Saturday 03/05/2014 Issue 15192 السبت 04 رجب 1435 العدد
03-05-2014

اسم الملك فيصل

في حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له). وقد جمع أبناء الملك فيصل وأحفاده كل هذه الثلاث، من خلال المؤسسات والمراكز والجوائز العلمية لتي تخرج لنا باسم الملك فيصل -رحمه الله- فهو قد مات إلا أن اسمه ظل خالدًا في نفوس العرب والمسلمين، وهذه الأعمال الجليلة التي تقوم بها هذه المراكز والمؤسسات جعلت هذا الاسم يتردد كل يوم بين الناس ووسائل الإعلام والفعاليات العلمية والثقافية سواء على المستوى المحلي أو العالمي، ويرتبط بكل منشط علمي وثقافي.

قبل شهر، حضرت مناسبة جائزة الملك فيصل العالمية، والتي ترعى وتُبرز أصحاب الفكر والعلوم. والأسبوع الفائت ذهبت في زيارة ممتعة إلى مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. هذا المركز يكاد يكون الوحيد من بين المؤسسات المتوّجة باسم الملك فيصل البعيدة عن عيون الإعلام وأقلام الصحافة، حتى أنني بعد الزيارة نشرت بعض الصور على صفحاتي في فيسبوك وإنستقرام، ووجدت عددًا من الردود التي تلوم وسائل الإعلام في ابتعادها عن هذا المركز برغم من أن عمره ثلاثون عامًا، فأبلغتهم أن الاعلام لم يبتعد، بل إن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية هو من اختار هذا وبقي بعيدًا بين البحوث والدراسات المتنوعة وليست الإسلامية فقط كما هو مدون في توصيف المركز، الذي يعمل في دعم الحركة العلمية ويستقطب الباحثين بكل اللغات ويقدم لهم الدعم العلمي واللوجستي، أضف إلى هذا دوره الكبير في دعم حركة الترجمة التي نعاني من فقرها على مستوى العالم العربي، سواء ترجمة البحوث والدراسات أو الكتب التي لم يصلنا منها إلا القليل باللغة العربية كون الجهود في هذا المجال ما زالت فردية والمؤسسات المعنية بحركة الترجمة تعتبر قليلة، وتركيزها الأكبر على الكتب الأدبية والتاريخية، لذا قد ينفرد مركز الملك فيصل بخاصية ترجمة البحوث والدراسات من وإلى العربية، وهذا أمر يستحق الإشارة والإشادة.

أما متحف المخطوطات الإسلامية في المركز فهو عالم آخر من الإثارة التي وجدتها في هذه الزيارة، إذ يقابلك ذلك المصحف الكبير محفوظ في دائرة زجاجية من أيام عهد المماليك ويعود الفضل فيه إلى امرأة من ذلك العهد، للأسف لا أعرف اسمها لكنني تعرفت على عملها، وليس بجديد أن نرى دور المرأة في كل عهد وكل ميدان سواء قبل دخول الإسلام أو بعده.

ويتميز متحف المخطوطات بمكتبة خاصة به تتضمن فهرسة للمخطوطات من جميع دول العالم، أما الأكثر إثارة والذي يحث الزائر على البحث وطرح الأسئلة هو المعمل الخاص بترميم المخطوطات، ومنهجية العمل من أجل الحفاظ عليها وبث روح الحياة فيها من جديد، في هذا المكان كنت أستحضر أمامي ذكرى الوراقين وما اشتُهر عن الخليفة العباسي «المأمون» عندما كان يمنح من يؤلف كتابًا وزنه من ذهب، تقديرًا وتشجيعًا لحركة التأليف والنشر.

مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، هو عالم من العلم والمعرفة، وهو ضمن السلسلة المؤسساتية العلمية والخيرية التي ارتبطت بأذهاننا تحت اسم الملك فيصل -رحمه الله- وتحثنا على استحضار ذكراه العطرة التي بقيت فينا وستظل في كل الأجيال من بعدنا.

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب