Sunday 04/05/2014 Issue 15193 الأحد 05 رجب 1435 العدد
04-05-2014

أيها الليل .. (ما أقصرك)..؟!

أين هو الليل الذي نتحدث عنه هنا..؟!

- انسحبت سدله، وتقطعت ظلماته، أمام أنوار الكهرباء، فتحولت شوارعنا ودورنا إلى أنوار أقرب إلى النهار.

- كان لليل حضوره وثقافته في المجتمع، وكان الليل هو (أبو الأسرار)..

وهو (ليل العشاق)، و(سمير السمار)، ومحطة للراحة والاسترخاء من عناء النهار.

- الليل والنهار هما الظرف الزماني الذي جعله الله في موازاة الظرف المكاني، وبين الزمان والمكان: الإنسان. ومن أجل هذا الإنسان، أوجد الله المكان، وأوجد الزمان.

- الليل بظلامه؛ يقابل النهار بنوره، ولكل منهما وظيفة تخدم خليفة الله في أرضه الذي هو الإنسان.

- جعل الله الليل لباساً وسكناً، وجعل النهار نشوراً ومعاشاً.. قال تعالى في كتابه العزيز: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}.. وقال عز من قائل: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}.. ثم قال: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}.

- ما الذي طرأ علينا حتى لم نعد نعرف الليل الذي عرفناه في صبانا سواء في مدننا أو في قرانا..؟

- كنا في القرى نصلي المغرب؛ ثم نتعشى ونخلد للنوم بعد صلاة العشاء، لنستيقظ قبيل أذان الفجر، وكان الحال في المدن غير بعيد من هذا إلى حد ما؛ حتى طفرنا مع الطفرة في منتصف السبعينيات الميلادية من القرن الماضي، تلك التي غلب عليها الجانب المادي البحت، فوجدنا أنفسنا وجهاً لوجه؛ أمام سلوكيات حياتية جديدة، ومع متغيرات زمنية فادحة الخطورة. كيف نعيش الليل والنهار..؟

- نسهر الليل كله، وننام النهار جله.

- حوّلنا ليلنا إلى ضوضاء وصخب وضياع، في المنازل، وفي الشوارع والأسواق.

- محلات تجارية تفتح إلى وقت متأخر من الليل، وبعضها حتى الفجر، أسواق ومطاعم ومقاهٍ، وحتى دكاكين سباكة وكهرباء..!

- تفرقت جمعاتنا العائلية المعهودة، فتوزعت بين التسوق والتسكع والبر والاستراحات والمقاهي.

- أصبح كثير من الناس يفطر بعد الظهر، ويتغدى بعد المغرب، ويتعشى بعد الفجر..!

- معادلة غير عادلة. وحتى أن لها أضرارها الصحية والاجتماعية والنفسية والأمنية.

- كل هذه الأنماط السلوكية المستجدة في حياتنا مع الطفرة المادية؛ تسببت في فوضى عارمة تضرب الآن بأطنابها في حياتنا الاجتماعية. ما الحل..؟

- سيقول البعض إن الحل هو في العودة إلى ما كنا عليه من احترام للوقت، وتمثل لما جعل الله الليل والنهار من أجله. الليل للسكن واللباس، والنهار للانتشار والمعاش، ولكن هذا لن يتأتى هكذا بدون أنظمة حازمة، ورقابة صارمة، ومحاسبة جازمة. الناس لا يجيدون إدارة أنفسهم بأنفسهم إذا لم يكن هناك قوة من بينهم تفرض عليهم ما يصلح لهم في حياتهم.

- ومما يصلح لنا في حياتنا اليوم، هو فرض نظام يحدد ساعات العمل في القطاع الخاص مثلما هو في القطاع العام، فلا يترك الأمر على علاته، فيعمل من يريد أن يعمل وقت ما يريد، ويقفل من يريد أن يقفل وقت ما يريد.. هذه حرية ضارة وغير نافعة، وقد تسببت في تشويه سلوكنا، والتشويش على علاقاتنا الاجتماعية والأسرية.

- أقرأ عن النية في تطبيق قرار ملزم لقفل الأسواق والمحلات الخاصة عند الساعة التاسعة مساء، وهذا أمر يحتاج إلى ترتيبات ملزمة ومهمة، منها الديني ومنها الدنيوي، ولأننا نعمل على سعودة الوظائف في الشركات والمؤسسات والمحلات التجارية، فلا بد أن نحدد بداية ونهاية للدوام اليومي لهؤلاء الموظفين، بحيث يعملون على فترتين: صباحية من الساعة التاسعة إلى الساعة الثانية والنصف ظهراً، ومسائية من الساعة الرابعة والنصف إلى الساعة التاسعة، فهذه تسع ساعات، منها ساعة لقفل صلاتي الظهر والمغرب.

- ومن المهم العمل على تأخير وقت أذان صلاة العشاء إلى التاسعة مساء، حتى يتجه الكل إلى الصلاة ثم إلى شأنهم وأسرهم مع قفل الأسواق والمحلات، إلا ما تقتضي الضرورة بقاؤه؛ مثل الصيدليات والمطاعم ومحطات الوقود، والمناوبات الصحية في المستشفيات والمستوصفات.

- إن الفترة بين انقضاء صلاة المغرب وموعد أذان العشاء قصيرة جداً لا تتجاوز ساعة، وإذا افترضنا عودة الموظفين بعد صلاة العشاء عند الثامنة والنصف، فإنه لا يتبقى سوى نصف ساعة للقفل مرة ثالثة.

- الفكرة جيدة.. تعالوا نهيئ لها أسباب النجاح؛ من نظام ملزم، وتطبيق ألزم، ومرونة تؤدي إلى تأخير وقت أذان العشاء إلى التاسعة، وبقاء مرافق الخدمة من صيدليات ومحطات وقود مفتوحة طوال الوقت، خاصة تلك التي هي على الطرق الطويلة، حيث يجوز للمسافرين عبرها الجمع والقصر في الصلاة.

H.salmi@al-jazirah.com.sa

alsalmih@ymail.com

مقالات أخرى للكاتب