Friday 18/04/2014 Issue 15177 الجمعة 18 جمادى الآخرة 1435 العدد

على هامش الندوة العلمية بجامعة الإمام .. نائب رئيس مجمع الفقه الإسلامي بالهند في حوار مع «الجزيرة»:

خادم الحرمين يحتل مكانة مرموقة في قلوب المسلمين .. والمملكة القلب النابض للأمة

أجرى الحوار - عوض مانع القحطاني / تصوير - مترك الدوسري:

أشاد نائب رئيس مجمع الفقه الإسلامي عضو المجلس التنفيذي للملتقى العالمي لعلماء المسلمين بالهند د. بدر الحسن القاسمي بما يقوم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من جهد لرأب الصدع والحفاظ على وحدة المسلمين والتعريف بقضاياهم وإبراز سماحة الإسلام.

وأكد القاسمي على أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يحتل مكانة مرموقة عند قادة العالم وعند المنظمات التي تعنى بحقوق الإنسان؛ والكل يشيد بما يتمتع به ملك هذه البلاد من الاحترام والتقدير.. وأوضح القاسمي في حديثه لـ»الجزيرة» بأن المملكة هي قلب الأمة الإسلامية النابض.. وتقف مع الأمة في قضاياها العادلة.

وقال خلال حضوره للندوة العلمية التي عقدت بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وحضرها نخبة من العلماء والمختصين والباحثين من داخل المملكة وخارجها تحت عنوان (مجالات التجديد في فقه القضايا في الفقه الإسلامي) والتي نظمها مركز التميز في البحث في فقه القضايا المعاصرة بجامعة الإمام.. والتي تأتي ضمن المشروعات العلمية والثقافية والتنويرية التي تقوم بها الجامعة، حيث سلطت هذه الندوة على قضايا في غاية الأهمية والتي ترتبط بحياة الإنسان.

وأبان د. القاسمي بأن العالم كل يوم يشهد تقدماً تقنياً، وتنهال معلومات لا حصر لها في كافة مناحي الحياة سواء في الطب والاقتصاد أو الشريعة، من هنا لابد أن تكون هناك خطوات عاجلة للاستفادة من العلوم الدقيقة في العلوم الشرعية وفي المسائل المختلفة.

من هنا جاءت هذه الندوة العلمية للباحثين في مجال أصول الفقه والقضايا المعاصرة الهامة. وقال إنه ومن خلال هذه الندوة قدمت العديد من الموضوعات التي تتعلق بتعليم الفقه، نحن دائماً نؤكد بأن مثل هذه القضايا حساسة وشائكة وقضايا كبرى تحتاج من العلماء إلى الدراسة والتبصر والأخذ بالاجتهاد الجماعي وتجنب الأشخاص أصحاب الآراء الانفرادية من عدم الوقوع في الأخطاء والإساءة إلى الأمة، لأن الآراء الفردية تكون إما تقود إلى الشدة أو التطرف وهذا يحتاج في هذا العصر بالذات ومع تعدد أصناف الآراء والمعرفة إلى آراء جماعية شاملة فيها فتوى تقييد الأمة وتقرب الأمة إلى بعضها البعض وأخذ آراء العلماء في شتى المجالات من خلال علماء متخصصين.

وأبان القاسمي أن هيئة كبار العلماء في المملكة والعلماء ورابطة العالم الإسلامي لهم دور ولهم بصمة في حياة الأمة من خلال فتاويهم ومتابعاتهم للمستجدات في العلوم الشرعية، مؤكداً بأن أهم قضية تم بحثها في هذا الاجتماع هي آليات الاجتهاد في هذا العصر، لأنه لابد أن المجتهد يعرف الواقع وما هي آليات الاجتهاد في هذا العصر أيضاً في مجال التعريف في الكتب والمطبوعات الكبيرة، وهل هناك حاجة إلى أن تعد كتب جديدة في مجال القضايا الفقهية المعاصرة.. هذه أمور بحثت بالإضافة إلى دراسة الفوضى الحاصلة من فتاوى بعض الأشخاص عبر القنوات الفضائية والتي تسببت في مشاكل بين المسلمين بل أحياناً كثيراً من المعارك التي تحصل بين الأمة تحصل من بعض الفتاوى غير ناضجة وأدخلت الأمة في صراعات خاصة من بعض الأشخاص الذين لديهم قصور في بعض الرؤى ولم يكن يملكون الكفاءة.. نحن دائماً نسعى في جعل الأمة تأخذ بما تقوم به المملكة من جهود في مجال الإفتاء.

مطالباً أن يكون هناك معهد للإفتاء يدرب ويؤهل المفتين لأنه ليس كل من تخرج يصلح أن يكون مفتياً، لابدّ لمن يفتون أن يدركوا ما يفتون به وأثره على الأمة.. لأن كل من يتخرج لا يسمح له بالإفتاء إلا بعد أخذ دورة في مثل هذه المعاهد عن كيف يفهم أثر هذه الفتوى على الأمة.

وعن دراسة التقارب بين المذاهب الأربعة كشف القاسمي عن أن المملكة قطعت شوطاً كبيراً في ذلك وقد درست الموضوع وانتهت ولم يبق من هذه الدراسة التي درست من قبل هيئة كبار العلماء في المملكة إلا أن تخرج للوجود وهذه لها أثرها الكبير على توحيد صف الأمة.. لأنه مع الأسف نرى كل يوم تزايد الهوة بين المسلمين.

وامتدح الجهود التي يبذلها خادم الحرمين في توسيع دائرة هيئة كبار العلماء وحرص خادم الحرمين الشريفين على وحدة الكلمة والرأي وهذه تسجل لهذا القائد الحريص على أمة الإسلام.. ونحن دائماً نؤكد بأن صوت هذا الزعيم هو صوت الحريص على وحدة الأمة والانسجام فيما بينها.

وحول حماية الأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية قال: هناك جهود تبذل.. ولكن على هذه الأقليات أن تبرز دورها في تمثيل أنفسها في البرلمانات والحكومات حتى يكون صوتها قوي.. وكنا في رابطة العالم الإسلامي قد بحثنا هذا الموضوع تحت عنوان (الأقليات المسلمة تميز واندماج تميز في العقيدة واندماج في دولهم حتى لا يكون هناك أي مشاكل مع بلدانهم).. مشدداً على أن الحكومات التي فيها مسلمون إذا أرادت البعد عن المشاكل أن تحافظ على أرواح الناس وتعطيهم حقوقهم كمواطنين.

وحول أعداد هذه الأقليات المسلمة في العالم قال: نعم هناك أعداد كبيرة لا يستهان بها فهناك ما يقارب من 500 مليون مسلم يعيشون في هذه الدول منهم أكثر من 200 مليون مسلم في الهند. والواقع بأن المملكة العربية السعودية كان لها دور مهم في مؤتمر التضامن الإسلامي وذلك لجمع المسلمين رغم اختلاف مذاهبهم واختلاف أماكنهم وأصبحت هذه البلاد مرجعية يلتفون حولها.

هناك 57 دولة إسلامية وهناك جهود ومحاولات لدعم ومساندة هذه الأقليات وإذا أثبت المسلمون في هذه الأقليات من خلال تضامنهم مع بعضهم البعض فيما بينهم يكونون أقوياء ويستطيعون دفع الظلم عن أنفسهم وينالون حقوقهم.. ولكن من خلال سماحة الإسلام وأخلاقيات المسلم.

وحول تعليم المسلمين عن بعد.. أجاب بعض المسلمين لا يوجد لديهم إمكانات في بلدانهم.. والتعليم عن بعد شيء جيّد.. ولكنه لا يسد الحاجة وليس هو الطريق المجدي خاصة في العلوم الفقهية الشرعية، ومعظم الأقليات المسلمة في بعض البلدان أمية ولا تملك الوسائل.

وعن سؤال كيف تنتظرون ما يحصل من ثورات في البدان العربية والإسلامية؟.. أجاب الشيخ القاسمي لا شك أن الخلافات التي تحدث في بلاد المسلمين كارثة للمسلمين.. والدول الإسلامية تعاني من الضعف، وكلما تكون هذه البلدان ضعيفة وتزداد الخلافات فهي تستغل من قبل أعداء المسلمين.. فهم يستغلون هذا الضعف وتزداد الهوة بين المسلمين فهي مشكلة كبيرة.

وما هو حاصل في الدول العربية من هذه الثورات هو قلة الحكمة وسوء تصرف عند قادة هذه الدول وتحولت هذه الثورات أو بما يسمى الربيع العربي إلى نتائج نجدها كوارث.. نجد أن معظم هذه البلدان العربية أو الإسلامية تعاني من عدم الاستقرار، وهذه فتنة.

وأكد بأنه عندما تكون البلدان الإسلامية قوية يكون المسلمون متحدين منسجمين مع بعضهم البعض، فإنهم سيلقون الاحترام.. ولكن عندما يكون المسلمون ضعفاء فهذا ما يريده الأعداء.. مطالباً قادة الأمة بالروية والحكمة، لأن هناك أسباباً باطنة وظاهرة لا يعلمها إلا الله من خلال أيدي خفية تعمل لتفكيك هذه الدول وإضعافها، وأصبح الصراع مع الأسف بين المسلمين في هذه الدول كارثة كبيرة، وأصبحت الفوضى الخلاقة التي يقولها أعداء الإسلام مصدر ظلم وقتل في هذه الدول وليست في صالح الدول العربية والإسلامية على الأمة أن يفيقوا.

وحول ظهور جماعات متطرفة تقاتل في الدول العربية بيّن أن هناك من لايزن الأمور والأفعال.. وهذه الجماعات تعمل بغير المنظور الشرعي مما يترتب على ذلك مفاسد وهذه الجماعات تؤذي الأمة لأن علمها ليس مأخوذاً من القرآن والشريعة الإسلامية. لأن الإسلام لا يقر إثارة الفتن والمشاكل والتحرك من غير هدف واضح.. هذه الجماعات تعمل بإيعاز من الخارج وتثير الفتن ويكون السبب في ذلك هو نهج هذه الجماعات بسبب قلة النظرة في الأمور الشرعية عند هؤلاء ومعظم من يعملون في هذه الجماعات مغرر بهم وفي النهاية تحصل الفتنة.

وعن دور العلماء لتنوير الشباب وإبعادهم عن هذه الجماعات أوضح بأن هناك مسؤوليات ودوراً مهماً للفقهاء والعلماء أن يرشدوا هؤلاء الشباب ويعطوهم موازين دقيقة فهي تمنع مثل ظهور هذه الجماعات ومثل هذه الأفكار المتطرفة، من هنا نمنع مقاصد هؤلاء الأشرار، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا ضرر.. ولا ضرار» وهذا عند الفقهاء والعلماء قاعدة أساسية وأيّ عمل يترتب عليه ضرر سواء أن كان في ذات الإنسان أو يترتب عليه ضرر للإنسانية هو عمل مرفوض إسلامياً.. والمقاصد الشرعية الخمسة هي: حفظ الدين.. حفظ النفس.. حفظ العقل.. حفظ العرض.. حفظ المال. وهذه الأشياء من أساسيات الدين الإسلامي.. وكل تحرك للمسلمين لابد أن يكون منضبطاً وفق الشريعة الإسلامية الجهاد ليس بالعمل الفوضوي، -أيّ- كل فريق أو مجموعة صغيرة تعلن الجهاد، وهذا غير صحيح الأمر مرتبط بأمور كثيرة لا يعلن الجهاد إلا من الحاكم أو من بيده أمور المسلمين.. لأنه ينظر ماذا يترتب عليه من مخاطر إذا ما كان يملك قوة إذا ما كان هناك فوضى من إراقة النفس والسلب والنهب وتشريد الناس فهذا لا يسمى جهاداً، هذا عمل تطرف وسلبي ويكون فيه ضرر للإنسانية لمجتمعه هذا ليس جهاداً وإنما دمار.

وحول الزيارات التي قام بها خادم الحرمين الشريفين وولي العهد وأثرها على العلاقات السعودية الهندية قال: علاقات البلدين ليست وليدة وهي من سنوات طويلة وعلاقاتنا كمسلمين بالمملكة وعلمائها علاقة قوية مبنية على الاحترام والتقدير.. عدد الجاليات الهندية في المملكة فاق أكثر من مليون ونصف المليون وعلاقاتنا مع المملكة حتى قبل ظهور النفط، ولكن هذه الزيارات أثبتت قوة العلاقات وزيادة التعاون والمملكة هي قلب الأمة الإسلامية النابض، ولها من الاحترام والتقدير عند شعوب العالم.. وهناك طلبة علم يدرسون في الجامعات السعودية ونحن نقدر هذه الإسهامات.