Tuesday 22/04/2014 Issue 15181 الثلاثاء 22 جمادى الآخرة 1435 العدد

اللغة العربية بين الأصالة والتجديد

يبدأ الإنسان في تعلم اللغة وهو جنين في بطن أمه، ثم يكتسبها من محيطه الذي يعيش فيه (الأم، فالأسرة، والمجتمع) ثم تسهم البرامج ووسائل الإعلام في تشكيل لغة الأطفال؛ ألا ترى أن الطفل الذي يتابع بعض القنوات التي تلتزم بالفصحى في برامجها ومسلسلاتها يستطيع الحديث باللغة العربية بشكل لافت، لدرجة يصل فيها إلى فهم بعض الكلمات التي لا يستخدمها محيطه في لغته العامة، إن لهذا دلالته الواضحة، ولقد تواترت القصص التي تُروى في هذا المجال.

ثم أصبحت الأجهزة الإلكترونية في متناول الكبار والصغار، وصار الطفل يتقن لغة كثير من الإلكترونيات، وتنبه إلى هذا كثير من القائمين على التعليم في مختلف مراحله، وذلك عند تصميم المناهج والأنشطة التعليمية؛ لأن في هذا مواكبة لروح العصر، وإضافة لعنصر الجذب.

ولم تكن اللغة العربية يوما إلا علما من العلوم الأصيلة المتجددة التي تواكب بأسرارها ومعطياتها جميع العلوم، فظهرت تبعا لذلك كثير من التطبيقات الإلكترونية والبرامج العلمية مثل برامج وزن الشعر، والتصحيح اللغوي، وغيرها من البرنامج التي جاءت تلبية لحاجة دارسي اللغة العربية، ومستخدميها، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى الإفادة من التعليم الإلكتروني في خدمة اللغة العربية، في الوقت الذي بقيت فيه أصيلة شامخة كما كانت دائماً.

إن الانتقاد الذي قد يُتهم أهل اللغة العربية به أنهم يقدِّمون مادة نظرية تقوم على الحفظ والتلقين فقط، والحقيقة أن اللغة العربية من أكثر العلوم قدرة على الممارسة والتطبيق في إعرابها وصرفها وعروضها وبلاغتها ومناهجها في تحليل النص الإبداعي، وحاجتها إلى الممارسة والتطبيق لا تستدعي الإمساك بالورقة، أو الدخول إلى المعمل إنها حاجة الإنسان إلى البيان، الذي يتواصل به مع الآخرين، قال تعالى: بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195) سورة الشعراء.

وبالمقابل فإن الجمود سيلحق بأصحاب الجمود في الفكر، ولن يلحق بلغة القران بأي حال، فهي لغة سهلة ممتنعة ممتعة، كانت دراستها متطورة بتطور العصور؛ من الحاجة إليها والتأمل فيها إلى الإفادة منها، والاستمتاع بها، وإذا كان الدين الإسلامي صالحا لكل زمان ومكان فإن اللغة التي ارتضاها الله سبحانه وتعالى لكتابه الكريم صالحة للأزمنة، منسجمة مع روح العصر، واستجابتنا للخدمات الالكترونية في تعليم اللغة العربية بات ضرورة ملحة، نقوم بها حتى تؤدي واجبنا تجاه لغتنا التي تشكل هويتنا، وتمثلنا بين الأمم.

د. أسماء بنت عبد العزيز الجنوبي - الأستاذ المساعد في كلية اللغة العربية - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية