Monday 19/05/2014 Issue 15208 الأثنين 20 رجب 1435 العدد
19-05-2014

الأرصفة وطرق المشاة

أمانة العاصمة الرياض تسعى بكل دأب إلى أن تفعل دور طرق المشاة وتُحَسِّن من أدائها، بعد أن تزايد الاهتمام بهذا النوع من الممرات، لتشهد إقبالا كثيفا من قبل من يفضلون رياضة المشي، أو الجري، بعد أن أكدت التقارير والدراسات الطبية أن هذه الرياضة باتت حالة صحية ضرورية، تساعد على الوقاية من الأمراض والعلل الكثيرة التي قد تصيب الناس في أي لحظة.

من هنا تتحرك الأمانة نحو فتح مجالات رياضية وترفيهية كثيرة، خدمة للمواطنين، ليتم إنشاؤها في بعض الأحياء منعاً للتكدس في أماكن معينة قد يصعب الوصول إليها، فالمهم في هذه الإنشاءات أنها تتوفر في كل حي، خدمة لهذه الفئة التي تنشد فيها المتعة والترويح والفائدة التي تعود على الصحة بالنفع.

ولا ننكر حقيقة أن مجتمعنا منذ القدم هو من الشعوب التي كان للحي والشارع والرصيف أثر بارز في تكوينه الثقافي، وبعده الإنساني، من خلال فضاء الحكاية والمقهى والمراكيز و»العوائر» والمعروضات البسيطة على الرصيف، حتى باتت هذه البقعة على جنباته من الأماكن الأثيرة التي سجلتها ذاكرة الكُتَّاب والرسامين والمصورين، وتغنت فيها الكثير من الأصوات، ونسجت حولها العديد من القصص والحكايات المثيرة، لتبقى هذه الأرصفة رمزا من رموز التواصل الاجتماعي.

إلا أنه في هذه الأيام المعاصرة افتقد الرصيف علاقته الحميمة مع العابرين من فوقه، أو المقيمين على جنباته، ولم يعد مكان مناسباً للسير أو المشي نظرا لاتساع الشوارع، وتزايد حركة السيارات التي لم تعد هادئة أو وادعة، إنما نشأت هذه القطيعة كنتائج معروفة من نتائج التحضر والتوسع وترامي المدن والأحياء.

وخطوات أمانة العاصمة الرياض في إعادة الرصيف كعنصر مهم، وإن كان على هيئة ممرات حتما فإنه سيعيد دور وأهمية هذا الطريق، ليكون أسلوب حياة، يساعد المجتمع على أن يجد ذاته في هذه الأماكن المعدة بشكل سليم، وربما يتطور الأمر بان تكون ممرات للوصول إلى أهداف معينة للإنسان في المدينة كالتسوق راجلاً، أو الذهاب بواسطة دراجة هوائية للسوق، أو أي عمل آخر بسيط، لا يحتاج إلى خدمة السيارة أو إقحامها في كل «المشاوير» حتى وان كانت قريبة.

فمن المهم - وهذه ملاحظة لا بد منها - أن تكون هذه الممرات أو طرق المشاة معدة للعبور الآمن، ومن ثم لرياضة المشي أو الجري، فحينما نقتنع بأن المشي رياضة ضرورية، وهواية يجدر بنا تفعيل دورها من أجل تحقيق أهداف هذه المشاريع التي تنجزها الأمانة من أجلنا.

وحينما نتأمل متطلبات هذه الطرق أو الممرات أو الأرصفة فإننا نجدها وقد أعدت بشكل مدروس ومتقن، وجاءت بنيتها التحتية متناسق كالأرصفة والإنارة والمصليات، ومقاعد الاستراحة، والتشجير، ودورات المياه، وجميعها موفرة وجاذبة لمن يريد أن يؤدي مثل هذه الرياضة في أي وقت، إلا أنه ينتظر منها أن تكون فكرة متكاملة وموزعة جغرافيا على الأحياء بشكل مناسب، وأن تكون هناك خدمات واضحة لكبار السن والمعاقين من أجل تحقيق مزيد من التميز في هذا المضمار الحيوي.

ولم تكن العاصمة هي من شهدت هذا الإقبال النوعي على طرق المشاة إنما الكثير من المدن الأخرى في بلادنا أعدت العدة لتطوير هذه المرافق والأرصفة والحدائق لاستقبال هذه الأعداد المتزايدة من المشاة والمتريضين، فالخدمات التي تنشأ حول هذه الممرات والأرصفة تعد بحق ظاهرة حيوية وحضارية، وأسلوب مثالي للتخفيف من ضغوط الحياة، وتلبية احتياجات المجتمع.

hrbda2000@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب