Saturday 24/05/2014 Issue 15213 السبت 25 رجب 1435 العدد

صورة السائح المسلم

عامر بن فهد الصويغ

عندما تبدأ درجات الحرارة بالارتفاع تدريجياً مؤذنة ببداية فصل الصيف وقرب الإجازة الصيفية، هنا يتناسب الارتفاع في درجات الحرارة طردياً مع استعداد بعض الأسر بالتفكير والتخطيط برسم المسارات ووضع الجداول واختيار الرحلات تمهيداً للسفر هنا أو هناك هروباً من لظى الحرارة إلى نعيم البرودة أو الجو المعتدل على أقل تقدير، ويقتضي الأمر عند البعض السفر خارج البلاد سواء كانت الوجهة المقصودة إحدى البلدان الأوروبية أو بعضها أو إحدى بلدان الأمريكيتين (القارات) وقد يفضل البعض إحدى الجزر المتناثرة هنا أوهناك، وتتفاوت أغراض السفر بين السياحة والاستجمام أو إلى تعلم لغة أخرى أو حضور دورات تعليمية تقنية كانت أو أدبية أو تصب في سياق تطوير الذات وتطوير الشخصية وقد يكون الغرض كذلك من وراء السفر التجارة ببيع أو شراء أو توقيع اتفاقيات تصدير واستيراد للسلع والحقيقة إن للسفر فوائد جمة وحسنات كثيرة كما ذكر الإمام الشافعي في أبياته الجميلة:

تغرب عن الأوطان في طلب العلا

وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفريج هم واكتساب معيشة

وعلم وآداب وصحبة ماجد

فأياً كانت الأغراض من السفر سيتحتم على المسافر من هذه البلاد المسلمة أن يتعامل ويتفاعل ويخالط أناساً من شتى الأعراق والخلفيات الثقافية والدينية سواء كانوا من أهل البلد المنشود أو سياح أجانب أو مقيمين بانتظام، فالحري به عند سفره أن يكون سفيراً ومندوباً وممثلاً لعقيدته ودينه ووطنه بطبيعة الحال، وخير ما يتحلى به السائح المسلم المعاملة الحسنة والابتسامة وحسن الخلق كما قال صلى الله عليه وسلم (إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم) رواه الإمام أحمد. فينبغي أن تنعكس عقيدته على تعامله مع الآخرين سواء كان ذلك مادياً عن طريق بيع أو شراء، أو ثقافياً عن طريق النقاش والحوار أو اجتماعياً بالمشاركة في فعاليات أو نشاطات قد تنشط في مثل هذا الوقت من السنة والمرجو والمتأمل من السائح أن يتسامح ويتعايش مع أتباع الأديان الأخرى باحترام معابدهم ومقدساتهم كما احترم رسولنا عليه السلام التوراة ولم يضعها على الأرض عندما أمر بمراجعتها حين كذب اليهود حد الرجم حتى وجدت الآية الدالة على ذلك، من زاوية أخرى ينبغي الحرص على الالتزام بتعاليم الدين أمامهم ليعطي انطباعاً عن عظمة الدين الذي يطبقه وأنه صالح لكل مكان وزمان ولا يتعارض ذلك مع ما أشرت إليه آنفا من التسامح واحترام أتباع الأديان الأخرى يقول الله عز وجل في محكم تنزيله: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سورة الأنعام، وقال القرطبي رحمه الله تعالى في كتابه «الجامع لأحكام القرآن»: فلا يحل لمسلم أن يسب صلبانهم ولا دينهم ولا كنائسهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك، لأنه بمنزلة البعث على المعصية.. انتهى.

وتأكد أنك ستشارك برسم الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين حتى لو كان بقاؤك بالبلد أياماً معدودة أو بالمكان ساعات قلائل، فكم ممن اهتدوا بفضل الله ورحمته ذَكروا بأن المعاملة الحسنة والابتسامة وحسن الخلق كانت الدافع الأول للبحث والتعمق في معاني شعائر وعقائد هذا الدين العظيم حتى منّ الله عليهم بالهداية.

فهنيئاً لمن وضع حجر الأساس لهذا المشروع بابتسامة أو بسمة متزن أو بأمانة في التعامل أو بمعاملة حسنة راقية تمثل ما يفعله هذا الدين بالضمائر وما تفعله هذه الشريعة الغراء بالقلوب فتصفيها وتؤاخي ما بينها وتجعل الإحسان لأي كائن صدقة، والابتسامة صدقة وإماطة الأذى عن الطريق صدقة.

- الخبر

maerfahd83@gmail.com