Saturday 17/05/2014 Issue 15206 السبت 18 رجب 1435 العدد

مندوبنا في الأمم المتحدة

عبدالحميد الحمادي

سفيرنا في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي، يتمتع بمزية تفرد بها عن زملائه مناديب الدول الأخرى وقد يكون ورثها واكتسبها من آبائه وأجداده واحتكاكه بعمالقة السياسة في العالم وفي مقدمتهم الوزير الوقور الرشيد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، لهذا اكتسحت وشاحت سمات وخصائص الوقار والتؤدة طبيعة شخصيته ومكوناته النفسية، فقد تمكن في موقفين من إلجام شغب ومراوغة مندوب النظام السوري بكل اقتدار ولباقة وخلق رفيع من غير انفعال أو تهور أو احتراق تظهر تعبيراته وإفرازاته على وجهه أو في كلماته.

التمثيل الدولي لا يقبل بالمجاملات ولا أيضاً المحسوبيات أي - الوساطات الشخصية والشفاعات - وذلك لأنه يعبر عن مكنون وجوهر الدولة الممثل لها سياسيا ورسميا فيما يطرح من قضايا ومواقف وآراء إزاء الأزمات والأحداث الطارئة والسالفة، ولهذا فإن اختيار معالي مندوبنا لا يعد غريبا ولا مفاجئا وخاصة في ظل وجود رجل بقامة سمو الأمير سعود في وزارة الخارجية الذي يتقن بفراسته العتيدة والضليعة كيف يضع الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب.

الرسول -صلى الله عليه وسلم- علمنا أنه يجب أن يخضع اختيار الرجال إلى معايير وموازيين تضمن تحقيق المهمة والإنجاز بأعلى مستوى يتطلع إليه القائد والقيادة، لذا فليس بمستغرب أن تحذو القيادة السياسية في وزارة الخارجية التي شهد لها تاريخ القرن العشرين بحنكتها وحكمتها ورويتها وصبرها وتأنيها وحصافتها في لملمة القضايا الشائكة والمعقدة دون أن تؤذي أحداً، بل تعمل للحق ومن أجله مضمونا وغاية ووسيلة وهي سالكة في تحقيق ذلك منهج المبادئ والقيم والأخلاق حتى بلغت وباستحقاق « الريادة الأخلاقية في السياسة» على مستوى العالم أجمع.

ولعلي أختم بالتأكيد أن سبب تفوق الفرد في أي مجال ينبع وينطلق من عمق الغاية التي يصبو لتحقيقها، فكلما كانت تلك الغايات والمنى متوافقة ومنسجمة مع المبادئ والثوابت الأخلاقية والشرعية التي نشأ وتربى عليها الإنسان من خلال الفطرة الدينية والتربية الاجتماعية والثقافية كلما كان ثباته ونجاحه أسهل وأعمق وأميز، وذلك لأن المبادئ تنتصر حتى لو تأخر نصرها وتعاسر ظفرها فقد قال الله تعالى « فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا « والتكرار جاء من باب التأكيد وهو أصدق القائلين وأكرم المجيبين، وكما أُثر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- قوله «لا يعدم الصبور الظفر وإن طال به الزمان «.

وكما قال الشاعر أبو حيه النميري حاثا على التمثل والتزين برداء الصبر:

إني رأيت وفي الأيام تجربة

للصبر عاقبة محمودة الأثر

فقل من جد في أمر يحاوله

واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر