Sunday 11/05/2014 Issue 15200 الأحد 12 رجب 1435 العدد
11-05-2014

مرحلة رياض الأطفال أهميتها والدعم اللازم لها

في الثالث من شهر ربيع الأول من عام 1423هـ صدرت موافقة المقام السامي على قرار اللجنة العليا لسياسة التعليم المتضمن جعل التعليم قبل المرحلة الابتدائية (رياض الأطفال) مرحلة مستقلة بمبانيها وفصولها عن مراحل التعليم الاخرى مع وضع خطة وبرنامج زمني يعتمد في خطط التنمية للدولة للتوسع تدريجياً في إنشاء رياض الأطفال في عموم أنحاء المملكة مع الاستفادة من القطاع الخاص (التعليم الأهلي) في تحقيق هذا الهدف، وبناء مناهج تربوية فاعلة لرياض الأطفال تحقق أهداف هذه المرحلة.

لكون مرحلة رياض الأطفال أساسية لتحسين مخرجات التعليم في المراحل التعليمية اللاحقة، يتم من خلالها إكساب الطفل مهارات اجتماعية وتعليمية وتربوية قبل دخوله مرحلة التعليم الابتدائي، وقد أكدت ذلك الكثير من الدراسات التربوية التي من نتائجها أيضاً أن مستوى تحصيل الطفل في القراءة وفي المهارات الحسابية سيكون عاليا للأطفال الذين التحقوا برياض الاطفال، إضافة إلى اكتشافها المبكر لاحتياج الطفل لمعالجات لمشاكل السمع وضعف البصر وغيرها مما قد يؤثر على تحصيل الطفل مستقبلاً، لأن هذه المشكلات قد تعالج في هذه المرحلة المبكرة من العمر (4-6) سنوات. كما أن التعليم في مرحلة رياض الأطفال يسهم في تخفيض تكلفة التعليم من خلال الاستغناء عن برامج ودروس التقوية وتخفيض نسبة الإعادة بالصف وتخفيض التسرب من التعليم، كما يحصل الطفل في هذه المرحلة على التغذية المناسبة لعمره، إضافة إلى حصوله على التوجيه والإرشاد اللازم لهذا العمر، أما من الناحية الاجتماعية فيتم في هذه المرحلة إبعاد الطفل عن تربية الخادمات للأمهات العاملات.

إن الموافقة السامية تعد أكبر مشجع من القيادة الحكيمة لرعاية الأطفال من خلال إلحاقهم بهذه المرحلة التعليمية بالرغم من عدم إلزاميتها خلال الفترة الزمنية الحالية وهي اللازمة للتهيئة والاستعداد والتوسع لتشمل كافة الأطفال في الأعمار (4-6) بالمملكة، حيث كانت ولا زالت نسبة التحاق الأطفال بالمملكة العربية السعودية منخفضة جداً مقارنتها بالدول الأخرى المهتمة بهذه المرحلة، ففي المملكة نسبة التحاق الأطفال تتراوح بين 10-12% تقريباً، وعند مقارنتها ببعض دول العالم فمثلاً في فرنسا والسويد وبلجيكا وإسبانيا تصل النسبة إلى 100%، إضافة إلى أن نسبة الالتحاق برياض الأطفال في المملكة تكون أقل في المدن الصغيرة، حيث تصل إلى 5% تقريباً، كما أن نسبة الالتحاق تكون أفضل في المدن الكبيرة وفي الأحياء التي ساكنوها من ذوي الدخل الأعلى، وكذلك تكون نسبة الالتحاق برياض الأطفال أقل في الأحياء التي ساكنوها من ذوي الدخل المحدود في المدن الكبرى.

ومنذ أن استشعرت القيادة أهمية هذه المرحلة أكدت على التركيز بالتوسع في مرحلة رياض الأطفال وجعلها مرحلة مستقلة بدلاً من ربطها بالمرحلة الابتدائية في إدارتها وتشغيلها وعدم ربطها بوجود مرحلة ابتدائية تكون جزءاً من مبناها. كما أكدت الموافقة السامية على مشاركة ومساهمة القطاع الخاص في تنفيذ هذه المرحلة بجانب وزارة التربية والتعليم.

وقد سعت الوزارة إلى تنفيذ التوجيه السامي من خلال عدة خطوات تنفيذية منها إدراج هذا المشروع ضمن خطة الوزارة العشرية والخطة الخمسية التنموية ومشروع الإستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العام، وذلك من خلال افتتاح عدد من رياض الأطفال سنوياً ضمن ميزانية الوزارة، كما أعدت الدراسات اللازمة لوضع الموافقة السامية موضع التنفيذ من كافة الجوانب (المباني، المناهج، تأهيل المعلمات) إضافة إلى دعمها مبادرات القطاع الخاص والتي منها مبادرة الشركة الأكاديمية لخدمات التعليم بالتعاون مع بنك التسليف السعودي لدعم المستثمرات برياض الأطفال من خلال تقديم القروض اللازمة لهم. وتدل آخر إحصائية صدرت عن الوزارة للعام الدراسي 1433/1434هـ أن عدد رياض الأطفال بلغ (2559) روضة تُشغل وزارة التربية والتعليم منها (1385) روضة، وتشغل وتشرف على (232) روضة وزارة الشؤون الاجتماعية، أما نصيب القطاع الخاص هو امتلاك وتشغيل (942) روضة وعدد الأطفال الملتحقين برياض الأطفال بلغ (182.556) طفلاً. ويتضح من خلال هذه الأرقام ضعف مساهمة القطاع الخاص في افتتاح رياض الأطفال تنفيذاً للتوجيه السامي إضافة إلى ضعف نسبة التحاق الأطفال بهذه المرحلة. والذي أعرفه وعايشته هو أن لدى القطاع الخاص النسائي بالذات الاستعداد والقدرة والخبرة اللازمة للاستثمار في رياض الأطفال متى ما وجد الدعم اللازم في البداية والتشجيع الدائم من خلال تقليل وتسريع بعض الإجراءات الحكومية التي للأسف تعامل هذا النوع من الاستثمار كما تعامل الاستثمارات التجارية والصناعية من قبل كل من وزارة العمل وإدارة الجوازات والبلديات والتأمينات الاجتماعية إضافةً إلى وزارة التربية والتعليم وغيرهم مما يؤدي إلى نفور المستثمرات أو خروجهن من هذا الاستثمار الناجح ذي المردود الكبير على العملية التعليمية والتربوية والاجتماعية.

ولفت نظري ما نشر مؤخراً في جريدة الرياض بالعدد رقم (16740) بتاريخ 24 جمادى الآخرة 1435 على لسان رئيس اللجنة الوطنية بمجلس الغرف السعودية للتعليم الأهلي الدكتور عبدالرحمن الحقباني من أن 70 في المئة من مدارس رياض الأطفال والطفولة المبكرة على مستوى المملكة فشلت مشاريعها بعد تعثرها في سداد قروض بنك التسليف بسبب قرار رفع الحد الأعلى لرواتب المعلمات برياض الأطفال إلى (5600) ريال، بالإضافة إلى قرار رفع تكلفة الموظف غير السعودي إلى (2500) ريال، حيث أضرت هذه القرارات بميزانية هذه المدارس وقدرتها على سداد قروض بنك التسليف خاصةً وهي في مرحلة التأسيس.

والذي أراه في هذا الوقت أهمية دعم رياض الأطفال من خلال إصدار قسائم (فاوتشر) تقدمها الدولة - حفظها الله - لأولياء الأمور لإلحاق أطفالهم برياض الأطفال الأهلية في حالة عدم قدرة وزارة التربية والتعليم في إلحاقهم في ما لديها من رياض أطفال ولو بدفع نسبة 50% من رسوم الالتحاق برياض الأطفال، وهذا مشروع سبق أن بادرت به الوزارة نتيجة لدراساتها التي قامت بها مع بيوت خبرة عالمية ونتيجة مقارنات تمت مع دول أخرى طبقت نظام القسائم (فاوتشر) هي أقل في إمكانات مالية، فالاستثمار في فلذات الأكباد لا يقدر بثمن وخير دليل على ذلك حرص ودعم القيادة من خلال الموافقة السامية التي ذكرتها قي بداية هذا المقال وبالله التوفيق.

مستشار إداري تعليمي - وكيل وزارة التربية والتعليم سابقاً

مقالات أخرى للكاتب