Wednesday 30/04/2014 Issue 15189 الاربعاء 01 رجب 1435 العدد
30-04-2014

مؤتمر مكافحة الإرهاب .. مرة أخرى

سأبدأ مقالي من حيث انتهى إليه تصريح مدير الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند، بأن إقامة المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب، الذي أقيم خلال الأيام الماضية، بعنوان:

«الإرهاب.. مراجعات فكرية، وحلول عملية»، يمثل إحدى صور جهود المملكة في مكافحة الإرهاب العالمي، في ظل ما توليه الحكومة من اهتمام بالغ، ودعم لمكافحة هذا الخطر العالميّ.

أقول: لم تتوان السعودية في بذل قصارى جهدها ؛ لإدانة، وشجب أشكال، ومظاهر الإرهاب، بالعديد من الاتفاقات الدولية، وتحديد أنظمة الوقاية منه، والتي تعتمد على مبدأ الحسم الأمني، والإجهاض المبكر لكافة تحركات عناصر الإرهاب. وعند هذه الفكرة تحديدا ؛ ومن أجل تعزيز تنسيق، واتساق الجهود التي تبذلها وزارة الداخلية ؛ لمكافحة الإرهاب بكافة أبعاده - السياسية والاقتصادية والاجتماعية -، فإن التآمر مع ارتكاب جرائم الإرهاب، أو الاشتراك في صور الارتكاب، سيضع مرتكبه في دائرة الإرهاب.

في أي مكان في العالم، فقد أصبح الإرهاب ظاهرة خطيرة، تهدد أمن وسلامة المجتمعات، إضافة إلى تهديد كيان الدول؛ ولتكمن محصلتها النهائية في القتل، والدمار، والخراب. وعندما ندرك هذه الأبعاد، فإن تعريف كنهه، سيكون منطلقا أساسا؛ لتكييف الإرهاب بوصفه ظاهرة. وهذا ما عناه نظام مكافحة الإرهاب السعودي، حين عرّف الجريمة الإرهابية، بأنها: كل فعل يقوم به الجاني، تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي، أو جماعي، بشكل مباشر، أو غير مباشر، يقصد به الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع، واستقرار الدولة، أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر، أو تعطيل النظام الأساسي للحكم، أو بعض مواده، أو الإساءة إلى سمعة الدولة، أو مكانتها، أو إلحاق الضرر بأحد مرافق الدولة، أو مواردها الطبيعية، أو محاولة إرغام إحدى سلطاتها على القيام بعمل ما، أو الامتناع عنه، أو التهديد بتنفيذ أعمال تؤدي إلى المقاصد المذكورة، أو التحريض عليها.

عندما تشتبه النتائج، وتختلف المقادير، فإن مواجهة ظاهرة الإرهاب، ستكون حقا من حقوق الدولة، ولا يتم ذلك إلا بالدفاع عن سيادتها، وأمنها، واستقرارها، وسائر حقوق مواطنيها؛ ولتنفيذ هذه الاستراتيجية، فقد صدر قبل أيام، واستناداً إلى الأمر الملكي الكريم رقم: أ-44، وتاريخ: 3-4-1435هـ، القاضي في الفقرة «رابعاً»، بتشكيل لجنة من وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ووزارة العدل، وديوان المظالم، وهيئة التحقيق والادعاء العام، تكون مهمتها إعداد قائمة ـ تحدث دوريا ـ بالتيارات، والجماعات المشار إليها في الفقرة «2» من البند «أولاً» من الأمر الكريم، ورفعها لاعتمادها.

أما جريمة تمويل الإرهاب، ففصّل النظام الذي سبق لمجلس الوزراء إقراره في الـ 16 من كانون الأول «ديسمبر» - الماضي -، بأنها: كل فعل يتضمن جمع أموال، أو تقديمها، أو أخذها، أو تخصيصها، أو نقلها، أو تحويلها، أو عائداتها - كلياً أو جزئياً - لأي نشاط إرهابي فردي، أو جماعي، منظم، أو غير منظم، في الداخل، أو في الخارج، - سواء - كان ذلك بشكل مباشر، أو غير مباشر من مصدر مشروع، أو غير مشروع، أو القيام لمصلحة هذا النشاط، أو عناصره بأي عملية بنكية، أو مصرفية، أو مالية، أو تجارية، أو الحصول مباشرة، أو بالوساطة على أموال؛ لاستغلالها لمصلحته، أو للدعوة، والترويج لمبادئه، أو تدبير أماكن للتدريب، أو إيواء عناصره، أو تزويدهم بأي نوع من الأسلحة، أو المستندات المزورة، أو تقديم أي وسيلة مساعدة أخرى من وسائل الدعم، والتمويل مع العلم بذلك؛ وكل فعل يشكل جريمة في نطاق إحدى الاتفاقيات الواردة في مرفق الاتفاقية الدولية؛ لقمع تمويل الإرهاب، وبالتعريف المحدد في تلك الاتفاقيات. وعند تطبيق ما سبق على أرض الواقع، فسيشمل ذلك كل مواطن سعودي، أو مقيم، عند القيام بأي أمر من الأمور الآتية:

1 - الدعوة للفكر الإلحادي بأي صورة كانت، أو التشكيك في ثوابت الدين الإسلامي، التي قامت عليها هذه البلاد.

2 - كل من يخلع البيعة التي في عنقه لولاة الأمر في هذه البلاد، أو يبايع أي حزب، أو تنظيم، أو تيار، أو جماعة، أو فرد في الداخل، أو الخارج.

3 - المشاركة، أو الدعوة، أو التحريض على القتال في أماكن الصراعات بالدول الأخرى، أو الإفتاء بذلك.

4 - كل من يقوم بتأييد التنظيمات، أو الجماعات، أو التيارات، أو التجمعات، أو الأحزاب، أو إظهار الانتماء لها، أو التعاطف معها، أو الترويج لها، أو عقد اجتماعات تحت مظلتها، سواء داخل المملكة، أو خارجها، ويشمل ذلك المشاركة في جميع وسائل الإعلام المسموعة، أو المقروءة، أو المرئية، ووسائل التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها، المسموعة، أو المقروءة، أو المرئية، ومواقع الإنترنت، أو تداول مضامينها بأي صورة كانت، أو استخدام شعارات هذه الجماعات، والتيارات، أو أي رموز تدل على تأييدها، أو التعاطف معها.

5 - التبرع، أو الدعم، سواء كان نقدياً، أو عينياً، للمنظمات، أو التيارات، أو الجماعات الإرهابية، أو المتطرفة، أو إيواء من ينتمي إليها، أو يروج لها داخل المملكة، أو خارجها.

6 - الاتصال، أو التواصل مع أي من الجماعات، أو التيارات، أو الأفراد المعادين للمملكة.

7 - الولاء لدولة أجنبية، أو الارتباط بها، أو التواصل معها بقصد الإساءة لوحدة، واستقرار أمن المملكة، وشعبها.

8 - السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي، واللحمة الوطنية، أو الدعوة، أو المشاركة، أو الترويج، أو التحريض على الاعتصامات، أو المظاهرات، أو التجمعات، أو البيانات الجماعية بأي دعوى، أو صورة كانت، أو كل ما يمس وحدة، واستقرار المملكة بأي وسيلة كانت.

9 - حضور مؤتمرات، أو ندوات، أو تجمعات في الداخل، أو الخارج، تستهدف الأمن، والاستقرار، وإثارة الفتنة في المجتمع.

10 - التعرض بالإساءة للدول الأخرى، وقادتها.

11 - التحريض، أو استعداء دول، أو هيئات، أو منظمات دولية ضد المملكة.

أمام هذا كله، فإننا لن نغفل الأهداف من وراء تلك العمليات الإرهابية، الأمر الذي ينبئ عن خطورة هذه الجرائم، وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة الإرهاب، وهو ما قرره مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، من أن الإرهاب، هو: ترويع الآمنين، وتدمير مصالحهم، ومقومات حياتهم، وكرامتهم الإنسانية، بغيا، وفسادا في الأرض، على خلاف الجهاد، الذي هو دفاع عن الوطن ضد احتلال الأرض، ونهب الثروات، وهو بذل الجهد ؛ لنصرة الحق، ودفع الظلم، وإقرار العدل، والسلام، وأن التعايش هو السبيل إلى التعاون على البر، والتقوى؛ ليصل هذا المفهوم -الجامع المانع- إلى ربط المقدمات بالنتائج، وإلى متابعة الأعراض بأسلوب العلاج.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب