Friday 30/05/2014 Issue 15219 الجمعة 01 شعبان 1435 العدد
30-05-2014

فقيد الوطن والتاريخ والتراث

خسر الوطن شخصية ثقافية فذة معالي الأخ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر الذي أثرى مكتبة الوطن بمؤلفاته الفريدة في موضوعها، ويأتي في مقدمتها موسوعته التراثية: (أي بني) التي تحمل رسالة صادقة، ورؤية ثاقبة أحكمتها التجربة في ميادين الثقافة والمعرفة والتعلّم والتعليم.

كما أن موسوعته الضخمة: (وسم على أديم الزمن) تحكي سيرته الذاتية وهي: ثرية بالعبر، وغنية بالخواطر.

وفي موقعه الوظيفي سخّر جهده وفكره ووقته لخدمة الوطن، فقد نال ثقة ولاة الأمر لنزاهته وإخلاصه وتفانيه في تقديم ما هو يراعي المصلحة العامة لا الخاصة في جميع المناصب التي تولاها سواء في وزارة الشؤون الاجتماعية أو وزارة المالية أو العمل أو التربية والتعليم أو التعليم العالي أو الصحة أو الزراعة حتى في منصبي وزير دولة وعضو مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء.

وفي تعامله مع الأدباء والكتَّاب والباحثين -وأنا واحدٌ منهم - كان يشعرك بتواضعه الجم، ويتناول ما لديك من مؤلفات وبحوث ودراسات برحابة صدر ويتأملها بعمق، فيطلع واحدة فواحدة، ومؤلفاً ومؤلفاً، ويبدي ما يراه مناسباً، وحينما يلحظ أن موضوع الكتاب ثري يتوقف بضع دقائق ثم يغلقه بهدوء قائلاً: بارك الله فيك أحسنت!

وقد لمست ذلك بنفسي حينما أهديت مؤلفاتي في دائرة الوطن المطبوعة، وبعض مؤلفات في دوائر مختلفة، منها في دائرة العلاقات الدولية والإقليمية، وفي دائرة الهيئات العالمية وفي دائرة الفرد والأسرة والمجتمع إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله- طلب معالي الأخ رئيس الديوان الملكي الأستاذ عبدالمحسن التويجري أن تحال لمعاليه ليقدّم عرضاً موجزاً عنها، ذهبت إلى مكتب معاليه للسلام عليه، فإذا بي أراه مسروراً، فاسترعى انتباهي هذا السرور فلم يمهلني - يرحمه الله رحمة واسعة - لقد سرّني تنوّع مؤلفاتك - ما شاء الله - في ميادين مختلفة، فشكرته على هذه اللفتة، فغمرني بأريحيته المعهودة قائلاً: أنت أديب وباحث موسوعي، ودبلوماسي بارع تعرف جيداً ما يتطلع إليه القارئ المثقف -مثلي - فأنا من المتابعين لما تكتبه في الصحف والمجلات من مقالات مفيدة، تختار موضوعاتك بعناية تامة حتى ما تتضمنه من معلومات وإحصاءات تدعم به - ما تراه - من حلول تدل على أنك كاتب واع ومثقف ثاقب النظرة لا تخطئ في آرائك، فهي سديدة، وفقك الله وبارك لك فيما تقدّمه من كتب ومؤلفات، فكتابك الفذ (التمثيل الدبلوماسي والقنصلي) أعود إليه بين الفينة والفينة لما تضمن من معلومات تاريخية دقيقة لم أجدها لدى أغلب من كتب في هذا الموضوع.

وأما مؤلفاتك في العلاقات الدولية والإقليمية أقصد في نطاق الهيئات الدولية محتفظ بأغلبها في مكتبي، فهي مراجع في بابها ككتابيك: (هيئة الأمم المتحدة) و(حركة عدم الانحياز)، وأما مؤلفاتك في نطاق الوطن التاريخية وسواها كمؤلفيك: (ميلاد المملكة العربية السعودية)، و(النفط السعودي) منذ عهد الملك عبدالعزيز وحتى اليوم، أو (المملكة العربية السعودية والمنظمات الدولية) فتعد موسوعة وطنية أحسنت في اختيار موضوعاتها بعناية تامة، فأنت مكانك المناسب هنا يقصد -رحمه الله - الديوان الملكي.

نهض مودعاً إلى نهاية مدخل مكتبه مطالباً بتزويده بالجديد أولاً بأول، ولا سيما مؤلفي الذي ذكرته له سيصدر قريباً بعنوان: (الحكم السعودي منذ عهد الملك عبدالعزيز وحتى اليوم).

رحم الله فقيد الوطن والتاريخ والتراث، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه وأسرته الصبر والسلوان. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

مقالات أخرى للكاتب