Saturday 03/05/2014 Issue 15192 السبت 04 رجب 1435 العدد
03-05-2014

الطريق إلى الجوهرة

احتفل شباب الوطن أول أمس الخميس بافتتاح معلم حضاري وثقافي ورياضي مهم، في مدينة جدة، هو ملعب الجوهرة المشعّة، بمدينة الملك عبدالله الرياضية، وهو استاد رياضي يضاهي أجمل الملاعب في أوروبا، من حيث التقنيات والتسهيلات فيه، بالإضافة إلى مساحته حيث يتسع لنحو ستين ألف متفرج.

ولعل ميزة هذا الملعب عن الملاعب الرياضية السابقة في البلاد، هي تصميمه الحديث الذي لا يشتمل على مضمار يحيط به، مما يجعل فرصة مشاهدة اللاعبين عن قرب كبيرة، مما يزيد الشعور بالمتعة.

ومن أكثر الأشياء المثيرة حقاً في تنفيذ هذه الجوهرة الجميلة هو في مدة تنفيذها، فمن غير الممكن أن نتخيل أن مدة إنجاز هذا الملعب لم تتجاوز الأربعة عشر شهرا فقط، بينما تعارفنا على أن مجرد إنشاء جسر، أو حفر نفق، يحتاج إلى ثلاث سنوات، وربما أكثر، ولكن حينما نكتشف أن وراء هذا المعلم الحضاري شركة وطنية ضخمة، ومنضبطة إداريا، هي شركة أرامكو السعودية، نعرف أن الأمر في مختلف مشاريعنا المتعثرة يحتاج إلى شعور بالمسؤولية، وانضباط في العمل، واحترام للمواعيد، وهذه الشعارات هي أهم شعارات هذه الشركة.

ولم يقتصر الأمر في الدقة على المشروع الإنشائي للملعب فحسب، بل حتى العرض التجريبي لحفل الافتتاح الذي تشرفت بحضوره، كان هو الآخر جميلا ودقيقا، بلوحاته التراثية الجميلة، التي عبرت عن جدة كمدينة تاريخية وتراثية، وكذلك عن البحر الذي تنام جدة في حضنه بسلام.

كنت أفكر بهذا الملعب الرائع، الذي جاء بعد طول انتظار، منذ إنجاز الدرة، ملعب الملك فهد الذي كان قبل نحو ثلاثين عاماً، وأسأل كما يسأل الرياضيون، متى سنحتفل بالمشروع التالي، ألسنا نستحق مثل هذه الجوهرة المشعّة عشر ملاعب على الأقل في مختلف المدن، أو المناطق التي تبلغ ثلاث عشرة منطقة إدارية في المملكة.

فعلى سبيل المثال تلعب في الدوري الممتاز، أو ما يسمى دوري جميل، نحو أربعة عشر ناديا رياضيا، ومن بين هذه الأندية من لا تتوفر لديهم سوى ملاعب رديئة، كما في الخرج والجوف وغيرهما، وربما ملاعب جميلة ولو كانت تستوعب عشرين ألف متفرجا، ستفي بالغرض، بدلا من ملاعب لا تتوفر بها أرضية مناسبة، أو إضاءة جيدة!

السؤال المهم هل كلما أردنا أن ننجز مشروعا بدقة عالية، وفي وقت قياسي، سنبحث عن شركة أرامكو السعودية؟ لماذا لا يعمم نمط الإدارة، وأسلوب العمل وانضباطه، الموجودة في هذه الشركات، على كافة الشركات المنفذة، بل وعلى كافة وزارات الدولة؟

ماذا لو كانت وزارة الصحة مثلا، أو غيرها من الوزارات، تُدار بذهنية أرامكو السعودية وتقاليدها المنضبطة في العمل؟ هل ستتطور بشكل كبير، وسيطبق التأمين الطبي على كل المواطنين؟ ولن يحتاج المواطن إلى طرق جميع الأبواب بحثاً عمن (يتوسط أو يفزع له) كي يجد سريرا أو موعدا قريبا، هي مجرد أسئلة، تراوح بين السعادة والإحباط، سعادة أن نجد مثل هذا المبنى الرائع للملعب، ونحتفل مع خادم الحرمين الشرفين في تدشينه، وإحباط أن لا يوجد لدينا سوى شركة واحدة، تمتلك المصداقية والانضباط، اسمها: أرامكو السعودية!

مقالات أخرى للكاتب