Tuesday 27/05/2014 Issue 15216 الثلاثاء 28 رجب 1435 العدد
27-05-2014

إعادة نظام «العسس» في الحارات..!!

يخيل إلي أنه آن الوقت ليكون هناك أمن للحارة داخل الأحياء بمعنى عودة نظام «العسس» ليس في الليل فقط، بل حتى في النهار..

لأن أنماط الاعتداء الفردية تغيَّرت بانتشار ثقافة الجريمة, وإن صغرت.. وسهولة القيام بها لدى ضعاف النفوس، وبغياب الرقابة الأسرية، والضوابط الذاتية.. ولهذا عوامل تراكمت، وتفاقمت..!

أذكر حين بدأنا نشاهد برامج التلفاز السوداء والبيضاء ونحن على مدارج الصفوف المدرسية المبتدئة، وفي طُلعة زمن الكتابة بالقلم الرصاص, والذهاب لمبنى الجريدة وتسليم الكتابة على درج المطبعة،كتبت ما أخضع أبي للمساءلة من قبل الرقابة في وزارة الإعلام عمَّا تقدّمه بعض المسلسلات من أساليب جديدة لمن يشاهدها من الأطفال كالطفل الذي وجدته في الأسرة يقلّد « السوبرمان» فيضع على كتفيه قطعة قماش ثم يقذف نفسه من أعلى مكان في حجرات البيت.. فخشيت أن يفعل كالسوبرمان فيلقي بنفسه من سور البيت أو سطح العمارة..., وما أنجاني من تفنيد الهدف الذي لم يكن على بعد ما فسره مراقب المطبوعات مما كتبت إلا أمران: الأول أنها فكرة راودت غرة ليس لها أبعاد تمتد بعيداً عن مجال بصرها الذي شاهدت به مسلسل «السوبرمان»، والثاني أن الصحف بعدها بأيام قد نشرت خبراً عن موت طفل في جدة وهو يضع «منشفته» فوق كتبه ويقذف بنفسه من سور سطح العمارة التي يسكن فيها إلى الأرض فلقى حتفه مقلداً « قذفة السوبر» الذي كتبتُ عنه, وكأنه الشاهد على توقعاتي.....!

وبعدها مذ ذاك استمرت الأفلام، والمسلسلات ونحوها في تجذير ثقافة الموت، والقتل, وتطورت لأساليب السرقة، وتزيين مرابح العملاء مهما اختلفت نمطية الأعمال التي يقومون بها في مقل ثقافات الاحتيال والتخطيط والمكر والإثراء غير المشروع، والاستهانة بالوسيلة من أجل الغاية والتربح والنفعية والوصولية.. من كل ما تحمله القصص والأفلام والمسلسلات ونحوها..

وها هو مجتمعنا قد احترف فيه النشء، بل الكبار مهارات التزييف السلوكي، والمراوغة، والتمرد على أسس التربية، وعلى المربين ومن ثم ها هي تنهال، وتترى نتائج ثقافة المشاهدة.., والمعرفة بخبرات المسالك الملتوية هذه تلك التي نقف منها بين نارين، وحدين إذ لا يمكن الانغلاق عن العالم, ولا يُحبذ أيضاً كل هذا الانفتاح ما لم تقابله خطة تربوية مكينة، وحماية نفسية واعية, وثقافة مكينة ضد العنف, والاعتداء، وضعف النفس, وعدم التراخي عن الخشية بمراعاة الضوابط النظامية، والمجتمعية، والأخلاقية, وبالتصدي الفردي لمنع الجريمة بكل أنماطها البسيطة, والمعقدة، المفضية إلى انتهاك حق مادي, وحرمة أعراض، وأرواح.. والإيمان المطلق بدور كل الأفراد المدنيين بهذا الواجب ضمن النظام والتعاون معه على الأقل في المحيط الذاتي والأسري, والعائلي.., والجيران.

فها هي الجهات كلها الأبوية، والأمنية، والصحية، والاجتماعية تقابل كل يوم الحالات المختلفة من صغار المعتدين وكبار المفرطين موجبة التأهيل، والعقوبة بمستوياتها..

من آخر النماذج قضية «سالم « حدَث الطائف، ورفقته أو أبناء الحي الذي يقطن فيه شاهد على ما قلتُ..., والقضية قيد المساءلة وجهات الاختصاص.., وهي واحدة من كثير مما تلمه صحائف تلك الجهات..

من هنا، أقترح لوزارة الداخلية أن تفكر في إنشاء مراكز رقابة ومتابعة الأحياء الأمنية «العسس», يكون عملها متابعة شؤون الشوارع الظاهرة والداخلية للأحياء وممراتها، وسيعها وضيقها قصيرها وممتدها, في الأحياء الراقية والشعبية والآهلة والمنعزلة.. توزع رجالها يمرون مترجلين وراكبين ليلاً ونهارا، تعيد بهم نظام العسس الليلي، والنهاري بشكل إيجابي، وفعَّال.., تنتقي له الأخيار, القادرين على التنزه، والصدق، والحزم، والقدرة على التفاعل الحيوي مع حركة الشارع، والمنعطف، وما بين البيوت تحت شروط صارمة، وحدود قاطعة..

نحن في وقت ساخن جداً بأحداث الأحداث ممن غلبت عليهم ثقافة المستهلَك مما يشاهدون, ويسمعون, ويقرؤون في تزامن مع خلو حياتهم من الرفقاء الآباء الذين يدركون كيف يتعاملون مع ناشئة هذا العصر من الفتيان والفتيات بوصفهما شباباً بين مطرقة واقعهم وسندان تربيتهم..!!

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب