة 1435 العدد
15-04-2014

اختلف بإيجاب..!!

من مزايا الاختلاف ظهور التميز، ومعرفة النقص..، وقديماً الشاعر لا يعجب إلا من عجز القادرين على التمام..

الاختلاف وجهان يظهران الضد في أحدهما..

فلماذا توظّف هذه المفردة في المجتمع على أنها مصدر الشغب، والحسد، والضغينة، والتحيز، والكراهية، والإقصاء، والتكتل، والتحزّب عند استخدامها، فصرْفها لتفسير قسري آحادي، وإخضاعها لتأويل مقاصد الناس في مسالكهم أياً كانت..؟

أليس في هذا الموقف من الاختلاف سوء ظن، وقد نهُيَ المرءُ عن سوء الظن لما فيه من الخطأ، والظلم إن خالف الحقيقة التي تغيب عن الظان بقول العليم الذي خلقَ الخلقَ، وقدَّر عقولَهم، واطلع على ما في صدورهم: فقال تعالى «إن بعض الظن إثم..»؟

إن التركيبة السليمة، والمعافاة للسلوك الفكري المؤدي إلى تفسير ما بين الناس من اختلاف في مشاربهم، وسلوكهم، وأفكارهم تصرف جميع التفاسير للاختلاف نحو وجهها الجميل،..

فالمختلفون هم في محك، وإن ثَقفوا مفهومَ الاختلاف على أنه دافعٌ للتميز، وسُلَّمة للارتقاء، ودربٌ للاستزادة، لوظفوا طاقاتهم في عمل نافع، وإنماءٍ جامع، وإنجازٍ متفوّق، وكانوا مصدر تنوّع لخبرات المجتمع، في العطاء،.. وموئل الإنجاز في مختلف موضوعات العمل، والبذل، والتميز يصبَّان من معين الفردِ في نهر الجماعةِ..

إن الاختلاف في أرقى معانيه، وأجلى حقيقته..، وأنقاها هو فطرة، وهو أيضاً محك التنافس المثمر، وينبغي النظر إليه كقيمة بشرية ترتبط بطبيعة الخلق في الإنسان، وهو ناتج عن تراكمات معرفية وتربوية وثقافية وبيئية تشكله جملة ما يتعرض له المرء من المهد وإلى الوقوف على قدمين في طريق الحياة..، وهو محصول فردي لن يؤتي ثماره الجمعية إلا حين يُفهم على أنه خصيصة يتميز بها فرد دون آخر، وجماعة دون أخرى..، هذا المحك في الإنسان سرُّه الخاص في سماته وخصائصه، وتنوّع عطاءاته، وما ينتجه فيكون إضفاءً جديداً لمن يخالفه، فهو ليس مصدر نزاعات، ولا ينبغي أن يكون مدار حروب فكرية، ونفسية..

فاختلف أيها الإنسان مع الآخر لأنك في الأصل مختلف، لكن أنتج، وتميز، تجعل الحياة كالخميلة إن اجتمعت الأشذاء تعطرتَ بما يولد الدهشة المنعِّمة لك، في حين إن نقبتَ عن مصدرها فلسوف تجدها زهوراً تتفاوت أشجارها أشكالاً، وتختلف ألواناً، وأوراقا..!!

في النهاية..,

ليس كل من يختلف عنك ضدك السالب..,

إنه إن شئت تمامُك الموجَب...!!

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب