Wednesday 28/05/2014 Issue 15217 الاربعاء 29 رجب 1435 العدد
28-05-2014

الخويطر الكبير .. الكبير

كان معالي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر - رحمه الله رحمة واسعة- كبيراً بقيمه ومقامه، وبفكره ومواقفه.. وعلمه وعمله وفي أستاذيته وقدراته، ومسلكه وتعامله وعمره وأقدميته، وحضوره وغيابه, عرفته عن بعد - رحمه الله- قبل خمسين عاماً مباشرة عقب عودته من إنجلترا وحصوله على الدكتوراه بفلسفة التاريخ من جامعة لندن، وأيضاً: عقب عودتي للوطن من غربة طويلة للدراسة بالعراق ولبنان، ومصر التي رسبت فيها في امتحانات الثانوية العامة، وكان قد مضى عليّ بالرياض عام أتممت خلاله المرحلة الثانوية من اليمامة الثانوية أدبي، حيث التحقت أولاً بكلية التجارة جامعة الملك سعود - رحمه الله -.

حينها كان الدكتور الخويطر أميناً عاماً للجامعة.. وإلى جانب مسؤوليته الإدارية كان يقوم بتدريس الفرقة الرابعة بقسم التاريخ مادة التاريخ السعودي في أدواره الثلاثة ثلاث ساعات في الأسبوع.

في ذلك الوقت كان مبنى كليتي التجارة والعلوم يضم كذلك إدارة الجامعة وكثيراً ما كنا نراه شاباً مرتباً في الثلاثينات كله حيوية يمتاز بالتواضع، والبساطة والانضباط والدقة بالعمل والتقيد بالنظام، ويبدو وقوراً رصيناً.

بعد انتقالي إلى كلية الآداب ووصولي فيها إلى السنة النهائية بقسم التاريخ من العام الدراسي 1965 - 1966م عرفتُ الدكتور الخويطر اعتباراً من هذا التاريخ عن قرب, حيث كنت من ضمن الذين تشرّفوا بالتتلمذ عليه واستفادوا من غزير علمه - رحمه الله-.

كان أثناء هذا الوقت يدرّسنا مادة التاريخ السعودي ثلاث ساعات أسبوعياً، وقد أصبح وكيلاً للجامعة يقوم بعمل المدير ورغم جديته وتشدّده بضرورة فهم الأحداث والتطورات التاريخية في كل أبعادها وتتبع أسبابها وخلفياتها برؤية موضوعية وبحثها بمنهجية علمية: شرح بعمق ووضوح عناصرها، وذكر لنا أهم مراجعها.

كان رغم تشدّده طلباً لبلوغ الغاية مريحاً.. نفرح به وسريعاً ما يمضي الوقت دون أن نشعر أثناء حصصه بالملل، إذ إنه بالإضافة إلى شخصيته المحبوبة يشدّك علمه ونوعية أسلوبه وتعليقاته التي تجبر على الابتسام.

وكان عاشقاً للغة العربية لأنها لغة القرآن جميلة مبدعة غنية استوعبت علوم ومعارف السابقين، وبواسطتها صُنعت إحدى أبرز الحضارات الإنسانية الكبرى. وعلى عكس كثير من الأساتذة حتى بعض من في أقسام اللغة العربية يحرص على سلامتها على - الأقل- بالقدر المعقول ومع ذلك يرى أن الجودة فيها مطلوبة خاصة على المستوى الجامعي بجميع التخصصات نظراً لأن اللغة.. أية لغة: أهم عامل لحفظ الكيان، وتعزيز ذات الأمة وبخاصة اللغة العربية التي يجتمع عليها المسلمون كافة.

رحم الله الكبير الكبير أستاذ الأساتذة ومعلِّم الأجيال عبدالعزيز الخويطر.

باحث بتاريخ الحضارات

مقالات أخرى للكاتب