Saturday 31/05/2014 Issue 15220 السبت 02 شعبان 1435 العدد
31-05-2014

التجارة.. و«التسعير»

خطوة جريئة وضرورية، أقدمت عليها وزارة التجارة حين أخضعت حليب الأطفال الرضع لأحكام قواعد التنظيم التمويني في الأحوال غير العادية.

إصرار الموردين والوكلاء والموزعين على تجاوز جميع الخطوط الحمراء وإمعانهم في رفع الأسعار دون أسباب جوهرية مرتبطة بالقيمة في بلد المنشأ، أو اكتراث بأهمية المنتج، وحاجة المواطنين، أرغمت الوزارة على اتخاذ القرار.

لم يكن «التسعير» موجهاً ضد مصلحة التجار، بل جاء متوافقاً مع المصلحة العامة، ومحققاً للعدالة التامة، بالنسبة للتجار والسوق والمستهلكين، فالتسعير يهدف إلى وضع القيمة العادلة للمنتج، حماية للمستهلك من الاستغلال، وحماية للتاجر من جموحه المدمر، وحماية للسوق من الإخلال بقوانين المنافسة العادلة التي يفترض أن تكون المُحَدِّدَة لأسعار السلع في الأسواق الكفؤة.

لم ينتصر الدكتور توفيق الربيعة، في قرار «التسعير» للمستهلكين، فحسب، بل انتصر للكتّاب المنصحين الذين بُحت أصواتهم في الكتابة عن الممارسات التجارية الخاطئة التي باتت تثقل كاهل المواطن، وتتسبب في أضرار فادحة، وتداعيات خطيرة على علاقة بالاحتكار وفوضى الرقابة وتجاوزات بعض التجار.

عندما طالبت، في الأعوام الماضية، بتسعير حليب الأطفال وإخضاعه لقواعد التنظيم التمويني، وأشرت قبلها إلى ممارسات تجار الأرز غير المتوافقة مع قوانين المنافسة العادلة، تعالت أصوات المنافحين عن أخطاء السوق القاتلة، حماية لمصالح التجار لا المستهلكين.

من المؤسف أن يكون من بين أولئك المنافحين، بعض المسؤولين عن حماية المستهلك، وبعض المحسوبين على الوزارة، ممن تخلصت منهم مؤخراً، فنجحت في إحقاق الحق وفرض القوانين المغيبة ردحاً من الزمن.

قرار فرض غرامة مالية تُقدر بنحو 80 مليون ريال ضد عدد من المنشآت العاملة في مجال الأرز، لارتكابها مخالفات نظام المنافسة، بالإضافة إلى قرار تسعير حليب الأطفال، يؤكدان دقة وعدالة وأهمية مطالبات المختصين للوزارة من قبل باتخاذ الإجراءات الحاسمة، ويكشفان، في الوقت عينه، حجم تقصير الجهات الرقابية، وتسويفها بسط سيطرتها على الأسواق وحماية المستهلكين.

أعاد الدكتور توفيق الربيعة شباب الوزارة المترهلة، فأنصف الجميع وحقق العدالة، وحافظ على حقوق التجار دون أن يسمح لهم بالانتقاص أو السيطرة على حقوق المستهلكين.

وكالة الوزارة لشؤون حماية المستهلك باتت تعمل وفق قوانين الحماية لا رغبات التجار، وهذا ما أعاد لها شبابها الذي اكتسبته من روح رئيسها الشاب الطموح.

شكراً لكل من حمل الأمانة، واجتهد في أدائها بما يُرضي الله، ولا نزكي على الله أحداً.

الوزير الجراح

ستبقى وزارة الصحة من أكثر الوزارات المُنتقدة، وإن اجتهد وزراؤها في تقديم منتجات متميزة، تفوق في تميزها تميز الظروف، والبيئة الحاضنة، والإمكانات المتاحة.

دخل الدكتور عبد الله الربيعة «الصحة» برؤية مختلفة وأهداف محددة.. أحدث تغييراً في الوزارة، ركّز فيه على المنشآت الصحية، والأنظمة، والبروتكولات، فوضع المنهج العلمي للشؤون الطبية، المالية، الخدمية، الإدارية، والإنشائية، من خلال شركات تطوير عالمية متخصصة، وهو ما يمثّل قاعدة النجاح التي تضمن تحقيق متطلبات العمل المؤسسي المُستدام.

نجحت «الصحة» خلال الخمس سنوات الماضية في افتتاح 75 مستشفى و824 مركزاً صحياً مع وجود ما يقرب من 40 مستشفى في طور الإنشاء.. وطبقت أيضاً برامج الرعاية الصحية المنزلية، وأهلية العلاج في القطاع الخاص لمن لا يجد له سريراً في المستشفيات الحكومية.

كان للدكتور عبد الله الربيعة الفضل - بعد الله -، في تغيير تصاميم المباني الصحية، ورفع كفاءتها، وتطبيق معايير الجودة، والبناء، والمواصفات العالمية، وإدخال المعايير الحديثة في المستشفيات، ونقل ثقافة المستشفيات العسكرية المتقدمة، إلى المستشفيات الحكومية، خصوصاً فيما يتعلق بكلفة السرير، وعدد المرضى في الغرفة الواحدة، ونوعية العلاج المقدم، والأجهزة الحديثة.. كما أوشك على الانتهاء من مشروع التأمين الصحي التعاوني.

الخروج من الوزارة أمر حتمي، وإن كنت أتمنى أن لا يحتفظ الوزراء في مناصبهم لأكثر من دورتين وزاريتين.. برغم الانتقادات، أعتقد أن الدكتور الربيعة أحدث نقلة نوعية على مستوى الخدمات الصحية، وعدد المدن الطبية والمستشفيات والمراكز الصحية، والأنظمة، والإستراتيجية الصحية الوطنية.

العمل المؤسسي الإستراتيجي أشبه بمارثون التتابع، يُسلّم فيه الوزير المتسابق الراية لزميل آخر، من أجل إكمال المهمة التي بدأها، وبهذا يكتمل البناء.. أحسب أن الدكتور الربيعة نجح في تسليم الراية بعد أن قطع شوطاً مهماً، بكفاءة وزمن قياسي.. شكراً للدكتور الربيعة ولكل من أسهم في خدمة الوطن والمواطنين.

f.albuainain@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب