Saturday 19/04/2014 Issue 15178 السبت 19 جمادى الآخرة 1435 العدد

بعد أن حصل أميرها على شخصية العام ..حائل تواصل فعالياتها العلمية للحفاظ على التراث

الجلسات العلمية في جامعة حائل تختتم أعمالها بمشاركة رئيس التحرير وعدد من الخبراء الدوليين والمختصين في مناطق المملكة

حائل - عبدالعزيز العيادة / تصوير - إسماعيل القعود وعبدالرحمن المسمار:

في أقصى الشمال كان تراث الجنوب محور نقاشات ساخنة، تماماً كما هو تراث الشرقية والغربية والشمالية، إنها عروس الشمال وعروس المملكة حائل التي احتفلت هذا العام باليوم العالمي للتراث، تحت شعار «التراث وعاء الحضارة وبعد الهوية» فإكتمل النجاح باختيار صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل على شخصية العام في المملكة لاهتمامه ودعمه للتراث الوطني والإسهام الفاعل في الحفاظ عليه، فبالأمس كان لسموه وقفة نحو الحفاظ على ثروات الوطن المائية من خلال مبادرة شجاعة من صاحب السمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير، واليوم له وقفة أخرى ومن خلال رائد السياحة والفضاء صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس العام للهيئة العامة للسياحة والآثار، والذي وصف سمو أمير منطقة حائل بعد حصوله على شخصية العام بأنه مدرسة في النهج الإداري التطويري الشامل والداعم الأبرز للسياحة الطموحة بأفكار خلاقة. وقد أجمع المشاركون في الجلسات العلمية التي أقامتها جامعة حائل في اليوم الثاني لفعاليات اليوم العالمي للتراث على استحقاق صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل، وأكدوا جميعاً أن سموه يقدم نهجاً إدارياً وعطاءً وطنياً مستمراً، ليس من أجل مستقبل منطقة أو مستقبل جيل وإنما استشراف مستقبل لخير وطن وخير الناس الذين يتشرفون بالانتماء لهذا الوطن الطاهر، وقد اختتمت جامعة حائل فعاليات اليوم العالمي للتراث لهذا العام 1435هـ. وتضمن اليوم الثاني من فعاليات اليوم العالمي للتراث جلستين علميتين حول التراث, ترأس الجلسة الأولى الدكتور محمد عبدالعزيز النافع وكيل جامعة حائل للشؤون الأكاديمية, الذي رحب بالضيوف والمشاركين, وقدم شكره لسمو أمير منطقة حائل وسمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار على رعايتهم اليوم العالمي للتراث بالجامعة,كما قدم شكره لمعالي مدير الجامعة على تذليله الصعوبات وتوفيره كل ما يتطلبه إقامة اليوم العالمي للتراث.

وتحدث أمين منطقة حائل المهندس إبراهيم سعيد أبو راس عن أهمية المحافظة على التراث في المملكة والعمل على تطويره وإبرازه للأجيال القادمة, والعمل على تثقيف الأبناء بتراث أبنائهم. ثم تحدث المهندس بدر الحمدان مدير عام فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة الرياض, عن الآلية التي يتم بها المحافظة على التراث في المملكة, والعمل على جعل تلك الآليات واقعاً, كما استعرض بعض المشاريع التي تمت منذ إنشاء الهيئة والتي حافظت بها على تراث المملكة.

ثم تحدث الأستاذ الدكتور عبد العزيز لعرج أستاذ الآثار الإسلامية من الجزائر، والذي استعرض أمثلة عديدة على بعض المواقع الأثرية الإسلامية في العالم, وخصوصاً التي بناها المسلمون على مدى العصور الطويلة في كل أنحاء العام,كما استعرض جهود الدول الإسلامية في الحفاظ على الآثار الموجودة فيها, بالرغم أن البعض منها دمرته الحروب, إلا أنه أعيد البعض منها وفق ما تم تصميمه منذ الأزل, ثم تحدث المهندس أيمن بن زريعة الشيخ عضو الهيئة السعودية للمهندسين وعضو المجلس السعودي للجودة رئيس نادي المهندسين السعوديين, الذي تحدث عن شعبة التراث العمراني بالهيئة السعودية للمهندسين والتي بدأت ترسم خططها للمحافظة على التراث العمراني في المملكة العربية السعودي, حيث أشار إلى أن الشعبة نظمت العديد من اللقاءات والندوات حول أهمية الحفاظ على التراث العمراني لحث المجتمع للحفاظ على التراث العمراني الذي يعكس الصورة العمرانية والثقافية للوطن والمواطن ودعم المساعي للحفاظ على الهوية الوطنية في جميع المجالات الثقافية التي تشمل الآثار العمرانية والأعمال المعمارية والمجمعات العمرانية والمواقع الحضرية، إضافة إلى المباني التاريخية وغيرها من تراثنا الذي يعتز به كل سعودي. وطالب الشيخ باستحداث مجالات جديدة للعمل في مجالات التراث العمراني وتأهيل المكاتب الهندسية وشركات المقاولات للتخصص فيها.

وفي الجلسة الثانية التي ترأسها الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد نصيف عضو مجلس الشورى، وأستاذ السياحة والآثار بجامعة الملك سعود, أشار الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة إلى أهمية ربط التراث بالإعلام, والعمل على إعداد برامج تلفزيونية تظهر المواقع الأثرية في المملكة, وتسلط الضوء على نشر ثقافة الحفاظ على التراث عبر وسائل الإعلام المختلفة, معتبراً أن العلاقة بين التراث والإعلام علاقة وطيدة يجب الاهتمام بها (وسيتم نشرها كاملة).

ثم تحدث الدكتور أسامة بن محمد نور الجوهري المدير العام لمؤسسة التراث الخيرية, عن مؤسسة التراث الخيرية والأمانة العامة لجائزة الأمير سلطان بن سلمان للتراث العمراني, مشيراً إلى أن الجائزة تمنح للمشروعات الجديدة للطلاب والمهنيين من المعماريين، التي تعكس نجاحاً في استلهام التراث العمراني استلهاماً حقيقياً وفاعلاً، ولمشروعات إعادة تأهيل مناطق عمرانية، أو مبان تراثية أو أثرية، أو مشروعات إعادة استخدامها بشكل يؤكد استمراريتها وفائدتها، كما تمنح للأبحاث المعنية بدراسة التراث العمراني وأسسه، على أن تكون هذه الأبحاث ذات علاقة بالتراث العمراني الخليجي.

ثم تحدث الخبير الدولي في الآثار البروفيسور روبين جيف بابير من متحف الفنون الإسباني عن التراث والذي تحدث عن الهوية العمرانية والحفاظ عليها، والأنظمة والقوانين التي تدعم الحفاظ على الهوية العمرانية التراثية، إلى جانب دور السياحة والاستثمار في هذا المجال، ودور التعليم والتدريب في تشجيع استمرار الهوية العمرانية التراثية.

وقال: تشترك المملكة مع ولاية نيو مكسيكو في خصائص عديدة في التراث والطراز العمراني والفنون التقليدية، وقال: الإسبان الذين قدموا إلى نيومكسيكو جلبوا معهم تقنيات عدة للبناء بما فيها الطوب الطيني والديكورات الخشبية المنقوشة والتي كانوا قد تعلموها من الحضارة الإسلامية في إسبانيا، وقال: الكثير من الشواهد التاريخية مبنية من الطين ولا زلنا نستعمل هذه المادة حتى اليوم لبناء المنازل وكذلك تم بناء مسجد دار الإسلام في نيو مكسيكو من المواد نفسها.

ثم تحدثتا الخبيرة الدولية الدكتورة كافين والخبيرة الدولية الدكتورة مارشا بول مديرة المتحف العالمي لفنون الفلكلور في سانتا في ولاية نيو مكسيكو عن التراث وكيفية الحفاظ عليه مستعرضات بعض المواقع والمقتنيات الأثرية, وكيف تم الحفاظ عليها في عدد من دول العالم, وما هي سبل الحفاظ عليها أيضاً وتحدثت الدكتورة مارشا بول عن متحف نيو مكسيكو وكيف طور برنامجاً لتشجيع وإعادة إحياء صناعة الفخار الخاصة بالهنود الحمر في وقت أصبحت صناعة الفخار في تراجع، وقالت: تطورت هذه الصناعة في يومنا الحالي هناك وأصبحت مصدر دخل لقطاع كبير للعاملين بهذه الحرفة.

وشهدت المداخلات نقاشات ثرية أغلبها مع سعادة رئيس التحرير الأستاذ خالد بن حمد المالك، بدأها الدكتور محمد الثنيان من جامعة الملك سعود كلية الآثار، طالب بشراكة بين القنوات الإعلامية عموماً والصحف خصوصاً بالعمل على إيجاد شراكات بينها وبين القراء في مواضيع الاهتمام والعناية بالتراث، وذلك بعد أن استمع إلى ورقة رئيس التحرير حول أهمية الشراكات بين المؤسسات الصحفية والهيئة العامة للسياحة والآثار، كما تداخل الدكتور محسن القرني من الهيئة العامة للسياحة والآثار، وأشار إلى أن هناك 27 عاملاً أثر على التراث العمراني منها خمسة عوامل تتعلق بقلة الوعي، وأشار إلى أن دور وسائل الإعلام مهم للرفع من مستوى الوعي بالتراث عموماً وطالب باستقطاب ذوي الاختصاص في التراث في الصحافة وخصوصاً في الجزيرة.

وأجاب رئيس التحرير على التساؤلات وقال: لدينا في صحيفة الجزيرة صفحة أسبوعية خاصة بالتراث، وقال: لا يمكن للصحافة أن تحقق الطموح ما لم يكن هناك تفاعل من أهل الاختصاص أنفسهم، وقال: قلوبنا قبل الصحيفة مفتوحة لهم. وتحدث المالك عن أثر معرض الصور الذي أقيم برعاية من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع وشاركت به المؤسسات الصحفية من خلال صور قديمة غير متاحة، وكيف كان لها ردود فعل مؤترة في الكثيرين، وطالب المختصين بالآثار بالعمل على فعاليات مشابهة كهذه تثير وتلفت الانتباه وتحقق مردوداً إيجابياً ينعكس على جهود الحفاظ على التراث، وقال: عموماً نحن بحاجة لأكثر من فعالية وأكثر من مهرجان واحد وأكثر من متحف واحد، بل نحن أيضاً في حاجة لتفعيل كل الأنشطة المفتقدة ومنها السينما مع وجود الرقابة على ما تعرض، وأخذ آليات التنظيم المناسبة بمداخل خاصة للعوائل مستقلة وأخرى بعيدة للشباب. وقال: الأهم أن تكون هناك أساليب جذب للبرامج والفعاليات السياحية والتراثية بما يحقق المتعة والفائدة للجميع. وأثنى على جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار بدعم من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع وسمو ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء والمستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين، والاهتمام والمتابعة الدائمة والفكر والمنهج المتميز لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس العام للهيئة العامة للسياحة والآثار. وقال: رغم ما يبذل من جهود إلا أن المشوار طويل رغم النجاحات ورغم القدرة على استرجاع ما سرق من المملكة من قطع أثرية مهمة. وقال: إن هذه الملتقيات والجلسات العلمية تعزز جهود الحفاظ على التراث وزيادة وعي الناس. وقال: يجب إشراك كل فئات المجتمع في جهود الحفاظ على التراث بما في ذلك أئمة وخطباء الجمعة والمدارس ووسائل الإعلام. وقال: إنها هي المعنية وحاولت في هذه الورقة القاء الضوء على ذلك معرباً عن شكره لحائل المنطقة والناس بأميرها وأهلها الطبيبن، وحائل الطائي والكرم والتاريخ والرجولة والماضي والحاضر ارتبطت بها ككل مناطقنا العالية والحمد لله دائماً تكون لي فرصة لزيارتهوالالتقاء بمبدعيها ومفكريها وأهلها أصحاب مدرسة المحبة والضيافة، مقدماً شكره لجامعة حائل ولمعالي مدير الجامعة الدكتور خليل بن إبراهيم البراهيم ولوكلاء الجامعة وللقائمين على هذه الفعاليات المتميزة وعلى رأسهم الدكتور فهد الحواس والدكتور الطلحي وزملاؤهم.. (نص المحاضرة ستنشر غداً).

فيما كانت المداخلات متعددة ومنها مداخلة علي صالح المقنم الذي شكر للمشاركين في الجلسة وتحدث عن العرض الرائع للخبراء الدوليين عن أهمية الحفاظ على التراث، وقال: أبهرنا عرضهم واقتران الحفاظ على التراث بالحفاظ على المنتج. وقال: بحد ذاته هذا ما يجب أن نعمله في بلادنا لإعطاء فكرة متكاملة عن الحياة المعاشة في تلك الفترة التي عاصرت تلك المعالم. وقال: أمر مهم توظيف المباني التراثية في السياحة الثقافية ولفت النظر إلى حماية وحفظ تراثنا الشعبي والمادي والمعنوي.